الأقباط متحدون | رسالة إلى الرئيس
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٣:٥٧ | الأحد ٢٩ ابريل ٢٠١٢ | ٢١ برموده ١٧٢٨ ش | العدد ٢٧٤٥ السنة السابعة
الأرشيف
شريط الأخبار

رسالة إلى الرئيس

الأحد ٢٩ ابريل ٢٠١٢ - ٠٠: ١٢ ص +03:00 EEST
حجم الخط : - +
 

 بقلم- أحمد صبح

 
(غمامة، وسحب، ورعد، وبرق، وتعذيب أمام أوباما) 

سيادة الرئيس/ باراك أوباما

تحية طيبة وبعد،،
 
لا أستطيع أن أعبّر عما يجيش في صدري من معان، والقلب يقطر دمًا، والفؤاد يضطرم لوعة وأسى، فأنا نهب مقسم لخوالج متناقضة، تكبحني رهبة ثورة الخوف والتوجس والإشفاق، نظرًا لما رأيته من أجهزتكم الأمنية الظالمة، والتي مازال صعق الكهرباء يؤثر على ضحاياها، وكذلك نفخ البطون ، ونزع الشوى، ولكن مع ذلك تستحثني نشوة تثير الشجاعة والإقدام، وأي شجاعة أعظم من اقتحامي إليكم سدود الرهبة والتوجس والخوف والإشفاق، حتى أقف عن طريق منبر "الأقباط متحدون" باسطًا قلمي لتراجع  الولايات المتحدة الأمريكية نفسها في ملف حقوق الإنسان، خاصةً أن منْ يقوم بالتعذيب في بلادنا كان وكيلاً للقوة العظمى في العالم، يعمل لحسابها، ويعذب بأدواتها، وفي النهاية يحصل على مرتبه منها عن طريق ما يُسمى بالمعونة، بل كانت المرتبات تأتي مباشرة من "الولايات المتحدة" عن طريق البنك العربى العقاري، وقد نشرت جريدة "الدستور" المصرية ذلك في عام 2008 م في الصفحة الأولى تحت عنوان "مفاجأة.. أمن الدولة يقبض مباشرة من الولايات المتحدة"..!!!
 
إنني من أولئك الضحايا الذين أتاحت لهم ثورة الشباب في مصر عام 2011 الفرصة لمضابطة معاليكم، ولذلك تجتاحني نشوة بهيجة بأن أتاح لي الله سبحانه فرصة عزيزة نادرة، اهتبلتها من دهر شحيح ضنين، لكي أعبر بقلمي عن مأساة عظيمة لم تزل مكتومة في سر قلبي.
 
سيادة الرئيس، لقد عرضت الأمر على العقل منفصلاً عن شخص، ليس نفاقًا لقادر أو طلبًا لمصلحة، أو زلفى لمن بيده النفع أو الضرر، فلا يمكن أن يعرف الإنسان الخير ولا يفعله، ولا يمكن أن يعرف الشر ثم يُقدم عليه؛ لأن الإنسان اليائس من الحياة تهون عليه الحياة ويسترخص الموت، فيقع في هاوية الانتحار ويبوء بإثمه، والذي لا يدفع جريرته سواه، فاليائس من الحياة شر على الحياة كلها، وعلى البشر الأبرياء الذين يدفعون رغمًا عنهم ضريبة هذا القنوط من رحمة الله.
 
إن اليائس من الحياة كالوحوش الضارية، يوزِّع أذاه على الجميع، خاصةً أنه خرج من الدنيا وهو من أهلها.
 
سيادة الرئيس، أنا من الذين كُتب عليهم الشقاء، أن يبقوا في سجون عملائكم عقودًا من الزمان، في ظل ليل دامس، بطيء الكواكب، مالك الجنبات، وفي ظله محنة فاشية ندر فيها الغوث وقل فيها المعين، ضاع فيها الماضي والحاضر والمستقبل، ومات فيها الأجنة الواحد تلو الآخر، حاملين النزير لنا باقتراب النهاية، ونحن نعاني من مقبض السيف ورهبة البطش، إلى غير ذلك من كل ما يشتمل الباطل أو يرهب به الظلم.
 
سيادة الرئيس، لقد كنا نعذَّب بالأدوات الأمريكية التي تم منحها للعملاء، وقد كانوا بارعين في استعمالها، حيث الصعق بالكهرباء والكلابس الأمريكي والعصا الديمغو الأمريكية والسرير المعد في ورشة التعذيب، لا يوجد من الجنسية المصرية إلا الضابط والجندي اللذان يمارسان التعذيب على الأرض المصرية، بل الأدهى من ذلك تلك السجون الخراسانية في قيظ الصحراء وعلى متنها بالمال الأمريكي بحجة محاربة الإرهاب، وأنا من الذين كانت آلات التعذيب الأمريكية تنهش جسدهم في ورش أمن الدولة وفي السجون والمعتقلات دون تهمة، ولكن الغرض من ذلك هو إرضاء السيد الأمريكي في (cia) وإزعاج الأبرياء باطلاً وإرهاق الشرفاء إعناتًا.
 
سيادة الرئيس، لن أشرح لك ما لاقيناه في السجون والمعتقلات على أيدي عملائكم ولحساب "الولايات المتحدة" من مآس قاسية تفطر لها الأكباد، فيمتد الشقاء ما يمتد ولا يزال كأنه على أوله لا يتقدم إلى نهاية، ويتألم الإنسان ما يتألم ولا تزال تشعره الحياة أن كل ما فات من العذاب إنما هو بدء العذاب، والشقاء في تفصيله وجملته هو انحباس الفكر في معنى الألم والخوف والاضطراب، فعالمنا في الليل الظلام والبكاء، وعالمنا في النهار هو الضرب والألم بالأجهزة الأمريكية وبالعملاء الأمريكان، وأصبحت الزنزانة كأنها رقعة أطبقت عليها كل غيوم السماء، بل هي أرض اجتمعت فيها كل زلازل الأرض بعدما ساقوا الضحايا إلى السجن الظالم والنفي القاهر دون تهمة أو إدانة.
 
سيادة الرئيس، ألا تعلم أنه تحت إشراف أجهزة الأمن الأمريكية كنا نقع ضحايا تحت يد العملاء، لتقف الأهواء الجامحة والمصالح الخاصة والأحقاد المتجبرة والعداءات المورثة مسنودة بالمال الأمريكي وبالسياسة الأمريكية، الأمر الذي ينكشف من فريسة عزلاء لا تفزع بقوة ولا ترهب بنفوذ، فلبعض الناس سيادة الرئيس ولع شديد في انتقاص البراء من الناس واختلاق شتى المثالب المندية بهم اختلاقًا إفكًا، ظلمًا لهم وعدوانًا على المجتمع بالعاطل من الاتهام والساقط من الإدعاء، حتى أقاموا عندنا ورشًا للتعذيب بالأدوات الأمريكية وبالمال الأمريكي، ثم أوجدوا ما يُسمى بالسجون السرية لإيداع الضحايا فيها، وكان لي نصيب من هذه السجون فيما يُسمَّى بمغارة الجبل في تأديب سجن المرج العمومي، وقسم ثالث أبي زعبل.. كل ذلك وأنتم تدفعون للعملاء تحت إشراف جهاز الـ cia، خاصة لأولئك الذين تريد السلطات الأمريكية الحصول على اعترافات لديهم، ولما كان القانون الأمريكي يمنع التعذيب ولا يتم على أرض أمريكية، كان يقوم بذلك العملاء في "مصر" و"الأردن" و"المغرب" وغيرهم لحساب السيد الأمريكي وأدوات التعذيب الأمريكية.
 
سيادة الرئيس، تحت وطأة التعذيب مات العشرات، وفي السجون المدعومة أمريكيًا مات الكثيرون، ولا يُحاسب أحد أحدًا، اللهم إلا أن الضحية مات بهبوط حاد في الدورة الدموية. ودع الكثيرون الدنيا- سيادة الرئيس- دون أن يجدوا أحدًا يزفر عليهم زفرة رثاء، أو يسكبوا على أضرحتهم عبرة آسفة. 
 
سيادة الرئيس، في الوقت الذي تقوم "أمريكا" بتضييق الخناق على "إيران" وتطالب "سوريا" باحترام حقوق الإنسان، إذ بـ"الولايات المتحدة" تصدّر أدوات التعذيب إلى بلادنا، وتنفق من جيوب دافعي الضرائب الأمريكان على تدمير حقوق الإنسان في "العراق" و"مصر" و"أفغانستان"، لتضربوا على قلوب الشعوب بالاسداد، وتسوموا شعوبنا الخسف، وتمنعونا النصف، فبم سيادة الرئيس تفسرون هذا التناقض؟!!!.
 
سيادة الرئيس، لقد تجلت كلمح البصر فضيحة أجهزة الأمن الأمريكية وعملائها، وتعرت حقيقتكم، وبان لكل ذي عينين أنكم كنتم تخدعوننا بنفاق عملائكم وبدعم قوتكم العظمى، وليسرق العالم المتقدم قوتنا، التي تتمثل في شبابنا، لكي نعبر عن بشاعة أجهزتكم الأمنية، وقبح استعلائها علينا، حتى بغى بعضنا على بعض، ولم يعد إلا ما نتحاسد عليه، بعدما بددتم قوتنا، واستبحتم عوراتنا بمساعدة العملاء.
 
سيادة الرئيس، إن الأمور في هذا العالم الذي أنتم في الذروة منه لا تستعصي على الحل والإصلاح الشامل الريع الأمين؛ لأنه قبيح بالبيت الأبيض أن يرى حقوقًا للإنسان في منطقة ويتعامى عنها في أخرى، بل قبيح بكم سيادة الرئيس أن تتغاضوا في حياتكم عن القبح، فضلاً عن أن تتواجه به حتى يكون سنة مألوفة لا ينكرها أحد، وألف القبيح مفسدة للعقل ومتلفة للإحساس.
 
 
سيادة الرئيس، أرجو إقرار كتاب "عاصمة جهنم" (لكاتبه محمد رمضان الدريني)، والذي خرج في أجواء المحنة، لترى كم عانينا من عملائكم وبمساعدة أجهزتكم وتحت وطأة أدواتكم. ارجع إلى التاريخ سيادة الرئيس لترى كيف تم إغلاق مركز الإمام علي لحقوق الإنسان، والذي كنت أشرف بإدارته أثناء نظام "مبارك"، الأمر الذي وضعني بسببه في السجون والمعتقلات عام 2007 م، بعدما حاولنا نشر المآسي وفضح النظام وأسياده في "أمريكا"، بل ومحاكمة "مبارك" الطاغية شعبيًا في نقابة المحامين المصرية، وكان جزاؤنا تلفيق القضايا والوقوع تحت نير التعذيب، وكلنا في السجون والمعتقلات، أنا و"محمد الدريني"- أمين المجلس الأعلى لرعاية آل البيت-.
 
سيادة الرئيس، لا أبغي من مخاطبتك جزاءًا ولا شكورا، ولا أخشى من أجهزتكم ويلاً ولا ثبورا، ولكنني أراك أخًا في الإنسانية، وأتاك الله بما لا يتفق لسواك، وأعطاك من الرياسة على قدر أمة لا على قدر دولة، لذلك أرجو منع تصدير أدوات التعذيب إلى العالم كله، وكذلك تقديم المسؤولين عن التعذيب في المخابرات الأمريكية وعملائها في "مصر" وغيرها للمحاكمات الجنائية الدولية، وفتح التحقيق في ذلك، حتى نكون في عالم أكثر عدلاً وحرية وأمانًا؛ لأن من يزرع سوءًا يجني فسادًا. 




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :