عرض/ سامية عياد 
حينما انتهى الله من خلق الكون وما به ، خلق الإنسان ورأى الله أنه حسن جدا ، خلقه بلا فساد ولا خطية ، ولكن بسقوط آدم وحواء فى الخطية فسد الجسد ودخلت الشهوات والأهواء إليه .. 
 
القمص يوحنا نصيف كاهن كنيسة السيدة العذراء شيكاغو فى مقاله "الجسد صديق أم عدو" أوضح لنا أن الجسد هو نعمة كبيرة من الله يجب أن نشكر الله عليه ونهتم به ، هذا ما أدركه القديسون على سبيل المثال القديس بولس الرسول يعتبر الجسد وزنة مباركة من الله ومن المهم أن يستثمرها ويتاجر بها حسنا للخير والمنفعة ، ومن المعروف أن الجسد عرف طريقه الى الفساد بعد خطية آدم وحواء ، وتملكه الشهوات والميول الرديئة التى تحتاج من الإنسان أن يجاهد من أجل ضبطها وقمعها "الذين هم للمسيح قد صلبوا الجسد مع الأهواء والشهوات" ، فإذا لم يستطيع الإنسان كبح جماح هذه الشهوات طاحت به الى الهاوية وخسر الحياة الأبدية كما يقول القديس بولس الرسول "أقمع جسدى واستعبده حتى بعدما كرزت للآخرين لا أصير أنا نفسى مرفوضا".
 
وهنا يأتى أهمية الجهاد الروحى من أجل حفظ التوازن فى التعامل مع الجسد ، أقوته وأزينه من ناحية ، وأقمعه وأستعبده من ناحية آخرى، وهنا يأتى دور الكنيسة فتربينا منذ الصغر على الأصوام التى تساعدنا على ضبط النفس وقمع الجسد ، وتعلمنا أيضا حكمة الآباء أن الجسد خادم جيد ولكنه سيد شرير ، فالجسد إذا أكرمناه يمكن أن يهننا بتوريطنا فى محاولة إرضاء رغباته الشريرة ، لذا لزم علينا توخى الحذر بين تلبية احتياجات الجسد وهذا أمر ضرورى وبين التورط فى إرضاء الرغبات الشريرة يجب أن نرتقى بالجسد عن طريق الصلاة والصوم فالإنسان حامل فى جسده سمات الرب يسوع ، واعيا للوصية التى تقول "إن عشتم حسب أهواء الجسد فستموتون ، ولكن إن كنتم بالروح تميتون أعمال الجسد فستحيون" .
 
وهناك قول للقديس بيمن فى القرن الخامس "أن الإنجيل لا يعلمنا أن نقتل الجسد بل أن نقتل شهوات الجسد" ، ليتنا نحب أجسادنا لأن صورة المسيح مطبوعة فيه ، نرعاه ونقوته ونلبى احتياجاته ولكن فى نفس الوقت نتوخى الحذر من رغباته الشريرة فنجاهد من أجل كبح جماحها حتى لا تفقدنا الملكوت السماوى..