الأقباط متحدون - مؤسساتنا الدينية .. نقطة نظام
أخر تحديث ١٣:٠٢ | الأحد ٨ يونيو ٢٠١٤ | بؤونة١ ش١٧٣٠ | العدد ٣٢١٤ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

مؤسساتنا الدينية .. نقطة نظام

بقلم : مدحت بشاي
medhatbe@gmail.com
 
قد يرى البعض منا أن دعوة القوات المسلحة للكنيسة والأزهر للمشاركة في وضع خارطة الطريق ضرورة فرضتها ظروف حاكمة ، منها الرد على أصحاب إدعاء أن النظام المخلوع يتم تغييره لأن له مرجعية دينية ، فهاهو الأزهر الشريف المرجعية الأصيلة والسليمة ترفض الادعاء ، وأن الكنيسة القبطية والأزهر الشريف بتاريخهما الوطني المشرف يرفضان بما يمثلان من مؤسسات تمثل طوائف و انتماءات عقائدية متنوعة  استمرار نظام"مرسي" وعشيرته على كراسي الحكم بما كان يمثله من خطورة على سلام ونجاح أداء تلك المؤسسات لرسالتها الروحية ، وكمان انضماماً لكل القوى الوطنية المجمعة على فشل الإخوان الذريع في إدارة وطن بحجم وعراقة مصر ، وأن كل يوم ومع كل طلعة شمس كانت قيادت تلك الجماعة الموتورة توجه ضربات لمؤسسات الدولة في سبيل أخونتها ، ولعل تمثيل المؤسسات الدينية كان يُعد من وجهة نظر " السيسي " ضرورة للتأكيد على تمثيل كل مؤسسات الدولة بما فيها المؤسسات الدينية ليبدو أن الكل في حالة وفاق وتوافق لإسقاط نظام قررت تلك المؤسسات صعوبة العمل إدارياً ووطنياً في ظل  النهج الإخواني الفاشل ، والمشاركة في خيانة الأهداف والمصالح الوطنية العليا ..
 
ولكن ، من وجهة نظر أخرى أرى أن تمثيل المؤسسات الدينية لأتباعها عقائدياً ، حكاية كان ينبغى التوقف عنها ، وعندما يتم دعوتهم كمؤسسات ينبغي إعلان ذلك ، كيف تعلن مؤسسة دينية بالنيابة عني أي انحياز سياسي أو حتى أي خيار اجتماعي أو إنساني لتفرضه على مواطن لأنه يتبعها دينياً ؟!
لقد اعتادت النظم السابقة ــ على سبيل المثال ــ التحدث مع الأقباط عبر الكنيسة في شؤون بعيدة عن أمور المؤسسة الكنسية بشكل مباشر ، فعندما يتعرض المسيحيون في منطقة ما إلى اعتداءات أو الدخول في نزاعات على أساس الهوية الدينية ، يتم مخاطبة السلطات للكنيسة لتنوب عن عموم أقباط المنطقة ، رغم إن بلدنا يا ناس ياهوووووه فيها مؤسسات شرطية ونيابات للتحقيق ومحاكم ، ولكن وبغرابة شديدة الحكاية تروح لأمن الدولة ، وبعد كده الموت الزؤام سواء بالذهاب للجان الوئام العبيطة أو بترهيب المجني عليهم ، أو إعلانها قضية رأي عام لتلوكها برامج اللوك لوك للاسترزاق الإعلامي فترة تنتهي بتصريح بوعد أن الجاني لن يفلت بجريمته، وبس !!!! 
 
لقد هزني ، بل وأحزنني كثيراً استمرار ذلك النهج الغريب بعد الثورة وبعد تولي كرسي البابوية البابا تواضروس الثاني ، عندما قررت الكنيسة قبول تمثيل الأقباط سياسياً في لجنة الخمسين ولا وجود لأي مفكر سياسي بعيد عن الدوائر القريبة من الرموز الكنسية ، فكانت النتيجة ما وصفه نائب الدعوة السلفية بأنه انتصار في معركة اللجنة على العلمانيين والأقباط وضحك عليهم لمحدودية خبراتهم التفاوضية والسياسية ( وبالمناسبة " الدعوة السلفية " هي مؤسسة دعوية طلع ليها حزب وبيتكلم باسم الدعوة في لجنة الخمسين سياسياً .. ليه برضه بعد ثورة قامت لتسقط فكرة الأحزاب بمرجعية دينية ؟!)...أمور تجنن يا ريس !!
في زمن مبارك ، وعندما اختلف مع رأس الكنيسة عين إياميها قام بتعيين نائب في البرلمان يعلم تماماً رفضه من جانب الكنيسة ، وعلى الجانب الأخر وفي زمن الإخوان ووجود رأي عام برفض قبول تعيين أقباط في برلمان إخواني رشحت الكنيسة مجموعة قبلت للأسف الترشيح ، فباتت علامة سيئة في تاريخهم وتاريخ الكنيسة !!! 
 
أناشد قداسة البابا تواضروس الثاني عدم الاستجابة لتلك النداءات السياسية ، والاكتفاء بالدور الروحي والوطني ، ياريت مزيد من دروس عبر مدارس الأحد للحديث عن تاريخ الكنيسة الوطني ورموز الأقباط من الإكليروس والعلمانيين ، و أذكرهم بالمقطع الرائع ده من خطاب الرئيس عدلي منصور الأخير ، وهو أول رئيس مصري يزور الكاتدرائية في تاريخنا المعاصر .. قال " إِخْوَتِي فِي الْوَطنِ .. مَسِيحِيي مِصر .. كَمَا كَانَتْ مِصرُ رَائِدةً سَبَّاقةً لِنَشرِ الدَّعوَةِ الْإِسْلامِيَّةِ .. وإِيصَالِ صُورَةِ الْإِسْلامِ الْحَقِيقِيَّةِ .. فَإنَّ مِصرَ الْقِبطِيَّةَ جُزءٌ لا يَتَجزَّأُ مِنْ نَسيجِ هَذَا الْبَلدِ الطَّيبِ الْمُبارَكِ .. ومُكَوِّنٌ أَصِيلٌ مِنْ تَارِيخِ مِصرَ الثَّرِي. فَأَقُولُ لِأقبَاطِ مِصرَ لَقَدْ أَسْهَمْتُمْ إِسْهَاماً كَبِيراً فِي نَسيجِ هَذِه الْأُمَّةِ الْمِصرِيَّةِ .. اِرتَوَتْ سَيناءُ الْمُبارَكَةُ بِدِمَائِكُم الَّتِي اِختَلَطَتْ بِدِمَاءِ إِخوَتِكُم الْمُسلِمِــينَ فِـي مَلحَمَـةِ نِضَـالٍ وَطنِـيٍّ.. ضَرَبَتْ لِلعَالَمِ أَجمَعَ .. أَسمَى مَعَانِي الْوِحدَةِ .. والاِنْدِمَاجِ فِي حُبِّ الْوَطنِ..وقَدْ ظَلَّتْ مِصرُ بِمُكَوِّنِهَا الْمَسِيحِي وَلَّادَةً مِعطَاءَةً .. فَجَادَتْ بِخِيرَةِ أَبنائِهَا مِنَ الْمَسِيحِيينَ .. الَّذِينَ سَاهَمُوا إسْهَامَا جَلِيلاً فِي كِتابَةِ تَارِيخِ هَذِه الْأُمَّةِ .. وصِنَاعَةِ حَاضِرِهَا .. واسْتِشرَافِ مُستَقبَلِهَا .. الْحَكِيمُ الرَّاحِلُ الْبَابَا شِنُودَة الثَّالِث .. مَكرَم عِبيد.. فُؤاد عَزيز غَالِي .. بُطرُس بُطرُس غَالِي.. كَمَال الْمَلَّاخ.. د. لوِيس عَوَض.. د. يُونَان لَبِيب رِزق.. د. مَجدِي يَعقُوب .. وغَـيرُهُمْ كَثِيرُونَ .. شَخصِيَّاتٌ وَطنيَّةٌ.. لا يُنكَرُ لَهَا فَضْلٌ.. ولَمْ تَتَقاعَسْ عَنْ أَداءِ وَاجِبٍ .. مُوقِنٌ أنَّ عَطَاءَكُمْ سَيَستَمِرُّ .. وأنَّ مُسَاهَمَاتِكُمْ فِي بِناءِ هَذَا الْوَطنِ سَتَظَلُّ ثَرِيَّةً .. مُتَعَدِّدَةً وسَخِيَّةً.. فَقَدْ شَارَكْتُمْ فِي ثَورَتَينِ مَجِيدَتَينِ جَنباً إلَى جَنبٍ مَعَ إِخوَتِكُمْ الْمُسلِمِينَ.. أَعَدْتُمْ إلَى أَذهَانِنَا صُورَةً حَيَّةً لِرُوحِ ثَورَةِ 1919 الَّتِي اتَّحَدَ فِيهَا الْهِلالُ مَعَ الصَّلِيبِ..حَقِيقةً مُؤكَّدَةً .. ووَاقِعاً مَلمُوساً .. لا شِعَارَاتٍ رَنَّانَةً.. أو مَقُولاتٍ جَوفَاءَ." ..
 
ياريت يُلقى المقطع ده من الخطاب في مدارس الأحد ، وأن يغير الرئيس الثامن مواقف السلطة من قضايا الأقباط وأن يكون الحوار مع المؤسسات الدينية فيما يخص مشاكلها وأحلامها الإدارية فقط ، وليس باعتبارها السلطة الحاكمة لأتباعها روحياً .. مجرد نقطة نظام في بداية عهد جديد ..

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter