الأقباط متحدون - اتكل على الله يا عم دسوقي
أخر تحديث ١٩:٤٢ | الأحد ٢٢ يونيو ٢٠١٤ | بؤونة ١٧٣٠ ش ١٥ | العدد ٣٢٢٨ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

اتكل على الله يا عم دسوقي

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

كتب- علي سالم
لديّ ما أقوله لك، وطوال الوقت كان لديّ ما أقول، بغض النظر عن درجة أهميته أو درجة حفاوتك به، هذه المرة أنا أفتح لك نافذة على عالم بعيد تصادف أن كنتُ أنا أحد مكوناته منذ أكثر من أربعة وستين عاما. هو عالم أتصور أنه مهم للغاية عند المهتمين بشؤون السياسة وحركة المجتمعات. بالطبع أنا ككاتب لست مسؤولا عن نقل معرفتي إليهم، أنا فقط مسؤول كشخص يرى أن صنعة الكتابة تهدف في نهاية الأمر إلى تحقيق قدر من الإحساس بالبهجة والجمال عند القارئ، أي إنني مسؤول عن صنعتي التي استخدمتها في نقل هذه الخبرة إلى جيل جديد متعطش للمعرفة ويهتم بالسؤال ليس عما يحدث اليوم بل عما حدث بالأمس البعيد وتأثيره المؤكد على حاضره ومستقبله.

أيام قليلة أمضيتها في التدريب، ثم تقرر أن أعمل على أسهل خطوط الشركة وهو خط دمياط عزبة البرج. لم تكن هذه هي حسنة الخط الوحيدة، بل كان السائق عم دسوقي عبد السلام. الخط لا يعرف المتاعب فكل الناس على الخط تعرف أو أقارب لكل الناس. في الشتاء ثلاث عربات فقط، أما في الصيف فهذا الخط قادر على استيعاب أربعين سيارة أو أكثر.

لا يوجد طريق مباشر بين دمياط ورأس البر. لم يكونوا في ذلك الوقت قد شقوا الطريق غرب النيل الذي يصل وجه بحري بذلك المصيف الجميل رأس البر، ولذلك كان المعتاد هو أن ينزل الراكب في عزبة البرج ثم يعبر النيل في قارب بنفس تذكرة الأتوبيس. غير مسموح بدخول الموتور إلى رأس البر، تستطيع أنت وأسرتك أن تحصل على تصريح لمدة 45 دقيقة فقط للوصول إلى سكنك ولكن غير مسموح لك أو لغيرك أن يركب سيارته ويتهادى ويتمخطر في ذلك المصيف الهادئ.

مرتب الكمساري هو 13 قرشا في اليوم + معونة الغلاء + صافي مرتب شهر بغير الغلاء. هناك دخل آخر هو «مكافأة الإيراد»، فهناك معدل إيرادات مفترض لكل خط، أي زيادة عليه يستحق الكمساري والسائق عنها هذه المكافأة. وإليك الدرس الأول الذي تعلمته من أول أساتذتي في الأمنيبوس؛ لا بد أن تشعر بالغيرة على عملك، يجب ألا تشعر بأن زميلا لك في مجال العمل، هو أفضل منك. وأصل الحكاية أنني في يوم السوق وهو يوم الجمعة، لا أكون بالفعل متحمسا للعمل بنشاط، فالراكب في هذا اليوم يحول الأتوبيس إلى سوق أعجز عن المرور بداخله.

قال الأوسطى دسوقي بغير تأنيب أو ضيق: ألم تلاحظ أن كمسارية وسائقي السيارات الأخرى يحصلون على مكافأة إيراد، أضعاف ما نحصل نحن عليه؟ أنت قادر على العمل أفضل من الباقين، فقط ينقصك الإحساس بالغيرة.

بالتأكيد كان عم دسوقي يتكلم عن الغيرة الطبيعية وليست المرضية. منذ تلك اللحظة، حفرت كلماته قواعد لها في قلبي وعقلي. نعم أنا أشعر بالغيرة، وأريد في كل لحظة أن أكون أفضل مما كنت عليه في اللحظة السابقة. الإجازة لا تكون للسائق أو الكمساري وحده، بل تعطى في نفس الوقت للسيارة، وبذلك يكون من السهل دائما تحديد مسؤولية أي مخطئ. رئيس الورشة ليس مهندسا، هو فقط خريج مدرسة دمياط الصناعية قسم سيارات. جاهز يا عم دسوقي.. اتكل على الله.
 نقلآ عن الشرق الأوسط


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع