محمد حسين يونس
الحشرات تظل تكرر دورة حياتها بنفس الاسلوب و الشكل لالالف السنين .. لا تتغير الا قليلا .. كذلك الحيوانات الدنيا .. لا تتعلم أن المصيدة ستغلق عليها لو أغرتها قطعة الجبنة المعلقه في الخطاف .. او الطعم الذى في السنارة .. او الحفرة المغطاة بفروع الاشجار ..حتي لو نجت من اسرها لعشرات المرات.

الحشرات و الحيوانات الدنيا ليست لها تاريخ تتعلم منه .. وفشل لا تكرره .. ولم تهذبها الهزائم لتجد لنفسها اسلوبا اخر للعيش .. الا لو كانت علي شفا الانقراض .. فتنجو من بينها من تطورلها الحياة اساليب تجعلها تتوائم مع الظرف الجديد .

الانسان هو الكائن الوحيد الذى يراكم الخبرات و له تاريخ معلوم يجعله يهذب من سلوكياته طوعا لا قصرا بإعمال العقل لا إتباع الغريزة بالتعلم من العثرات و تلافي اسباب حدوثها .

في بلاد اصابها ما اصابها بعد ان القوا علي مدنها اول قنبلتين ذريتين انتجتهما المصانع الامريكية لم يمض عليها عقدين من الزمان الا و كانت قد نفضت عن كاهلها اثار الهزيمة و تحولت الي عملاق إقتصادى علمي معرفي إنتاجي لا ينافس و لا يقاوم .. لقد كنا في صبانا نرى اهلنا ينفرون من الصناعات اليابانية .. و حتي الباعة ينفون ان بضاعتهم يابانية .. واليوم لا يثق الاحفاد الا في كل ما هو ياباني لقد قلب البشر هناك الظرف غير المواتي الي ظرف موات وهذا هو التعريف العلمي لمعني الادارة الرشيدة .

في بلاد اخرى .. تكاتفت عليها جميع جيوش العالم تدمر كل شبر فيها .. لم يعد لديها مصنعا واحدا يعمل او مزرعة واحدة تنتج .. وقطعوا اراضيها بين المنتصرين كل يسيطر علي ما يروقه منها .. اليوم بعد ان شهدت الدمار الشامل و عانت من تاثير الصراع العالمي الذى سمي بالحرب الباردة .. تعود المانيا الموحدة .. عملاقا إقتصادىا في اوروبا .. يضع الجميع لها الف حساب ..لقد هذبتها الهزيمة و لم تعد تسعي لمجال حيوي نازى بقهر الاخر أو التعالي علي كل من هو ليس من الجنس الارى .. و تعلمت من العثرات في عشرات السنين.. ما لم تتعلمة اسراب الجراد في الاف السنين .. إنه الانسان .

إلا في منطقتنا السعيدة بغفوتها المستمرة منذ أن وطئت ارضها سنابك خيل البدو التي عصفت ببشرها لقرون .. لقد فقدنا القدرة علي التعلم .. لقد حبسنا عقولنا في قفص حديدى ضيق لمنعها من النمو .. لقد تخلصنا من جلد البشر القابل للتمدد لنضع انفسنا في قوالب الموالي و العبيد الضيقه.. يتحكم فينا من يمتلك عصا الراعي و كلاب حراسته .

الهزائم التي لا تتوقف لمئات السنين لم تجعلنا نتوقف ونفكر و نتعلم كيف نداوى الجراح و لا نعود للمصيدة التي خرجنا منها ... نحن الوحيدون الذين نزور تاريخنا و نكتبه علي هوى من يستخدم السوط و الجزرة .. و لا نهذب من سلوكياتنا لاننا نراها الافضل رغم تهافتها

ما حدث في 67 من هزيمة مرة انكرناها .. وسميناها نكسة و بدلا من ان نهذب من انفسنا و نتوقف عن الحكم بواسطة عصا الامن و المعتقلات و التعذيب و الارهاب .. نزيد منها .. لنوقف اى امل في ان نتعلم من عثرتنا .

وهكذا يتكرر المشهد يوميا ..

لو ان المصريين قراوا التاريخ حتي القريب لوفروا علي انفسهم عثرات عديدة

إكتبوا إشرحوا إفهموا بدون إخفاء او تموية ثقوا فينا أننا إذا عرفنا الحقائق سنعمل علي الا تتكرر لعشرات المرات بنفس تفاصيلها .. أف