الأقباط متحدون - فنون الحرب.. والحياة
أخر تحديث ٠١:٤١ | الخميس ٢٧ فبراير ٢٠١٤ | أمشير ١٧٣٠ ش ٢٠ | العدد ٣١١٣ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

فنون الحرب.. والحياة

سيلفيا النقادي
سيلفيا النقادي

بعد عشرين قرنا من الزمان.. أى بعد مضى 2000 عام مازالت التعاليم الإستراتيجية العسكرية «لسن تزو» sun tzu المحارب الصينى والقائد العسكرى هى بمثابة «الكتاب المقدس»

لأى قائد عسكرى أومقاتل يبحث عن دليل إستراتيجى محكم عن فنون الحرب والقتال وما وراء ذلك من فلسفة مغلفة بطبقات عالية من الخبرة والإنسانية والحكمة غير القابلة للنقاش وذلك من خلال كتاب «فنون الحرب».. هذا المرجع العسكرى «التكتيكي» الذى يعود إلى القرن الثانى ويعتبر واحدا من أشهر المؤلفات العسكرية الكلاسيكية الصينية بالإضافة إلى كونه الأكثر تأثيرا على الفكر العسكرى الغربى والشرقي.

حيث تدرس تعاليمه حتى الآن لأنها تحمل رؤى ثاقبة.. عظيمة وبصرية لا تنفصل عن الزمان أو المكان وذلك من خلال فلسفة تستخلص إن «النصر» لا يحتاج إلى معركة لتحقيقه وإن الحروب هى الشر الذى لا ينبغى اللجوء إليه إلا بعد فشل كل الحلول الممكنة.

ولأننى لست محاربة أو انتمى إلى المؤسسة العسكرية من قريب أو بعيد إلا فى إعجابى الشخصى بقائدها وتقديرى الخاص لدورها.. ولأننى لست من هواة قراءة الكتب العسكرية ولا أدعى أننى أستوعب كثيرا من تعاليمها إلا أننى رأيت فى هذا الكتاب الذى رشحه أبنى لى تشابها كبيرا بين فنون الحرب وفنون الحياة فكلاهما يحتاج إلى هذه الإستراتيجيات وهذه التكتيكات الحكيمة لخوض المعركة ـ حتى وإن كانت معركة الحياة ـ والانتصار فيها دون الحاجة للقتال.. لذا أسمح لى عزيزى القارئ ان اشاركك بعض المقتطفات من هذا الكتاب، الذى يمكنك الاستلهام منه تعاليم كثيرة فى الحياة بل وفى العمل أيضا.

يقول «سن تزو» فى البداية.. ينبغى أن نعرف قدراتنا وقدرات خصومنا.. فإذا كنت تعرف قدرات نفسك فقط وتجهل قدرات خصمك فسوف تعانى من هزيمة ما فى كل نصر.. أما إذا كنت تجهل الاثنين معا فالهزيمة المؤكدة هى حليفك فى كل معركة.

وكما فى الحياة يرى القائد أن هناك طرقا ينبغى أن لا نسلكها وجيوش لا نحاربها ومراكز لا نتنازع عليها وأوامر أحيانا لا نطيعها!!.

فى معركة الحياة نحتاج مثلما نحتاج فى ساحة القتال إن نظهر الضعف عندما نكون أقوياء ونبدو أقوياء عندما نكون ضعفاء.. تجنب المخاطر لا يؤدى إلى النصر.. أما «السرعة» فهى من أعظم فنون المعارك حتى لا تضيع الفرص الجيدة.

القائد الذكى هو ما يتجنب جيشا مرتفع المعنويات ولكنه يسرع بالهجوم عندما تحمل المعنويات وتنحنى وهذه هى فنون دراسة الأهواء والمزاج العام وعندما يسمح بالسيطرة على الموقف وفرض القبضة عليه يترك بابا مواربا فلا يضغط على عدو محبط بشدة.

القائد الذكى لا يعاقب جنوده قبل إن يظهروا ولاءهم وحبهم له.. والا لن يخضعوا له!! وإذا أتحدت قواته.. فعليه إن يفرقهم مثلما يقول المثل الشعبى عندنا «فرق تسد».

كل المعارك الناجحة تعتمد وترتكز على الخدع والمحارب الحكيم يفوز أولا ثم يذهب إلى المعركة بينما المحارب المهزوم يذهب للقتال أولا ثم يبحث عن النصر.. وأعلم أنه فى منتصف الفوضى توجد دائما الفرص.. أيا كانت الفرص!!.

وأنك عليك أن تنتهز دائما المناسبات الملائمة فى ترقية ومكافأة المستحق وإلا لن ينفذ أتباعك أوامرك.. ولاحظ أنه عندما يصبح العامة من الجنود أقوياء وضباطهم ضعفاء تصبح النتيجة تمردا.. أما إذا أصبح الضباط أقوياء والجنود ضعفاء فالنتيجة ستكون حالة من الانهيار.

ينبغى ألا ننسى أن أكثر الأعمال نجاحا هى التى يقودها أفراد أقوياء قادرون على حشد القوات وتحفيزهم لأعظم الإنجازات مع الانتباه والتركيز على هؤلاء الذين يتقدمون وينجزون دون هدف الوصول إلى المجد أو الشهرة.. هؤلاء إذا ما أخفقوا لا يهربون من المواجهة أو اللوم.. هؤلاء الذين لا هدف لهم إلا الايمان بالله والوطن!! هؤلاء النادرون هم جوهرة أوطانهم.

النصر يتحقق عندما تعرف متى تخوض المعركة ومتى تتجنبها.. سوف تنتصر عندما تستطيع السيطرة على كل من قواتك الرئيسية والتابعة.. ستنتصر عندما تكون مستعدا وتنقض على عدو غير مستعد.. ستنتصر عندما تعرف تنتقى وتستخدم أعلى العناصر الاستخباراتية المخلصة فى فريقك.

هذه كانت مجرد لقطات من كتاب هذا المعلم الفريد ليس بهدف الاستعراض لفنون الحرب بقدر التأمل والاستلهام من تعاليم مضى عليها عشرون قرنا من الزمان.. تعاليم ربما تلهمنا لإدارة الحياة وربما تلهم الرؤساء وحتى المرءوسين بأهمية الاستراتيجيات التخطيطية فى وضع أسس للتعامل والإدارة تدفع العاملين إلى التقدم والانتماء والاخلاص والنجاح... النصر بلغة العسكريين!!.

نقلا عن الأهرام


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع