الأقباط متحدون | ليس تعزية ولا نعيًا
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٤:٥٧ | الثلاثاء ٢٠ مارس ٢٠١٢ | ١١ برمهات ١٧٢٨ ش | العدد ٢٧٠٥ السنة السابعة
الأرشيف
شريط الأخبار

ليس تعزية ولا نعيًا

الثلاثاء ٢٠ مارس ٢٠١٢ - ٠٠: ١٢ ص +03:00 EEST
حجم الخط : - +
 

بقلم: مينا ملاك عازر
لا تظن عزيزي القارئ أنني أكتب هذا المقال تعزية لرحيل قداسة البابا "شنودة"، فمن وكيف أعزي؟ وأنا المحتاج. ولا تظن أنني أنعيه لك، فأنت تعلم بخبر انتقاله. كما أنني لا أجد كلمات في اللغة تساعدني لأنعي أبًا عاقلاً حكيمًا، أمسك بزمام اللغة وأتقن التعامل بألفاظها بحنكة نادرة، وحكمة فائقة، فهل تجود بمثله الدنيا؟!

عزيزي القارئ، إن كنت لا أكتب مقالي هذا ناعيًا أو معزيًا فلماذا أكتبه وعما أكتبه؟ أكتبه لأن نجمًا في سماء "مصر" بل العالم قد انتقل من بين أحضان سمائنا ليزداد تلألؤًا في سموات أخرى حيث المجد الباقي، وهاربًا من المجد الباطل، وليتمتع  بالنور الساطع والنقاء والطهر الذي عاش حياته على الأرض ينشده، تاركًا ثوبه لأنه ليس له، محتفظًا بقلبه لأنه ملكه، مضى في طريق الأرض كلها، حيث أنه وصل لنهاية السباق الذي دخلته البشرية كلها منذ بدء الخليقة وإلى يومنا هذا، مستهينًا بكل كلمات الذم التي قيلت فيه ممن ليسوا بشرًا، وإن كانوا كذلك فهم غير جديرين بأن يعتن بهم، ترك كنيسته المجاهدة التي قادها رغم الصعاب إلى الكنيسة المنتصرة حيث الأفراح بالانتصار.
ح
قفز من فوق قضبان الجسد ليلتقي بحبيبه؛ لأن نفسه عطشت إليه، واشتاقت نفسه إلى الانطلاق ليكون مع المسيح حيث الأفضل، غريبًا عاش في الدنيا، وانتقل ليكن صاحب بيت سكن في الملكوت، حيث كنزه الذي اقتناه من الأرض من فضائل وعلم، فهو الذي عمل وعلم فعلاً، فلم يعلّم فقط وإنما عمل وعلّم، فاستحق أن ينادى "نعمًا أيها العبد الصالح والأمين، كنت أمينًا على القليل فأقيمك على الكثير ادخل لفرح سيدك".. فدخل وورث الإرث المعد منذ تأسيس العالم، حيث المنازل الكثيرة التي أُعدت لمختاري الرب والمنتصرين.

رحل البابا "شنودة" عن عالمنا عالم الأحياء الزائل، ليعش في عالم الأحياء الدائم حيث لا يوجد الفساد ولا الألم، حيث يهرب الحزن وتهرب الكآبة والتنهد والضيقات، ويمسح الله كل دمعة حزينة من عيون المنتصرين، تخفّفَ من حمله على الأرض فحمله الله في أحضانه، ليريحه حيث سمعه يناديه من بين المنادين "تعالوا إليَّ يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم"، فاختار الراحة من أتعاب هذا العالم الفاني الذي نتقاتل عليه ونتصارع عليه وهو لا يستحق، فهو باطل وقبض الريح ولا منفعة تحت الشمس، لكن من ذا الذي يعي هذا ويتعلمه؟ من ذا الذي يطأطئ رأسه مرتضيًا أن يخرج من الباب الضيق ليدخل آفاق أرحب ويفرح بخلاصه.

وقبل الختام، أسمحوا لي أرجوكم أن أشكر كل من اتصلوا بي وراسلوني معزين إياي، كالدكتور "محمد مؤنس" أبي وأستاذي، والدكتور "عبد الملك منصور" سفير "اليمن" السابق بـ"تونس" وجامعة الدول العربية ورئيس مؤسسة المنصور الثقافية، وأصدقائي وجيراني المسلمين الذين كانوا يتصلون قائلين نعزي أنفسنا باكين صادقين، أما من أخذتهم الشماتة ومن أهانوا هذه القامة، فلهم يوم يلتقونه ليعرفوا أين هم؟ وأين هو؟ حينها سيطأطئون رؤوسهم ويعضون على أسنانهم في وقت لا ينفع فيه الندم.

المختصر المفيد، هكذا يرحل العظماء رافعين رؤوسهم، محاطين بحب الجميع، يذكرهم الكل بالخير، تبكي عليهم القلوب قبل العيون، فتشق الدموع نهرًا لا ينضب من الحب، فيكونوا في رحيلهم مصدرًا أكثر قوة لإشاعة الحب بين الناس.
 




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :