محمد حسين يكتب

ثانيا : ماذا تعني كلمة كون ..أو أكوان لمن يتحرك من البيت للغيط .. ممتطيا ظهر حمار .

من الصعب بقياساتنا الحالية .. أن يدرك الناس مدى إتساع الكون و تنوع شموسه و كواكبة وثقوبه السوداء و أجزاءه الحرة الهائمة تصطدم بعضها ببعض في الفضاء فتحدث كوارث ...و للتبسيط لو تخيلنا أن البعد بين الشمس و الأرض ((150 مليون كيلومتر )) هو مكان خشبتي الجون في ملعب كرة قدم .. فإن عليك أن تمضي قدما لتلف محيط الأرض سبع لفات حتي تصل إلي نهاية مجرتنا سكة اللبانة... ومع ذلك فهي تعد مجرة تافهه بين مليارات المليارات من المجرات .. التي نعرفها .. و التي لا نعرفها ..
 
أى أن بقياساتنا لو أن الكون بمساحة الصحراء الغربية فإن الأرض تعتبر في حكم زلطة صغيرة مرمية في جزء منها..لاتلفت الأنظار..
 
هل تصورت مساحة الكون .. و مع ذلك فقد يكون واحدا من أكوان متعددة أو موازيه أو متقاطعه .. كما يقول لنا علماء ميكانيكا الكم (الكونتم ) و الرياضة الحديثة ... راجع جائزة نوبل في العلوم لهذا العام و التي منحت لعلماء قاموا باكتشافات نظرية في علم (الكونيات الفيزيائي) وساهموا في فهم خبايا الكون.
 
بسبب هذا الإتساع غير المتصور .. و الأبعاد التي تقترب من المالانهاية بالنسبة لنا و ضعف أدواتنا للإستكشاف و الرصد فمن غير المعقول .. أن يكون البشر هم الكائنات العاقلة الوحيده في هذا الكون أو(الأكوان ) الممتدة بمساحات و أحجام و مسافات .. تفوق قدرة العقل البشرى علي التصور .بمعني لسنا صدفة لا تتكرر .
 
و هكذا قد تواجه الإنسانية قريبا بصدمة وجودية عندما تكتشف توفر حياة عاقلة في أماكن أخرى في الفضاء، مثل تلك المكتشفة حديثا والمكونة من اثني عشر كوكبا بحجم المشتري خارج المجموعة الشمسية، بالإضافة للمئات من الكواكب التي توجد ضمن مجموعات نجمية أخرى.
 
وهكذا رغم أن الحديث حول هذه الحضارات المتقدمة هو مسألة تخمين وتوقع نظرى محض، إلا أن ما قام به العلماء من استخدام قوانين الفيزياء لوضع تصور لهذه الحضارات،مستخدمين قوانين ميكانيكا الكم والنسبية العامة والديناميكا الحرارية يجعلها خارج إطار الخيال العلمي فهذه الفروع من المعرفة أصبحت الآن علوم راسخة إلى حد ما، تجعل هذة التخمينات ليست بعيدة عن الواقع .
 
و عمليا ...يقوم مسباري كيبلر وكارو باكتشاف المئات من الكواكب الشبيهه بالأرض خارج مجموعتنا الشمسية في الفضاء الخارجي، ((فقد تم اكتشاف أكثر من 3442 كوكبا خارج المجموعة الشمسية منذ عقدين حتى الآن، منها 577 كوكب في نظام شمسي متعدد الكواكب)) و إن هذه الكواكب قد تحتوي على مياه ومحيطات وربما مواد عضوية أو أحماض أمينية، وقد تكون تطورت عليها حياة منذ أن وصل لنا شعاعها وأصبحت تضم كائنات حية تعيش في حضارة (صفرية) .
 
أشهر ما تم اكتشافه إلى الآن هو كوكب ”كيبلر 186 f“، توأم الأرض، بالإضافة الى أخر على بعد 15 سنة ضوئية يدور حول النجم جليسي 876، ثم هناك ما صوره من قبل تلسكوب هابل الفضائي لمجموعة شمسية مكونة من أربع كواكب تدور حول نجم على بعد 129 سنة ضوئية.
 
ويعمل العلماء الآن على إطلاق نوع جديد من التلسكوبات عالية الدقة لاستكشاف الفضاء في السنوات العشر المقبلة
 
مشاهدة برامج (( ناشيونال جيوغرافيك ... كيف يعمل الكون )) متعة حقيقية لمثابرة العلماء علي الفحص و الدراسة و شرح كيف ولدت (مثلا ) المجموعة الشمسية .. و تكونت الكواكب و منها الأرض و قمرها.
 
الكائنات الأخرى .. في الكون قد تكون أكثر تقدما منا .. و عندما تكتشف وجودنا .. قد يكون تعارفا غير سلميا .. أو يقومون بدور المستكشف الأبيض مع سكان أمريكا و إستراليا الأصليين .. و قد يكون علينا مواجهة أسلحة كونية أشد فتكا مما نتخيل .. أسلحة قد تصل إلي تبخير الكرة الأرضية بكاملها .. كأنها لم تكن .
 
لإستيعاب هذا .. علينا أن نفهم تصنيف العلماء للحضارات المتقدمة ( 5،4،3،2،1 ) و كيف سيكون حال كل منها .
 
الحضارة رقم (1) :أصحابها من الذين تمكنوا من تسخير كل الطاقات القادمة إليهم من نجمهم، وقاموا بجمعها وتخزينها لتلبية الطلب المتزايد على الطاقة نتيجة نمو عدد السكان.
 
هذا يعني إذا كنا نريد أن ننضم للنادى فعلينا تعزيز إنتاج الطاقة الحالي لأكثر بـ100000 ضعف ، أى نقوم بتسخيركامل طاقة الأرض والاستفادة منها و ما يصاحب ذلك من التقدم في المجال الطبي والتكنولوجي ونظم الاتصالات ونظم النقل، وأن تكون جميع القوى الطبيعية في الأرض (البراكين، الطقس، الزلازل) تحت سيطرتنا....
 
يعتقد ”كاكو“ أنه إذا سارت الأمور بشكل جيد، فإننا سوف نصل إلى الحضارة رقم (1) في غضون 100-200 عام.
 
الحضارة رقم (2) :
أو ما يسمى بالحضارة النجمية، يمكن لسكان هذه الحضارة تسخير كامل طاقة نجمهم والسيطرة على نجوم مجاورة نتيجة حاجتهم الملحة للطاقة.
وهناك عدة طرق للقيام بهذا أكثرها شيوعا نموذج ”دايسون“، ( مخترع آلة شفط الأتربة أو ما يسمي بالمكنسة الكهربائية )..حيث يرى أنه يمكن يتم الاستغلال والسيطرة على كل شبر من النجم ببناء قشرة من الخلايا الشمسية حوله تشفط و تجمع كل فوتون منطلق منه.
 
وقد تقوم هذه الحضارة بالسيطرة على بعض النجوم المجاورة من أجل انتاج الطاقة وتحويلها أو تخزينها فوق كوكب آخر لاستخدامها لاحقا. أو يمكنهم القيام بتحويل نجمهم إلى مفاعل نووى على نطاق هائل أو السيطرة على عمالقة الغاز القريبة منهم واستخدام الهيدروجين الموجود فيها.
 
هل هذا يعني أنه يوجد الكثير من الطاقة تحت تصرف هذه الكائنات؟ وما هي الفائدة من كل هذه الطاقة؟
على سبيل المثال، إذا نجا البشر لفترة طويلة بما فيه الكفاية من تصادمات الكواكب و النجوم و تمى الوصول إلى هذا الوضع، و رصد كويكباً بحجم القمر سوف يدخل نطاق مجموعتنا الشمسية وعلى مسار تصادمي مع كوكبنا ؛ لكان لدينا القدرة على تبخير هذا الكويكب تماما وفي حال كان لدينا الوقت الكافي يمكن أن نقوم بإبعاد كوكبنا للخروج عن مسار التصادم والهروب أو أن نقوم بتحريك أحد الكواكب كالمشتري مثلاً ووضعه في طريق التصادم قبلنا .
 
متى سنصبح حضارة رقم (2)؟ قد يلزمنا من الوقت ما يقارب الـ1000-2000 سنة لنصبح حضارة نجمية.
 
الحضارة رقم (3):
ما يسمى بالحضارة المجرية، انتقلنا من فكرة السيطرة الكاملة على الكوكب الأم ثم السيطرة على نجم ثم القيام بإيواء وتخزين ما يكفي من الطاقة المتاحة لجعلها أساساً لهذه الحضارة لتلبية حاجاتها من الطاقة وحمايتها من الانقراض، والآن يأتي النوع الثالث، عندما تصبح الكائنات في هذه الحضارة عابرة للمجرات بالإضافة إلى التعرف علي كل شيء له علاقة بالطاقة.
 
أما من الناحية البيولوجية، فمئات الآلاف من السنين من التطور البيولوجي والريبوتي ستكون كافية لإحداث تطورات للجنس البشرى تجعله مختلفا بشكل لا يصدق عن ما نحن علية الأن .
 
سنكون مثل السوبر مان الذى تكلم عنه نيتشة و برناردشو و قدمه سلامة موسي عنهما في قصة التطور .. كائنات ذكية متقدمة عنا ببنيتها من الناحية البيولوجية وقدراتها الميكانيكية.. تنظر لنا .. كما ننظر نحن للنسانيس
 
إن هذه الحضارة ستقوم ببناء المستعمرات في أنحاء المجرة نظرا لتزايد عدد السكان واستعمار النجوم نجمة بعد نجمة، وستقوم ببناء نماذج (دايسون) متعددة على جميع النجوم المجاورة تجمع الطاقة وتخلق شبكة ضخمة لنقلها إلى الكوكب الأم أو تقوم بتخزينها على كواكب آخرى، وربما قد تستمد هذه الحضارة الطاقة من الثقوب السوداء وغيرها.
 
لكن امتدادها على نطاق المجرة سيجعلهابطريقة ما تواجه العديد من المشاكل، حيث أن هذه الأنواع ستصبح مقيدة بقوانين الفيزياء وخاصة من ناحية السفر بسرعة الضوء حيث سيقومون بتطوير محرك لتشويه الزمكان واستخدام طاقتها لخلق (ثقوب دودية) تؤمن لهم التنقل بسرعة كافية في الفضاء مثلما نرى في أفلام الخيال العلمي الأمريكية .
 
كم يلزمنا من الوقت لنصبح حضارة مجرية؟ يلزمنا حوالي 100,000 عام على الأقل .
 
الحضارة رقم (4 )
يعتقد كارداشيف أن حضارة النوع الرابع ستكون متقدمة ”جدا“ على حضارة النوع (3) بالنسبة لقدرة الكائنات الموجودة في هذه الحضارة، فحضارات النوع الرابع ستكون تقريبا قادرة على تسخير الطاقة من الكون كله لتلبية حاجاتها ومع ذلك فستحتاج هذه الحضارة لمصادر طاقة غير معروفة حالياً ضمن قوانيننا الفيزيائية (كالطاقة المظلمة للثقوب السوداء ).
 
الحضارة رقم (5 ) :
لا يمكننا أن نتوقع الكثير عنها، لكن الكائنات فيها ستكون قد وصلت إلي أن تمتلك معرفة تمكنهم من معالجة الكون كما يشاؤون.
 
يقول ميتشو كاكو: ”إن البشر لديهم طريق طويل جدا للوصول لهذا النوع من الحضارة، ولكن هذا لا يعني أنه لا يمكن أن يتحقق، وللقيام بذلك فإن الخطوة الأولى هي الحفاظ على هذا الكوكب الصغير وإيقاف الحروب والاستمرار في دعم التقدم العلمي والاكتشافات والاستثمار في التعليم و البحث و الإستكشاف .
 
أشكر حضراتكم علي تحملي أنا و الناشيوناتل جيوغرافيك ... و الكتب اللي غيرت نظرتي للوجود .. العلمي منها مثل الفين توفلر .. و السوقي مثل أنيس منصور .. و أفلام الخيال العلمي التي أدمنتها.و تدعو للتأمل و السياحة بعيدا عن المألوف .