د. مينا ملاك عازر
شبت نار الثورة فيإيراني'> الثوب الإيراني بعد أن صدرته لليمن بدعمهم للحوثيين، ورفضته بدعمها للنظام السوري، وحاولت أن تستثمره في البحرين، وها هي الآن تسطلي بنار الثورات في قلبها يأن، هددت بها في لبنان بعصف ثوري، يهدد عرش حسن نصر الله، والسيادة الشيعية في العراق، كل هذا لا يعبر عن فشل إيراني ولكن عن أن إيران قد تجاوزت الحد المسموح للتوغل في الخارج، وقد قطعت الخطوط الحمراء وتجاوزتها، واستهانت بكل نبرات التحذير التي انطلقت حيالها لتوقفها عن حماقات أدت لضعف اقتصادي، أدى بها لرفع سعر الوقود ما أشعل الثورة.
 
الثورات لا يعيبها أن يحركها وازع اقتصادي ودافع الفقر، العيب كل العيب أن تترك الأنظمة الفقر ينال من شعوبها حتى يصل بهم لأن يثوروا في وسط مكابرة وإيمان مؤسف بأن القوة المفرطة قد تحمي الأنظمة من بطش الفقراء، والذين متى ثاروا قد يلحق بهم الرافضين لفكر الأنظمة، كما نرى في إيران، فإيران اليوم تعاني من ثورات تعادي أنظمة موالية لها في لبنان والعراق بعد أن كانت تمول الغضب الشيعي في قلب الدول السنية كاليمن والبحرين والسعودية نفسها، واذكروا ما جرى في المنطقة الشرقية في السعودية، وكيف استحال الوضع بها لحرب شوارع بين المعارضين والنظام السعودي.
 
إيران تتجرع ويلات الثورات خارجها وداخلها، وتتجرع ويل ضربة ترامب التي ربما أثبت بأنه كان على حق حين انسحب من الاتفاقية خمسة زائد واحد، وربما كان أكثر توفيقاً في حزم العقوبات المتتالية والمتوالية التي شنها ضد الإيرانيين، إيران تهتز، وينقطع عنها الإنترنت، لكن الأكثر بجاحة، بل وربما وقاحة في وجهة نظري، تلك المساندة الأمريكية الصريحة والجادة للحراك الشعبي الإيراني وتغريدات بومبيو وزير الخارجية الأمريكية، وتذكيره للشعب الإيراني أن أمريكا ستدعمه متى ثار، تلك التغريدة التي غردها منذ أكثر من عام ونصف والأكثر وضوح في الموقف الأمريكي تلك الضغوط التي يمارسونها من إعلانهم رفض قطع النظام الملالي بإيران الإنترنت عن الشعب، وكأن أمريكا تريد أن تبىق متواصلة مع الشعب الثائر أو على الأقل تبقى على دراية بما يجري هناك، وإن كنت على ثقة كاملة بأنها على دراية تامة بما يجري، إن لم يكن برجالها هناك، فعلى الأقل بأقمارها الصناعية الفائقة الدقة.
 
السؤال هنا، هل ستسمح روسيا أن تسقط إيران؟ أمر لا أظنه، بل أستبعده، فروسيا التي بذلت كل غالي وثمين في سبيل الإبقاء على النظام السوري، لن تضن على نظام حليف لها وبقوة -النظام الإيراني- الذي لقوته هذه قد لا يجد نفسه محتاج لمساندة روسية خارجية، وسرعان ما يقمع الثورة التي تقوم ضده كما سبق وأن فعلها مرتين أو ثلاث في الألفية الحالية، هذا أمر ستكشفه الأيام القادمة لكن الأهم، هل انكفاء إيران على داخلها سيجعلها تترك حزب الله يتهاوى؟ والحكومة الشيعية في العراق تسقط؟ أم أنها ستبقى تكافح حتى بضربة كتلك الضربة التي فعلها الحوثيون بخطفهم قاطرة كورية في جنوب البحر الأحمر، لتبقي على أذنابها قاعدة على توجيه الضربات لشغل العالم عن الضربات التي تتلقاها.
 
المختصر المفيد الثورات كما قد تكون لك يوم فقد تكون عليك أيام.