لم تتوقف تساؤلات أطفال الكنيسة للقس ثروت وهبة يوما؛ ما شكل المسجد من الداخل؟ هل عليهم الحذر من المسلمين؟ ولماذا يقول إمام المسجد الله أكبر مثل الذين قتلوا الأقباط من قبل، حدثهم خادم الكنيسة الإنجيلية بالعباسية مرارا عن الإسلام، أخبرهم ألا يخافوا، لكن ذلك لم يكن كافيا، حتى اصطحبهم مرة لتوزيع حلوى المولد على المسلمين في المنطقة.



قبل ٨ سنوات بدأت مبادرة القس ثروت "كنا في العيد بنسلم على جيراننا المسلمين بس ده مش كفاية"، بدأ الأمر بصناديق تحوي قطع الحلوى، ابتسامة على الثغور وجملة "كل سنة وأنت بخير"، كانوا كافيين لكسر الحاجز عند الأطفال من الديانتين، أما الكبار فقد نشأت بينهما علاقة جيدة قبل سنوات "أنا من المنيا أصلا .. وأحنا في القرى متعودين نعرف بعض ولما جيت القاهرة اتصاحبت على أهالي العباسية كلهم" يقول القس ضاحكا.

مسجد الكبير هو الأقرب للكنيسة الإنجيلية، بادلهم أهله الود أيضًا "بقوا من نفسهم ييجوا يحضروا معانا قداس العيد"، وجوه الأصدقاء معروفة حتى لأمن الكنيسة "ولما الأمن بيخاف يدخلهم أنا بتوسط لأني عارف أنهم مننا وعمرهم ما هيضايقونا".

قبل كل ذكرى مولد الرسول، يشتري القس علب الحلوى، يخرج رفقة خادمين آخرين من الكنيسة، وحوالي ٢٠ طفلًا، ينتظرون وقت صلاة الجمعة أو أي صلاة أخرى ويبدأون بالتوزيع عقب خروج المصلين "الناس بقت عارفانا وبتستنى كل سنة الطقس ده رغم بساطته".


لم يكن قرار التوزيع والمبادرة يسيرا "فيه ناس عندها إسلاموفوبيا للأسف وصعب نغير دا"، لكن القس يحاول زرع قيم مختلفة في الأطفال "أهمها إنهم يحبوا وميستنوش مقابل للحب.. الود دايما بيغير القلوب"، تلك النظرة يحاول القس ثروت تغييرها لدى جيرانه المسلمين أيضًا؛ يتذكر لعب الأطفال بجانب الكنيسة ودخولها الكرة بالصدفة للمكان "ناديت عليهم كلهم وفرجتهم على الكنيسة.. وأنها مكان مسالم جدا بنصلي فيه لربنا"، فيما يحكي عن "الحاج إسماعيل" الذي أعطاه أحد الأطفال حلوى المولد، فاصطحب الرجل أبنائه في الأحد التالي للكنيسة "عشان يرد لنا الزيارة".

أثر ما يفعله القسم ممتد، لا يلمس ذلك في الصغار فقط، بل حتى عند الأجانب الذين يسمعون قصص عن مصر بعضها خاطئ على حد قوله، فخلال تلك المبادرات ينشر أصدقاؤه المهاجرون الصور "فيبدأ صحابهم في الدول التانية يشوفوها وينشروها.. وده بيدي إحساس بالطمأنينة تجاه البلد".