الأقباط متحدون | من خطايا الإعلام
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠٤:١٦ | الجمعة ١٦ سبتمبر ٢٠١١ | ٥ توت ١٧٢٨ ش | العدد ٢٥١٨ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

من خطايا الإعلام

الجمعة ١٦ سبتمبر ٢٠١١ - ٠٠: ١٢ ص +03:00 EEST
حجم الخط : - +
 

 بقلم : د. حمدى الحناوى

 
اعتدنا فى الماضى أن نشكو من تحيز الإعلام، وكانت الدولة هى التى تفرض عليه ذلك التحيز. وفى مرحلة سابقة على الثورة كفت الدولة عن التدخل الرسمى المباشر، وأسندت مهمة الرقابة إلى رؤساء تحرير الصحف. ولكن يبدو أن الطبع يغلب التطبع، فاليوم تمارس التحيز صحف مستقلة، وكأنما عز عليها أن يتحرر القارئ، وألا توجد سلطة تفرض وصايتها عليه، وتحدد ما يجب أن يعرفه. 
مثال ذلك، رفض إحدى الصحف المستقلة (الشروق)، نشر تعليق لى على حديث للشيخ صفوت حجازى أدلى به لهم فى 10 مايو 2011. كان الحديث ملتبسا يحاول أن يبيع لنا ما يسميه حلولا جذرية للمشكلة الطائفية، بينما يصب الزيت على النار. تحدث عن الاحتقان الدينى، وبدلا من أن يساهم فى تخفيف حدته، قال أن جهات خارجية تستغله، وكأنما يريد ممن يعانى أن يكبت معاناته ولا يشكو، حتى لا تتحدث تلك الجهات عن شكواه. نفس ممارسات الدولة، التى حاولت دائما أن توجه اللوم إلى الخارج، بدلا من أن تضبط مثيرى الفتنة فى الداخل. 
 
المثير أن يصطنع الشيخ حججا يظن أنها تنفى تحيزه، فيقول أن مشاعر الاحتقان توجد لدى المسيحيين والمسلمين. ويزعم أن هناك قضايا مشتركة فى مقدمتها قضية الإسلام والتنصير، ويقول أن ردود الأفعال الناتجة عن ذلك سبب ضخم من أسباب الاحتقان. كان من المثير أيضا قوله أن "بعض المسيحيين" يشعرون بالظلم فى بناء كنائسهم، بينما يتمنى المسلمون أن تعامل مساجدهم كما الكنائس.
أين الحلول الجذرية فى هذا الحديث، وهو يوحى إلى القارئ بتعميمات غير صحيحة. الحقيقة أنه لا وجود لأية مشاعر احتقان لدى المسلمين إلا الدهماء منهم، ممن يدفعهم الحرمان إلى تجاهل معنى الوطن، ويحاصرهم داخل إطار مشاعرهم الدينية. أما شائعات التنصير فيتم بثها فى صيغة خبرية وكأنها حقيقة، ثم تقلب الآية للإيحاء بأنه لا توجد مشكلة فى بناء الكنائس، وأن المسلمين يغبطون الأقباط لكثرة كنائسهم. 
 
يبقى ما قيل عن الاستقواء بالخارج، وقد كان تحريضا صريحا مقرونا باتهام الخيانة العظمى. وكان الأحرى قول شئ عن تأمين حياة كل مواطن فى وطنه، وعدم تعرضه للتهديد أو الترويع. ولا أفهم تجاهل الاتفاقات الدولية بشأن حقوق الإنسان والقضاء على كل أشكال التمييز على  أساس الدين أو اللون أو النوع، وهى اتفاقات يحتكم إليها العالم كله. وقد وقعتها مصر، وصارت بذلك جزءا من القوانين المصرية، وبذلك لا يعتبر الاستناد إليها استقواء بالخارج. 
كان هذا مضمون ما كتبته فى حينها تعليقا على ذلك الحديث. لكن الصحيفة الموقرة تجاهلته، وكأن أحاديث الدعاة مقدسة ولا يجوز التعليق عليها. وستقول الصحيفة أن من حقها أن تكون لها سياسة تحريرية، تحدد بموجبها معايير اختيار ما تنشره. وهذا حق لجميع الصحف بطبيعة الحال، ولكن أين حق القارئ؟ قد نفهم لماذا تضع الصحف الحكومية قيودا على ما يقرأه  الناس، فلماذا توضع قيود مماثلة فى الصحف المستقلة. 
 
كان هناك دائما من يقول أن الشعب المصرى ليس جاهزا للديمقراطية، وبهذه المقولة روج البعض لفكرة المستبد العادل. والواضح أن المشكلة ليست لدى الشعب المصرى، وأنها مشكلة النخبة. وإذا كان أمام الديمقراطية فى مصر شوط طويل قبل أن ترسخ جذورها، فالسبب ليس جهل الشعب، بل عجز النخبة التى يفترض أن تقود الشعب. والمؤكد أن فاقد الشئ لا يعطيه. 
هكذا، يجب أن تستوعب النخبة معانى الديمقراطية، وأن ترسخ لديها تقاليد الحرية، فتتعلم قواعدها وتحترمها. وحينذاك، سوف يتعلم الشعب بدوره قواعد الديمقراطية ويحترمها. 
 
 




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :