الأقباط متحدون - القادة العظماء.. ليسوا ملائكة!!
  • ٠١:٢٥
  • الأحد , ٨ اكتوبر ٢٠١٧
English version

القادة العظماء.. ليسوا ملائكة!!

مقالات مختارة | بقلم : دينا عبدالكريم

٥٨: ٠٨ م +02:00 EET

الأحد ٨ اكتوبر ٢٠١٧

دينا عبدالكريم
دينا عبدالكريم

 كلما مرت بنا ذكرى مهمة كذكرى انتصار أكتوبر المجيد أو ذكرى ثورة وتغيير أو ذكرى لحادثة مؤلمة واسترجاع تفاصيل المأساة فيها وحتى ذكرى الفنانين والأدباء.. يظهر بسهولة مرضنا الاجتماعى الأخطر.. التطرف!.

 
فى ذكرى حرب أكتوبر المجيدة الـ44 اهتممت هذا العام أن أقرأ أكثر من كل عام، وأن أستمع لشهادات أكثر، بحثت بعين مشتاقة لمعرفة الأسباب وراء الانتصار وليس مجرد الإعجاب به!، فوجدت فى كل زاوية من التاريخ محاولات لصنع إله ومحاولات أخرى مضادة لتصوير الشيطان.. فهناك من يرى الرئيس السادات بطل الحرب والسلام، وهناك من رآه سببا فى كل موجات التطرف وأصلا لكل انقسام حاد فى المجتمع.
 
وكذا الزعيم الراحل جمال عبدالناصر والرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك وحتى الرئيس السيسى- وهو قائد لم يكمل فترته الرئاسية الأولى- لكننا سبقنا بأحكامنا السياسية والتاريخية حوله وحصرناه بين صورتين أبيض أو أسود!!.
 
حتى تعاملنا مع الفنانين الكبار الذين رحلوا.. فحين تتناول الدراما سيرتهم الذاتية مثلا.. تصورهم لنا الدراما ملائكة بأجنحة.. لا يخطئون ولا ينفعلون ولا يظلمون ولا يكذبون!!!، صورة غير إنسانية بالمرة.. مضحكة لمن يتأمل.. ما هذا؟!!.
 
تلك القراءة للشخصيات والرموز السياسية والفنية وحتى الرموز الدينية تفصلنا عنهم ولا تقربنا منهم!!، فطالما اتفقنا أن هؤلاء الرموز والقيم بشر مثلنا.. لن نحب منهم إلا من يشبهنا، إلا من نعرف عيوبه وندرك أخطاءه، ولكننا نفهم دوافعه ونقدر نجاحاته!!.
 
لكن ربما من يستحق اللوم على تلك الصور المغلوطة عن التاريخ هم من دونوه واعتقدوا بذلك أنهم يقدمون خدمة للتاريخ.. قرأت مؤخرا زاوية أخرى عن شخصية الزعيم طلعت حرب، وزاوية أخرى عن شخصية غاندى ملهمى الكبير، قرأت قصة حياة أوبرا وينفرى المليئة بالمآسى.. ولم أنفر من هؤلاء.. بالعكس اهتممت جدا بهم وتعلمت أكثر منهم.. وحتى من يقرأ سير الأنبياء حتى يحبهم حين يعرف أنهم أخطأوا.. ثم تابوا.. تاهوا عن الطريق وضلوا.. ثم عادوا إلى الحق.. هذا ما يجعل منهم بشرا.. فالنجاح لا يستلزم بالضرورة أن تكون ملاكا.. ونحن لا نريدك كذلك!!.
 
لقد كانت سقطة بيل كلينتون الأشهر ليست هى نزوته الشهيرة.. بل كذبته الأشهر!!.
 
فالمجتمع الأمريكى لم يغفر له الكذب والتنصل من مسؤولية فعلته!.
 
متى نتعلم من دروس التاريخ؟.. ويدرك قادتنا أيضا أن نجاحهم وكفاءتهم لا تعنى بالضرورة أن يكونوا ملائكة..
 
حتى أبناؤنا والأجيال الأصغر.. يحتاجون أن يعرفوا أخطاءنا ويسمعوا اعتذاراتنا.. ويتابعوا جهادنا لإصلاح ما أفسدناه.. هكذا نتعلم.. بالتجربة والخطأ.
 
بالمحاولة والفشل.. ويبقى الضمان الوحيد لتمييز الرمز الجيد من الرمز السيئ هو رغبته الحقيقية فى الإصلاح.. وإصراره عليه.
 
متى نسمع بيان اعتذار من مسؤول كبير عن قرار خاطئ اتخذه وعن تصحيح مسار واجب أن يسلكه.. ربما بالغت فى التفاؤل فى هذه الجملة السابقة.. لكن على الأقل دورنا كمجتمع وكإعلام فى المقام الأول أن نتعامل مع القادة بمنطق أنهم بشر.. وأن قرارا خاطئا فى مسيرتهم لن يضر بصورتهم قدر ما يضرهم تحويلهم إلى ملائكة لا يخطئون!.
نقلا عن المصرى اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع