الأقباط متحدون - مدارس بلا أنشطة.. ومدرسون بلا مهارات.. وتلميذ «حافظ مش فاهم».. عن أى «خطاب» نتحدث؟!
  • ٠١:٠٥
  • الخميس , ٢٠ ابريل ٢٠١٧
English version

مدارس بلا أنشطة.. ومدرسون بلا مهارات.. وتلميذ «حافظ مش فاهم».. عن أى «خطاب» نتحدث؟!

أخبار مصرية | الوطن

٢٥: ١٠ ص +02:00 EET

الخميس ٢٠ ابريل ٢٠١٧

المدارس لا تخلو من ظواهر سلبية تؤثر على التعليم
المدارس لا تخلو من ظواهر سلبية تؤثر على التعليم

 تفتح المدارس أبوابها، يخرج الطلاب بملابسهم الموحدة، مثل سيل انفجر فى الشارع، يمرون بجوار السيارات، يصيحون فى صخب، موجة عنف تتزايد بينهم، يرجع الخبراء التربويون أسبابها للخطاب العدائى الذى يتم بثه بين الطلاب فى المدارس، يؤكدون أن الإنسان لا يولد عنصرياً أو متطرفاً، ولكن تلك الأفكار المكتسبة يتشربها من المجتمع الذى يعيش فيه، وفى كتاب «ليست كل الأحلام قصائد»، وهو عمل أدبى نرويجى، يرصد أفكار وتساؤلات عشرات الأطفال عن الفروق بين البشر، سواء فى الجنس أو الدين أو اللون، حيث ينشدون تقبل وحب الآخر.

 
إخصائية نفسية: التعامل بين طلاب المدارس أصبح فى غاية العنف
يقول كمال مغيث، الخبير التربوى: «الخطاب الموجود فى المدارس حالياً شديد التطرف، لم تعد المدارس تعزز فكرة الانتماء والمواطنة، أصبحت ساحات قتال بين الطلاب والمدرسين، وبين الطلاب وبعضهم»، ويضيف: «المناهج التعليمية تعرضت لمؤامرة منذ أيام السادات، واستمرت فى عهد مبارك، أصبحت اللغة المستخدمة بها غير سليمة، وكذلك المدرسون الذين يتعاملون مع الطلاب، ومن اللافت للنظر أن وزارة التربية والتعليم، التى من الواجب عليها أن تكون وزارة تحث على المواطنة، تقيم مسابقات القرآن الكريم، وتكافئ الفائزين، الذين يكونون بالطبع مسلمين دون غيرهم، ومن المفترض أن يقوم بذلك الدور وزارة الأوقاف وليست وزارة التعليم».
 
ويشير «مغيث»، إلى أن تنظيم الإخوان استهدف المدارس فى السبعينات، واعتبروها مشروعاً تجارياً مربحاً، وفى نفس الوقت، منفذاً قوياً لبث أفكارهم بين الطلاب، وتحولت المدارس إلى أماكن تجبر فيها الفتيات على ارتداء الحجاب، حتى المدارس الابتدائية، وفى الأقاليم أجبرت الفتيات المسيحيات على ارتداء الحجاب أيضاً أثناء ذهابهن للمدارس، حتى لا يتعرضن لمضايقات فى المدرسة، أو حتى يتلاشين الاختلاف.
 
«مغيث»: التطرف بدأه مدرسون ومديرون و«الإخوان» استهدفت المدارس منذ السبعينات
«إدارة تعليمية ترفض وضع صورة شهيد فى المدرسة لأنه مسيحى، والإدارة التعليمية فى الأقصر، رفضت السماح لمدرستين مسيحيتين بالصلاة لمدة ساعتين يوم الأحد»، هذا ما يقوله «مغيث»، موضحاً أن هناك حالة من الجهل والعداء، تبدأ من بداية المنظومة التعليمية بالتسلسل حتى تصل لتدمير نفسية الأطفال.
 
ويؤكد الخبير التربوى على كلامه قائلاً: «قديماً كان الهدف من التعليم بث روح المواطنة والانتماء وحب الوطن، قبل حالة الهستيريا الدينية التى أصبحت متفشية فى المجتمع، كانت بعض المواقف مثل خروج الطلاب المسيحيين من الفصل فى حصة الدين الإسلامى، تمر بطريقة لطيفة، وكطالب مسلم كنت أتمنى الخروج معهم من الفصل باعتبارها فسحة أو استراحة، أما الآن أصبح هذا الموقف يتم بطريقة مهينة ومتعمدة، وأكدت لى إحدى المعلمات فى مدرسة حكومية بالقاهرة أن مدير المدرسة يجبر الطلاب المسيحيين على الجلوس على السلم، ليحصلوا على حصتهم فى الدين المسيحى، بينما هناك عدد كبير من الأماكن الكريمة التى من الممكن أن يجلسوا فيها مثل المعمل أو غيره من الأماكن داخل المدرسة».
 
يقول «مغيث»: «اللهجة العدائية واللى كلها غل، بتؤجج الإحساس بالاغتراب والظلم فى نفوس الأولاد، ميراث ثقيل من الغضب مابيقدروش يتخلوا عنه، مواقف صعبة وغير مبررة مابيقدروش يتخطوها أو ينسوها، وفى الآخر يسألوا ليه المجتمع متشرذم وفى حالة عداء مستمرة». يختم «مغيث» حديثه قائلاً إن الأطفال لا يولدون متعصبين ضد الآخر، ولكن لهجة التعصب والكراهية والعنف تنتقل لهم مثل المرض المعدى مما يشاهدونه من مواقف وعبارات، قد يظنها البعض عابرة، ولكنها تترسخ فى وجدانهم للأبد.
 
تقول شيرين الحضرى، إخصائية نفسية فى إحدى المدارس الحكومية، ومدربة تعديل سلوك الأطفال: «لهجة العنف والتطرف أصبحت سمة مجتمعية، دائرة لا يمكن كسرها بسهولة، تبدأ من ولى الأمر الذى يستخدم خطاباً عنيفاً مع الطفل، والذى ينقله بدوره إلى المدرسة بين زملائه»، توضح «شيرين» أن نفسية الأطفال حالياً تعتبر مضغوطة أكثر، وأصبح الطفل يحمل أعباء ومشاكل تختلف عما مر به آباؤه والجيل الذى سبقه.
 
تؤكد «شيرين» من واقع عملها: «العداء والعنف أصبح واضحاً على الطلاب فى المدارس، الطلاب يكونون تكتلات، ويشنون العداء تجاه بعضهم البعض، ما يعتبر واضحاً بين الطلاب السوريين الوافدين على المدارس المصرية، والطلاب المصريين، وأصبحت اللهجة الدارجة التى يقولها الطلاب المصريون دول بيضربونا وفاكرين إنها بلدهم، ويقول الطلاب السوريون إن الطلاب المصريين يضطهدوننا وهكذا».
 
توضح «شيرين» سبب تلك الظاهرة بالتالى: «الأطفال السوريون المقبلون إلى مصر، من الطبيعى أنهم مروا بظروف قاسية واستثنائية، يحملون بداخلهم طاقة غضب مكتومة، حيث فقدوا كل شىء، واضطروا للعيش فى مصر فى ظروف مختلفة، وإحساسهم بكونهم أقلية جعلهم يكونون ما يشبه بتكتل أو رابطة لمواجهة أى رفض يقابلونه من الطلاب المصريين، بينما يستجيب الطلاب المصريون للكلام الشائع ضد السوريين فى مصر بأنهم يضعون أيديهم على كل شىء، ويتسمون بالعنف وفرض السيطرة، هذا الخطاب يؤجج العنف والتطرف ضد الآخر فى المدارس».
 
وتضيف «شيرين» قائلة: «الخطاب الدارج فى المدارس خطاب غير متزن، وأحياناً أتعجب أن مدرسين ومدرسات يتعاملون بتلك الطريقة مع الطلاب، والتى تنم عن جهل شديد، بالرغم من أنهم درسوا مواد تربوية، تؤهلهم للتعامل مع الطلاب، ومن وجهة نظرى أن أولياء الأمور لهم دور فى ترسيخ الأفكار المتطرفة، خاصة فى وجود مُدرس غير مؤهل للتعامل مع الطلاب، ولا يتمكن من احتوائه، وأحياناً المدرسين ياخدوا موقف ضدى للانحياز للطالب، فالطالب لا يقع عليه اللوم حتى وإن تسمم بسلوكيات خاطئة، ولكن يأتى من هنا دور المدرس فى تعديل تلك السلوكيات، ومناقشته بطريقة تتسم بالذكاء، ولكن عندما تحدث مشكلة يتحول الطالب والمدرس إلى ناقر ونقير». وتضيف «شيرين»: من اللافت للنظر أن الأطفال المسلمين والمسيحيين فى المدارس الحكومية والخاصة، يكون لديهم فضول تجاه دين الآخر وما يمارسه من شعائر، يتعجبون فى حصة الدين عندما يخرج الطلاب المسيحيون من الفصل ليذهبوا إلى فصل آخر، وبعضهم يطلب حضور حصة الدين مع زملائه المسيحيين، أو طلاب مسيحيين يطلبون حضور حصة الدين الإسلامى، ولكننا نرفض بشدة ونمنعهم من ذلك.
 
توضح «شيرين» سبب الرفض قائلة: «بنخاف أولياء الأمور ييجوا يتخانقوا معانا، ويقولولنا أولادنا حضروا حصص دين مسيحى ليه أو إسلامى ليه»، وتضيف قائلة إنها من خلال عملها لاحظت أن معظم الطلاب المسيحيين يتجنبون الوجود فى اشتباكات مع غيرهم، ويظهرون الود والتعاطف والتسامح مع الطلاب المسلمين فى محاولة للتعايش الآمن بينهم.
 
تقول حنان إبراهيم، باحثة علم نفس تربوى: «ليس هناك خطاب فى المدارس من الأساس، حيث لا تقيم معظم المدارس ندوات، أو دورات إرشادية، أو أنشطة اجتماعية، وأصبحت المدارس تكتفى بجمع طلاب جاءوا من بيئات اجتماعية مختلفة، كلهم يؤثرون فى بعضهم البعض، مثل خلاط يجمع كل شىء دون فلترة».
 
وتضيف «حنان»: «أصبح دورنا فى المدارس منع تأجج العنف بين الطلاب، ولكن دون وجود توعية حقيقية للطلاب، أو توعيتهم بأن المسلمين والمسيحيين يكملون بعضهم البعض، وكلهم مفيدون للوطن، وليست هناك فروق بين البشر فى اللون أو الجنسية أو الدين»، وتؤكد «حنان»: «لنكون أكثر صدقاً مع أنفسنا، الدين لا يتم تعلمه فى المدارس من الأساس، وتتحول تلك الحصص إلى مناهج مكتوبة لا تجد جدواها وتأثيرها فى العملية التربوية، ولا مسلم ولا مسيحى بيتعلم الدين فى المدرسة، وأصبح من الأكثر أهمية أن يتعلم الأطفال الدين فى أماكنها الصحيحة سواء فى الجوامع أو الكنائس ومع ذويهم فى البيوت، ويتم استبدال حصة الدين بمادة للأخلاقيات والقيم».
 
تضيف «حنان»: «هناك كوادر فى وزارة التربية والتعليم أشخاص أصحاب رؤية ولكنهم يتعرضون للتهميش، ويجدون أنفسهم غارقين فى منظومة روتينية، لا تسمح لهم بالتغيير أو التعبير عن أفكارهم، والوزارة تحتاج إلى تغيير سياستها العامة لتحدث تأثيراً حقيقياً».
تنوية هام: الموقع غير مسئول عن صحة أو مصدقية أي خبر يتم نشره نقلاً عن مصادر صحفية أخرى، ومن ثم لا يتحمل أي مسئولية قانونية أو أدبية وإنما يتحملها المصدر الرئيسى للخبر. والموقع يقوم فقط بنقل ما يتم تداولة فى الأوساط الإعلامية المصرية والعالمية لتقديم خدمة إخبارية متكاملة.