الساحل الشمالي .. قضية كل موسم !! (3)
يوسف سيدهم
الأحد ٣٠ سبتمبر ٢٠١٨
بقلم: يوسف سيدهم
ختمت مقالي السابق باستعراض روشتة علاج البيات الشتوي للساحل الشمالي وتحويله إلي قيمة مضافة إلي الناتج القومي السياحي تعمل طوال العام وتوفر فرص عمالة دائمة وتدر عائدا مستمرا يتناسب مع طبيعته الجغرافية والمناخية وعناصر الجذب فيه كمنطقة شواطئ خلابة.
وقلت إن تلك الروشتة تتضمن تشجيع وتكثيف الاستثمار الفندقي حتي يصل إلي ما لا يقل عن 75% من الطاقة الاستيعابية للمنتجعات والشواطئ.. ذلك لأن الفنادق المتوفرة حاليا لا تتجاوز نقاطا متناثرة هنا وهناك وتصارع من أجل الاستمرار في التشغيل في ظل حالة البيات الشتوي التي تسيطر علي المنطقة والتي تضفي تأثيرا سلبيا طاردا للحركة والانتعاش.
كما قلت إن الروشتة تتضمن أيضا طرح فكرة التسويق السياحي لمنتجعات الساحل الشمالي طبقا لنظام مشاركة الوقت, ذلك لأن الواقع يشهد بأن النسبة العالية من الطاقة الاستيعابية هناك موزعة بين الملكيات المباشرة سواء كانت وحدات سكنية أو شاليهات أو فيللات مختلفة الأحجام حتي نصل إلي القصور الفاخرة.. وكلها في مجموعها وتوزيعها لا تصلح لأن تكون كيانات فندقية بالمعايير التي تخضع لها الفنادق, لذلك فهي تصلح لطرح رؤية بديلة لإمكانية استغلالها سياحيا طبقا لنظام جديد انتشر في العالم منذ نحو أربعة عقود وهو نظام مشاركة الوقت.. هذا النظام يتيح التسويق السياحي للوحدات غير الفندقية سواء مع الشركات السياحية أو مع نوادي مشاركة الوقت التي تتولي تسويق تبادل الوقت عبر سلسلة ضخمة من المنتجعات السياحية حول العالم.. ولعل كثيرا من المصريين يعرفون هذا النظام ويتمتعون بعضوية نواديه الأمر الذي أتاح لهم السفر والإقامة في الكثير من منتجعاته المنتشرة في شتي المقاصد السياحية حول العالم ومنها الموجودة في جنوب سيناء وساحل البحر الأحمر في بلادنا.
فإذا التقت إرادة ملاك منتجعات الساحل الشمالي مع هذه الرؤية يمكن تأسيس كيانات استثمارية بينهم وبين نوادي مشاركة الوقت بحيث يطرحون الوحدات التي يتملكونها للتسويق السياحي مع الاحتفاظ, لأنفسهم بالأسابيع التي يرغبون في شغلها ذاتيا وبذلك يكونون شركاء في العائد ويساهمون في إخراج المنطقة من كارثة البيات الشتوي..
هذه الرؤية لها مميزات كثيرة تعود علي ملاك الوحدات بجانب الفائدة الاستثمارية أهمها أن الوحدات التي يتملكونها سيتم تشغيلها بشكل مستمر عن طريق إدارة مسئولة عن تأهيلها وصيانتها وضمان مستوي الجودة في كافة مرافقها.. وذلك في حد ذاته يزيح كابوسا مرعبا يعرفه جيدا ملاك وحدات الساحل الشمالي وهو الضرر الذي يحيق بها من جراء إغلاقها وعدم الاستفادة منها طوال فترة البيات الشتوي الممتدة من شهر أكتوبر إلي شهر مايو من العام التالي -أي زهاء ثمانية أشهر- وكم كان ذلك الكابوس يجثم علي صدور الملاك وهم يتأهبون لمعاودة فتح وحداتهم في أول الموسم تحسبا لما سيكتشفون من أضرار سببتها فترة الإغلاق سواء في المرافق أو التشطيبات الخارجية والداخلية أو الأثاث والتجهيزات, حتي بات من الاستعدادات المألوفة أن المالك يذهب لفتح وحدته بعد البيات الشتوي وبرفقته السباك والكهربائي والنجار والحداد وعامل العزل والبياض.. هذا بخلاف القوة المناط بها التطهير والنظافة لتهيئة المكان لإعادة شغله في بداية موسم
جديد.
هذا الكابوس سوف ينتهي إذا تم الأخذ بنظام مشاركة الوقت لأن الإدارة المسئولة عن التسويق هي ذاتها المسئولة عن الصيانة والنظافة وتأهيل المكان بصفة دائمة ناهيك عن خطط الصيانة الموسمية التي تضطلع بها.
لكن مقابل كل هذه المزايا هناك التزام يجب أن يقبله الملاك الذين تلتقي إرادتهم علي الأخذ بنظام مشاركة الوقت.. فهم مطالبون بأن يتنازلوا عن هويتهم الشخصية في تأثيث وحداتهم ويقبلوا إخضاعها لسياسات وأنماط التأثيث التي تتبعها شركات نوادي مشاركة الوقت وكلها أنماط عملية وجميلة وجاذبة تتناسب مع طبيعة المكان واحتياجات مرتاديه… هذا علاوة علي ضرورة تحقيق الحد الأدني المقبول لاقتصاديات نجاح هذا النظام بتوافق ما لا يقل عن نصف الطاقة الاستيعابية لأي منتجع بتخصيصها لنظام التسويق السياحي بنظام مشاركة الوقت حتي يمكن تغطية نفقات التسويق والإدارة والصيانة وتحقيق العائد المجزي لكل من الملاك وشركات السياحة
.
لعل هذا الحلم يعرفه جيدا كل من شغل عضوية نوادي مشاركة الوقت وسافر حول العالم وتمتع بالإقامة في منتجعات شتي في كافة دول العالم, ولم تكن هذه الإقامة في فنادق بشكلها التقليدي, إنما كانت في وحدات ضمن تخطيط جميل لمنتجعات تخضع لملكيات مباشرة أتاحها ملاكها للاستثمار السياحي.
فهل نمتلك الإرادة والشجاعة لتغيير واقع الساحل الشمالي؟.. أم سيظل قضية كل موسم؟!!