الأقباط متحدون - لماذا لا يتدخل الرئيس؟
أخر تحديث ٢١:٠٨ | الخميس ٩ ابريل ٢٠١٥ | ١برمودة ١٧٣١ ش | العدد ٣٥٢٧ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

لماذا لا يتدخل الرئيس؟

الرئيس عبد الفتاح السيسي
الرئيس عبد الفتاح السيسي

 المرحلة التى تمر بها مصر الآن، ومنذ تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى مهام منصبه، هى الأكثر خطورة وحسماً للمستقبل المصرى كله، فالمصريون- وبعد أن نجحوا فى خلع رئيسين، للمرة الأولى فى تاريخهم منذ أن أسس الفراعنة دولتهم الأولى- عانت قطاعات واسعة منهم من الفوضى التى اجتاحت البلاد خلال الأعوام الأربعة السابقة كنتيجة طبيعية لهذه التغيرات التاريخية الكبرى. وفور وصول الرئيس السيسى لمنصبه منتخباً من أغلبية ساحقة من المصريين، وقادماً من المؤسسة الأقوى والأعرق فى البلاد، تولدت بداخل قطاعات ممن عانوا من توابع زلزالى 25 يناير و30 يونيو بعض مشاعر الحنين إلى الرئيس «الفرعون» القديم، بالرغم من أنهم هم أنفسهم الذين شاركوا فى خلع واحد وعزل الثانى فى خلال عامين تقريباً. وكان مبعث هذه المشاعر القديمة هو الرغبة فى عودة المجتمع إلى استقراره والتخلص من سلبيات الفوضى الأمنية والتدهور الاقتصادى والتوتر السياسى التى اجتاحت البلاد، ولم يكن فى المخيلة التقليدية لديهم من أحد يمكنه التخلص من كل هذا سوى الرئيس القوى المتدخل فى كل شىء والقادر عليه، أى بملامحه الفرعونية القديمة.

 
ومن هنا راحت صيحات كثيرة تتعالى داخل قطاعات شعبية وبعض صفوف النخبة تطالب وتتوقع من الرئيس السيسى أن يبادر باتخاذ القرارات التى تخص السياسات أو الأشخاص المتسببين، حسب رأيهم، فيما يجرى فى البلاد من اضطراب أو فوضى أو توتر. وكانت المفارقة أن تحميل الرئيس مسؤولية ما يجرى فى بعض القطاعات أتى من أقرب مؤيديه، وفى نفس الوقت من أشد مناهضيه، وتركز هذا تحديداً فى قطاعى القضاء والإعلام، ففى مجال القضاء، حمَّل المناهضون للدولة من الإخوان وأنصارهم وحلفائهم الرئيس وحده مسؤولية بعض الإجراءات والأحكام القضائية التى أثارت لغطاً كبيراً لقسوتها أو لكثرة الخاضعين لها بدون مبرر قانونى أو منطقى مقبول. وفى نفس المجال حمَّل كثيرون من أنصار الرئيس والدولة السيسى مسؤولية ما رأوا أنه تأخر أو تأجيل من القضاء فى إصدار وتنفيذ أحكام رادعة فى حق من يقومون بالإرهاب وإسالة دم المصريين والسعى لهدم دولتهم. وتكرر نفس الأمر فى مجال الإعلام الذى راح يشهد حالة من الفوضى والبلبلة غير مسبوقة، فالمناهضون حمَّلوا الرئيس ما رأوا أنه تجاوزات فى حقهم، بينما حمَّله المناصرون ما رأوا أن الإعلام يثيره من «شكوك» حول الدولة وسياساتها.
 
وبدت المفارقة الأكبر أن مناهضى الرئيس ومناصريه الذين يُحَمِّلونه المسؤولية عما يجرى فى هذين المجالين قد اشتركا فى ثقافة واحدة وحنين متجدد لرئيس «فرعون» يفعل وحده كل شىء، ويستطيع منع أو منح أى شىء. أما الحقيقة فقد كانت أبعد بكثير عن هذه الثقافة وهذا الحنين المريض، فالرئيس، كما هو واضح من الملاحظة الدقيقة لأدائه فى المجالين السابقين، شديد الحرص على عدم التدخل بشخصه أو بمؤسسة الرئاسة فى أى منهما، احتراماً لاستقلال القضاء وحرية الإعلام. الرئيس يترك للمؤسسات التى تدير الاثنين، كما حددها الدستور والقانون، اتخاذ قراراتها مستقلة، والقيام بأى تصحيحات ذاتية قد يستلزمها الأمر، استهدافاً منه لأن تُبنى دولة المؤسسات، التى تحل محل الفرد أياً كان موقعه فى إدارة شؤونها الخاصة.
 
وحتى يتم بناء دولة المؤسسات هذه سيظل البعض من مناهضى الرئيس ومناصريه يُحَمِّلونه المسؤولية عما يجرى فى الإعلام والقضاء فى المدى القصير، أما فى المدى المتوسط فسوف تنتصر رؤية الرئيس فى بناء المؤسسات، مهما كان الثمن الفادح آنياً، فرجاء من الرئيس ألا يتخلى عن رؤيته لبناء الدولة العصرية مهما اشتد هجوم المناهضين أو عتاب المناصرين.
نقلاعن المصرى اليوم

 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع