الأقباط متحدون | القضية المصرية
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠٣:٣٦ | الجمعة ٩ سبتمبر ٢٠١١ | ٤ نسئ ١٧٢٧ ش | العدد ٢٥١١ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

القضية المصرية

الجمعة ٩ سبتمبر ٢٠١١ - ٠٩: ٠٩ ص +03:00 EEST
حجم الخط : - +
 

بقلم: د. حمدي الحناوي

على أعتاب تحول سياسى لا نرى آفاقه بوضوح، أفضل أن نطلق على القضية القبطية إسم القضية المصرية. إسم قديم لقضية جديدة، هى أن الأمة المصرية يهددها الانقسام. المسألة ليست حقوق أقلية قبطية تعيش بين أغلبية من المسلمين، فالذين يتصورون الأمور على هذا النحو وتستريح له أنفسهم وتطمئن ضمائرهم، إنما يكرسون الانقسام. سيقولون ما الخطأ فى أن تكون هناك أغلبية وأقلية، وهى طبيعة الأشياء؟ وأقول أن حساب الأمور بهذا المنطق ليس إلا تجاهلا لطبيعة الأشياء.
 

 

الأمة ليست جماعة يميزها دينها، وحين يكون الدين هو المعيار تصبح الأمة أمتين. والحقيقة أن الأمة جماعة يشترك أفرادها فى خصائص ليس منها الدين، فهم يعيشون على أرض واحدة لا تفصل بينهم حواجز، ويجمعهم نظام اقتصادى واحد. يأكلون من نفس الأرض ويشربون من نفس النهر، وفى هذا الإطار يتحدثون لغة واحدة، ولهم تاريخ مشترك صهرتهم أحداثه وصنعت لهم ثقافة واحدة. وبهذه المعانى توجد فى مصر أمة واحدة، ويجب أن نرى فى الدين ما هو مشترك، فكلنا نعبد الله، ولا نعبد الأوثان.
 

 

أقول بلا مواربة أن وجود قضية قبطية هو إنذار بتراجع المشاعر القومية. هذا التراجع هو كلمة السر، وفى سياقه نلمح ما يجدر أن نسميه القضية الإسلامية. هذا هو الوجه الآخر، فالقضية فى حقيقتها كالعملة لها وجهان. وقد تفاقمت فى غياب الحرية والعقلانية، حيث تقدمت الدنيا وصنعت العلم، وبقينا متخلفين نقرأ عن العلم ولا نصنعه، ونتوهم أننا خير الأمم. فى غياب العلم اختطفت الإسلام تيارات أعادت تفسيره فصار شيئا لم نكن نعرفه. استولى هؤلاء أيضا على عقول العامة، وهم غالبية المسلمين، واستغلوا تخلفهم وجهلهم.
 


شغل المختطفون عقول العامة بقضايا فرعية لا يمكن حلها دون حل القضية الرئيسية، لاستحالة تجزئة الحلول. والحديث فى هذه الأمور ليس هدفا فى ذاته، فالهدف هو البحث عن حل حاسم، يؤكد وحدة الأمة ولا يكرس انقسامها. وأى حل لا بد أن يتضمن تحرير الأغلبية من قبضة الجهل، وبهذا فقط يمكن إنقاذ الأمة من مصير لا يتصوره من يلعبون بالنار. وقد سبق أن تحدث البعض عن اللجوء إلى القانون الدولى، وفى حينه تطايرت الاتهامات ذات اليمين وذات الشمال. لكن الاتهام لا يحل المشكلة، والقانون الدولى لا ينتظر إذنا للتدخل، ويترك فرصة للأطراف المحلية لتحل مشكلاتها بطريقة عادلة.
 

 

النقطة الفاصلة هى أن نعجز عن حل قضايانا، وحينذاك، لن تقف الدنيا موقف المتفرج. لقد انتهى الزمن الذى كان فيه الملوك يحكمون الأمم باسم الله، ولا يراجعهم أحد فيما يقررون. ومن هذا المنظور يجب أن ندرك عبثية الموقف وعبثية الحديث بخفة عن أغلبية مسلمة، وعن أن الدين دين ودنيا. وسيتحتم على العقلاء فى كل واد أن يتعلموا دروس التاريخ، وقد صدعوا أدمغتنا بأحاديث ساذجة، لا تكف عن أن تكرر على مسامعنا سيرة زيد وعمرو. والتاريخ ليس سيرة أشخاص، بل سيرة أمم وحضارات. وقد آن الأوان لأن نعيش عصرنا، ولا يكفى أن نعيش على ذكرى ما حققه الأجداد.
 

 

السيناريوهات عديدة ولا يجوز مناقشها كقضايا افتراضية، ومن بينها يوجد سيناريو واحد أراه أهم ما يستحق النقاش الآن، وهو استرداد الإسلام من مختطفيه. يحاول الأزهر أن يلعب دورا فى هذا الاتجاه ولكنه لا يتجه إلى الهدف مباشرة ويتلكأ كثيرا حول شعارات الوسطية. والأحرى أن يقدم صيغا فعلية ترد على المختطفين. وأخشى أن يطول تلكؤه، بينما يحتشد البسطاء والعامة حول من يملأ أدمغتهم بالخزعبلات، فيتصرفون بغوغائية تقلب الحسابات.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :