الأقباط متحدون - عدم تدريس ثورتى يناير ويونيو فريضة تاريخية
  • ٠٦:١٨
  • الثلاثاء , ٤ يوليو ٢٠١٧
English version

عدم تدريس ثورتى يناير ويونيو فريضة تاريخية

مقالات مختارة | بقلم : خالد منتصر

٠٠: ١٢ ص +03:00 EEST

الثلاثاء ٤ يوليو ٢٠١٧

خالد منتصر
خالد منتصر

 أوقفت وزارة التربية والتعليم طباعة كتاب التاريخ المقرر على الصف الثالث الثانوى المشطوب منه 25 يناير و30 يونيو وقررت إعادة المنهج القديم ثانية والذى كان يحتوى على فصل خاص بالثورتين، لن أناقش إهدار الفلوس ولكنى أناقش إهدار الفكر، خاصة الفكر التاريخى، فاللجنة السابقة التى أوصت بحذف الثورتين من المنهج كانت على حق، وكانت تفهم ما هو التاريخ، وتفصل ما بين ما هو تاريخ وما هو سياسة، ما هو ماض راسخ وما هو حاضر متغير، هذه اللجنة سبحت ضد التيار ولم تستجب لحنجوريى الشعارات ودغدغة المشاعر وزغزغة الجماهير، التاريخ لكى يكتب ويحلل ويفهم وتفك خيوط كرة الصوف المعقدة من أحشائه وتفاصيله، لا بد من مسافة زمنية لإتاحة الرؤية الشاملة، مثل المسافة المكانية المطلوبة لمن يشاهد جدارية فنية ضخمة، إذا وقف المتفرج على مسافة قريبة من تلك اللوحة التاريخية الضخمة لن يرى إلا تفصيلة محددة مضللة زائفة من تفاصيلها المتشعبة، مثل الأعمى الذى أمسك بزلومة الفيل فقال عنها إنها خرطوم مياه!!، تدريس لحظة تاريخية ما زال فاعلاً ومتفاعلاً فيها الفرز والتصنيف والإقصاء والتحليل والتقييم وضبابية الرؤى والرؤية هو محض خيانة للتاريخ ومنهجه، إسقاط 25 يناير من كتاب التاريخ لا يعنى أنها سقطت من التاريخ، وإغفال 30 يونيو من منهج التاريخ المدرسى لا يعنى أنها غير مؤثرة فى منهج التاريخ الوطنى، لا يجب الخلط، ولا يصح تغليب هستيريا الحماس على هدوء التحليل، نحن ما زلنا فى خلاط الأحداث، نتقلب معها ونعصر ونتعثر، نرضى ونسخط، نفرح ونغضب، ما زالت هناك أحلام معلقة وأحلام مجهضة، ومازلنا نقف عند لحظة لا نعرف كيف ستقيَّم مستقبلاً؟، التاريخ هو مخزون الذاكرة، والذاكرة المتفاعلة مع الحاضر انتقائية،

فمثلما تم حذف مبارك ودوره فى حرب أكتوبر وصورته من على جدارية بانوراما أكتوبر بانتقائية تاريخية، من يضمن لنا أن تلك الانتقائية لن تتكرر، ومن يضمن لنا أنه بعد خمسين سنة تعود صورته وهو يرفع العلم على طابا والتى حذفها تليفزيون الدولة، أنا مختلف مع مبارك وتقييمى له أنه قد جرف العقل المصرى ولكن منصب مبارك كقائد للقوات الجوية موثق تاريخياً وليس من باب الأمانة التاريخية -ولن أقول الإنصاف- أن أشطبه، بداية قبل الدخول فى التفاصيل، وصف الثورة نفسه ما زال مختلفاً عليه ومن الممكن أن يتغير مستقبلاً بدليل أن المفكر د.جلال أمين، على سبيل المثال، قد صرح على إحدى الفضائيات منذ عدة أيام بأنه غير موافق على توصيف 25 يناير بالثورة، فهل ستسمح وزارة التربية والتعليم لطالب الثانوية العامة أن يسأل مدرسه هل 25 يناير ثورة أحدثت تغييراً فكرياً وطبقياً فى نسيج المجتمع وأزاحت نظاماً أم أنها أزاحت رأس نظام فقط؟، هل سيكتب مثلاً فى الكتاب أن 4000 سيارة شرطة قد أحرقت؟، وهل ستمنعون هذا التلميذ عن سؤال لماذا هذا الإحراق لتلك السيارات وإخراج مسجلى خطر من أقسام الشرطة فى ثورة شعبية؟، هل ستسمحون أيضاً لنفس الطالب أن يسأل كيف قامت ثورة يونيو ضد تجار الإسلام السياسى، والسلفيون ما زالوا جاثمين على صدر الدولة، والإخوان يمسكون بمفاصلها فى التعليم والمحليات، والمفكرون المجددون يدخلون السجون بتهمة الازدراء؟!، هل ستسمحون فى المدارس بتلك النوعية من الحوارات؟!

 
أرجوكم لا تبيعوا التاريخ من أجل السياسة.
نقلا عن المصرى اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع