حمدي رزق
نفر من نواب البرلمان فهموا رسالة الرئيس السيسى غلط، الرئيس قال نحاسب الحكومة ونستجوب الوزراء، لا نهين الحكومة ونطرد الوزراء من البرلمان. استقواء النائب سليمان وهدان، وكيل المجلس، على المهندس عمرو نصار، وزير التجارة والصناعة، لا يستقيم مع تقاليد البرلمان العريقة، استجوب الوزير يا سيادة النائب ما استطعت، لكن أن تستبيحه باعتباره أول ضحية وزارية تصل إلى البرلمان عيب.

الاستضافة النيابية لها أصول، والنائب وهدان ابن أصول ويعرف الأصول، وليس من الأصول اتهام الوزير بالغفلة، وإهانته شخصيًا، ما اضطره إلى الانسحاب حفاظا على ماء الوجه، تقريبًا تم طرده على رؤوس الأشهاد.

هذا يدخل فى باب العيب البرلمانى، للأسف الرسالة الرئاسية فُهمت غلط، هذه ترجمة سيئة لتوجيهات الرئيس، وهذه بداية أكثر من سيئة لعلاقة الحكومة مع مجلس النواب فى الفصل التشريعى الأخير.

يبدو أنه فصل استعراض العضلات وتسجيل المواقف والفيديوهات، ولن تنتج مثل هذه الاستعراضات السياسية أثرًا طيبًا، لو كل وزير ذهب إلى مجلس النواب ليسلق بألسنة حداد ستقاطع الحكومة البرلمان، وستصير أزمة ليس لها أى لازمة فى فصل تشريعى أخير لن يغير كثيرا من صورة المجلس، الذى نصحه الرئيس بممارسة أعماله البرلمانية على أكمل وجه، ومعلوم إهانة الوزراء ليس من بين هذه الأعمال.

فزعة النواب فى وجه الحكومة لا تعدو محاولة بائسة لإثبات الوجود فى الفصل التشريعى الأخير على أمل العودة إلى نفس المقاعد التى احتلوها لاحقا، فرصة تسجيل فيديو ينفع فى الدعاية الانتخابية، إثبات حضور برلمانى وأهلية لشغل المقاعد.

الأصوات الزاعقة الصاخبة، وزعم شجاعة فى مواجهة الحكومة، كانت فين طوال أربع سنوات مضت، كان فين النواب الأفاضل، ولماذا ادخروا كل هذا الحماس؟ الغضب الساطع على وزراء حكومة مصطفى مدبولى، المعروفة بوزارة حد الكفاف، غير مهضوم سياسيا، ويحتاج من رئاسة المجلس ترشيد الانفعالات وضبط الأعصاب، قلب الطاولة على رأس الحكومة ليس من الحكمة السياسية فى شىء.

الهجوم المباغت والضارى على الحكومة لا يخلف إلا إحباط المجتهدين من الوزراء، وليس كل الوزراء المجتهدين من أصحاب البيان السياسى، تكنوقراط أو جدد على الدولاب الحكومى، ليس بينهم إلا ندرة يفقهون فى العمل السياسى، الذى يتبضعه نفر من النواب على حساب حكومة لا تجد ظهيرًا سياسيًا يصلب طولها أمام الشارع.

يقينًا ترشيد حالة الغضب ومنع المزايدة من ضرورات المرحلة، مرحلة حرجة تحتاج عقولاً باردة تفكر باستقامة وطنية، تقدم العام على الخاص، وتعى حرج المرحلة، وخطورة التحديات، ولا تنصرف إلى تبديد الجهد الوطنى فى خطب عصماء، والخلاص من الحكومة قبل تنفيذ برامجها رفاهية سياسية لا نقدر على كلفتها فى توقيت حرب مفروضة علينا فرضًا!
نقلا عن المصرى اليوم