الأقباط متحدون - أعدِموهم.. فالمساواة فى الموت عدل
أخر تحديث ٢١:٤٢ | الاثنين ١٨ مايو ٢٠١٥ | ١٠بشنس ١٧٣١ ش | العدد ٣٥٦٤ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

أعدِموهم.. فالمساواة فى الموت عدل

محمود الكردوسي
محمود الكردوسي

بالقانون أو بالسياسة.. لا أستطيع أن أخفى سعادتى وشماتتى فى إعدام كل من ينتمى إلى عصابة الإخوان، حتى لو كانوا مليوناً أو عشرة ملايين. لن تضار مصر إذا قطعت إصبعاً من كفها قبل أن يتسمم الجسم كله، ولن تضار أيضاً إذا لوّحت للمتعاطفين مع هذه العصابة، والمستائين من حكم الإعدام، بحبل المشنقة. ليكن القضاء مسيّساً. لتكن السياسة عشيقة للقانون فى الحرام. ليكن تقدير القاضى، الذى أصدر الحكم، غشيماً لا يقرأ العواقب. ليكن رد فعل العصابة مزيداً من التصعيد: لن يضيرنا أن تسقط من اللوح أسماء شهداء جدد، فهذا موعدهم مع الله. ولن يضيرنا أن تجرى فى النهر دماء جديدة. لقد تعودنا على الموت. ألفناه. أصبح كالماء والهواء. يأكل معنا من الطبق نفسه. ينتظرنا على عتبة كل مستشفى. يقابلنا على «الدائرى» ويؤانسنا فى وحشة «الصحراوى». يختبئ فى كل «كابل عريان»، وبين كل حجرين فى بطانة رشاح. يخرج علينا من عتمة خزائن التراث ومن «أفلام جزارة السبكى».. أهلاً بالموت، لكن المساواة فى الموت عدل.

ليذهب القانون والسياسة إلى الجحيم. كل قوانين الدنيا - النازلة من سدة العرش والطالعة من نقص البشر - لا تساوى قطرة واحدة من دماء المصريين التى أهدرتها عصابة الإخوان. كل ضرورات السياسة وحساباتها البراجماتية لا تبرر قتل النفس التى حرم الله إلا بالحق. لا قانون ولا سياسة ولا دين يساوى لحظة رعب وألم وحسرة ونحن نشاهد بلدنا يُحرَق ويخرَّب ويُدفَع دفعاً إلى طابور ضحايا مؤامرة الربيع العربى. الشوارع والميادين التى تحولت إلى ساحات حرب. السيارات التى فُجرت واختلطت شظاياها بأشلاء الأبرياء. القنابل التى كانت تزرع فى محطات المترو ومواقف الأوتوبيس ولوحات الإعلان وصناديق الزبالة، وعلى قضبان قطارات الضواحى، وحتى بين أغصان الشجر. الضباط والجنود الذين ترملت زوجاتهم وتيتم أبناؤهم واحترقت قلوب آبائهم وأمهاتهم. الجنازات شبه اليومية، والسرادقات المنصوبة فى النجوع والكفور من «أسواننا» إلى «مطروحنا»: «يا نحكمكم.. يا نقتلكم».. فأهلاً بالموت، لكن المساواة فى الموت عدل.

ملعون أبو أم القانون حين يقف عائقاً دون إعدام هؤلاء القتلة، الخونة، أعداء الدين والوطن والإنسانية. ملعون أبو أم السياسة إذا كانت تقف عائقاً دون إحساس كل مصرى محب لهذا البلد بالشماتة والفرح وهو يستيقظ على صورهم وهم يُزَفون فى بدلهم الحمراء إلى نار جهنم.

عن أى جريمة عوقب -أو ينبغى أن يعاقب- هؤلاء الإرهابيون، الخونة؟. الجرائم - وفق القانون - كثيرة، والأدلة أكثر، والضحايا يشيرون إليهم من ثقوب أكفانهم. وبالمعيار السياسى جريمة واحدة، هى إقحامهم أو إعادتهم إلى الحياة السياسية بعد أن كان عبدالناصر قد قطع دابرهم وشردهم فى الأرض وطهر مصر من دنسهم. من الذى أعادهم؟. من الذى أخرجهم من مواسير الصرف وأطلقهم فى الجامعات والنقابات والأحزاب ليضرب اليسار والناصريين؟. من الذى أعاد إنتاجهم جهاداً وجماعة إسلامية، وأرسلهم فى بعثات قتل وتكفير إلى جبال أفغانستان، ليرتدوا إلى صدورنا جحيماً لا يُبقى ولا يذر؟. من الذى استخدمهم «فزاعة» للغرب وتركهم يتناسلون فى العشوائيات وفى عتمة الزنازين؟. من الذى قفز على تاريخهم الأسود وسجلهم الإجرامى، وصنفهم «فصيلاً وطنياً»، وأقنع شرائح واسعة من المصريين بأحقيتهم فى الحكم؟. من الذى أدخلهم «تحرير 25 يناير» وسلمهم زمام «الثور» فركبوا «ثورته المجيدة»، وألبسوها ثوب المؤامرة؟. من الذى أجلس خائنهم، محمد مرسى، على سدة الحكم، بحجة أن الخلاف معه ومع عصابته المجرمة.. سياسى؟. من الذى أفتى بأن دماءهم حرام، والحل الأمنى لن يردعهم، ولا بد من «مصالحة» تسمح باستيعابهم وإعادة من لا تزال يداه نظيفتين إلى الحياة السياسية؟.

لم أندهش حين أعلن مرتزقة 25 يناير عن قلقهم واستيائهم من الحكم الذى صدر بتحويل أوراق بعض كوادر عصابة الإخوان إلى المفتى. انتفضوا، وتخفّوا - كالعادة - وراء حجج واهية ومغرضة: القضاء مسيس.. الأدلة لا تكفى.. شهادة الفريق سامى عنان فى قضية الهروب من سجن وادى النطرون، والتى قال فيها: «ليس لدىَّ معلومات عن تسلل عناصر من حماس أو حزب الله أثناء أحداث 25 يناير»، ثم تلك الحجة البغيضة، التى لم تعد ملزمة: صورة مصر أمام الرأى العام العالمى!.

ليذهب العالم ورأيه العام إلى الجحيم. العالم لا يزال متوجساً مما يحدث فى مصر. العالم لا يزال يعتقد أن عصابة الإخوان تستحق فرصة. العالم يضغط على مصر بكل السبل لتعيد هؤلاء القتلة إلى المشهد السياسى. العالم لن يتركنا نهنأ بإعدامهم والثأر لشهدائنا إلا إذا قطعت مصر شعرة المؤامرة: «25 يناير».
نقلا عن الوطن


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع