الأقباط متحدون - مؤسساتنا الدينية .. نقطة نظام
أخر تحديث ١٤:٠٥ | الأحد ٢٢ سبتمبر ٢٠١٣ | توت ١٧٣٠ ش ١٢ | العدد ٣٢٥٩ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

مؤسساتنا الدينية .. نقطة نظام


بقلم : مدحت بشاي

 
نعم ، ياله من مشهد مأساوي تابعه الملايين على الهواء عندما قرر إرهابي حقير إطلاق رصاصات الجبن والخسة إلى صدر اللواء النبيل نبيل فراج بمجرد تقدمه ورجاله لتطهير منطقة كرداسة وتحريرها من سطوة بلطجية جماعة الإخوان ، ولكن البارز في المشهد وكل المشاهد المماثلة بداية من مواجهات رابعة والنهضة وسبناء ، ومروراً بدلجا ووصولاً لكرداسة وناهيا .. البارز هو مدى حالة التبعية والقناعات الخاطئة إلى حد البشاعة والتباتة بمفاهيم وفتاوى التضليل والتعاليم الخارجة عن نطاق العقل والمنطق من جانب من أطاعوا أوامر وتوجيهات تلك القيادات والرموز التي تدعي أنها حاملة توكيل سماوي ليفعلوا بالبلاد والعباد ما يريدون .. فبمجرد الكلام والإفتاء بشأن الشيعة ، يتم التنفيذ .. قتل وذبح وتمثيل بالجثث ووصولاً إلى دلجا وعمليات الترهيب والترويع لأقباط القرية واستحلال أموالهم وممتلكاتهم وفرض الجزية والإتاوات والتهجير القسري وهدم وحرق كنائسهم وجمعياتهم وحرمانهم من الصلاة !!!
 
 وعليه فإنني أرى حكمة وصواب القرار الذي أصدره الدكتور محمد مختار، وزير الأوقاف، بمنع إقامة صلاة الجمعة في المساجد والزوايا التي تقل عن 80 مترا وقصرها على المساجد الكبرى، وأن يكون الخطباء من الأزهريين فقط ، فكان إغلاق أكثر من 2080 مسجدا وزاوية في صلاة الجمعة، وإلغاء تعاقد 2187 إمام غير أزهري حتى الآن، كما تم الإعلان وفقا لبيان الأوقاف الذى تم توزيعه على مديريات الأوقاف بالمحافظات ، عن فتح باب التعاقد لخريجى الكليات الأزهرية لسد العجز فى الأئمة.
 
لا شك أن متابعة المؤسسات الدينية ، والسعي لتطوير أليات عملها وإصلاح من خرجوا عن محددات أهدافها الروحية والاجتماعية ، أمر هام ومطلوب ولا ينال من قدرها ، فالخطأ البشري وارد ، ولا ينبغي تكرار ترديد حكمة " لا تقولوا إصلاح المسجد أو الكنيسة ممايوحي بفساد تلك المؤسسات ورجالها !!!
 
ولعلي أشرف بعرض ماجاء ، في العدد السابع بمجلة مدارس الأحد بتاريخ سبتمبر 1952 ، كتب نظير جيد ( البابا شنودة الثالث ) المقال الافتتاحي للمجلة ، وأشار في صدرها  منبهاً بعبارة "حول نبأ خطير جداً" وبعنوان للمقال " إلى البابا يوساب الثاني " .. وأود أن تراعي عزيزي القارئ السياق التاريخي والمناخ العام أنئذ ..جاء فيها :
 
نقدم احترامنا العظيم إلى مقامكم الرسولي وبعد ، فقد نشرت إحدى الصحف السياسية الأسبوعية نبأ خطيراً جداً ، لو صح ، لهلع له كل قلب يحب الله ويهمه ألا تهلك النفوس ... بل يكفي هذا النبأ ، إذا صح ، أن يزلزل السموات والأرض زلزالاً عنيفاً ..أما هذا الباب فمؤداه أن أحد خدم الدار البطريركية " كان يبيع كراسي المطراتية بالمزاد !!! الذي كان ثمن الكرسي فيه لا يقل عن خمسة آلاف جنيه !! " ..
 
وأنتم يا أبانا ، كرئيس للرعاة الذين استؤمنوا على ملايين النفوس لقيادتها إلى مملكة الله ، وإنقاذها من الهلاك الأبدي ، أنتم تعلمون أن قوانين الرسل تقول " أيما أسقف أو قس أو شماس اقتنى درجة من درجات الكهموت بالمصانعة ورشى فيها رشوة أو وعد برشوة لكي يقتبل الدرجة بالمكر والخديعة أو الخبث فلا تُقبل رياسة منه ، ولا يكون عندكم إلا بمثابة وثني ، وهو محروم وملعون ويُنفى من كنيسة الله ويُتجنب كلامه وخلطته كما منعت أنا بطرس خلطة سيمون ، ونفيته من كنيسة الله بأمر الروح القدس " ..
 
إنكم يا أبانا لستم في حاجة إلى من يذكركم بهذه القوانين المقدسة .. فهل حقاً يا أبانا يوجد بين رعاتنا من يستهين بهذه اللعنات والحروم ؟! هل حقاً أن من بين الرعاة الذين استأمنهم ملك الملوك ورب الأرباب ، على نفوسنا بعد أن مات لخلاصها ، وحملتهم القوانين الرسولية مسئولية تدبير جميع امورنا الروحية والاجتماعية .. هل حقاً يوجد بينهم أحد قد اشترى رتبة الكهنوت الخطيرة براهم كما أراد سيمون الساحر..فاستقرت عليه اللعنة ! هل يوجد بين رعاتنا يهوذا آخر ؟!
 
لا تسمح ياالله محب البشر !
 
نريد يا أبانا منكم جواباً شافياً سريعاً ، نريد ألا يكون هذا صحيحاً ، نريد بياناً قوياً وحاسماً حتى تطمئن قلوبنا ، ولا نجلب عاراً على اسم مخلصنا الحبيب بين شعوب الأرض ..
 
نريد تحقيقاً سريعاً ثم بياناً من أبوتكم يُنشر في جميع الصحف مؤيداً بالأسانيد يتحدى كل إشاعة شريرة ملفقة ..أما إذا ثبت صحة هذا النبأ المشئوم فننتظر منكم عملاً حاسماً سريعاً .. رأفة بكنيسة المسيح ..
 
فأنتم تعلمون أن الله قد أمر بعزل من كان زانياً أو سكيراً أو خاطفاً أو حتى شتاماً من بين المؤمنين إلى من يتوب ويرجع إلى الله .. فكيف نحتمل أن نسمع أحداً يقول أن بين رعاة كنيسة المسيح الذين استؤمنوا على رعيته من يشتري الرتبة الإلهية الخطيرة برشوة ؟..يا أبانا نريد جواباً سريعاً شافياً ، وإنا لمنتظرون.... ( انتهت رسالة نظير جيد )..
 
أما حكاية سيمون الساحر فتفاصيلها .. (Simon اسم عبراني معناه "السامع" وفي الأصل لفظه نفس لفظ الاسم "سمعان" وردت قصة سيمون في الإصحاح الثامن من سفر الأعمال (9-24) وكان يدهش شعب السامرة بسحره، فكانوا يقولون أن سحره شيء عظيم، واعتقدوا أن قوة الله العظيمة حلت فيه! وجاء فيلبس المبشر والشماس يكرز بالإنجيل في السامرة ورأى سيمون المعجزات التي تجري على يد فيلبس، فأيقن أنها تجري بقوة أعظم من سحره، فآمن واعتمد ولازم فيلبس مندهشًا من المعجزات التي يجريها. ويبدو أن إيمانه لم ينشأ عن توبة إنما عن ثقة في قوة سحرية أقوى من قوة
 
سحره. وسمع بطرس ويوحنا عن عمل الله في السامرة، فنزلا إليها. وأجرى الرب بهما معجزات أخرى شبيهة بتلك التي حدثت يوم الخمسين (أعمال 2) فأندهش سيمون أكثر، وأسرع طالبًا معرفة تلك القوة السحرية العظيمة مقدمًا المال ثمنًا لذلك، فوبخه بطرس بشدة وطلب منه أن يتوب. وقد عرفت الكنيسة شناعة هذه الخطيئة فأطلقت اسم السيمونية على كل من يتاجر في الوظائف الكنسية)
 
أخيراً ، أود التأكيد على أهمية ألا تقع تلك المؤسسات تحت ضغط شعبي أو ضغوط سياسية ، وأن تكون آليات عملها بشفافية وموضوعية .. مؤسساتنا الدينية ورموزها تواجه تحديات هائلة ، وعليه ينبغي العمل المشترك في مجال دعم القيم الإيجابية .. التحريض ضد الفساد والرشوة و الكذب والاحتيال .. الخ..
 
مطلوب من مؤسساتنا الدينية مجالسة الناس ، والسماع لأناتهم الاجتماعية والإنسانية ، وأن تُعلي قيم التنوير والثقافة الدينية دون تعقيد أو تعالي .. مطلوب مكاتب إعلامية لتحقيق تواصل إيجابي مفيد ..


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter