جارينيه نظريان
تزامناً مع وصول الجيش السوري إلى مشارف حقل "رميلان" النفطي، تتجه الأنظار إلى شمال شرق سورية، وتستثار جملة من التساؤلات والتكهنات حول احتمالات حدوث صدام عسكري مباشر بين جنود الجيش السوري ونظيره الأمريكي ، الذي يتابع في عمليات تمركزه ضمن الحقول النفطية، إبان قرار الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" توسيع مهام قواته في الشمال السوري تحت ذريعة تأمين الحقول النفطية.

وفي ظل قرارات "ترامب" الأخيرة التي تلخصت بالإبقاء على /900/ جندي أمريكي في سورية، وإعادته العلاقات مع القوات الكردية، مناقضاً بذلك تصريحاته السابقة وخاصة فيما يتعلق بالملف الكردي، ما خلّف تداعيات بالجملة على المشهد في شمال سورية بشكل عام، وفق ما بيّنه "ستيفن صهيوني"، الصحفي السوري- الأمريكي المختص في الشؤون السياسية لأمريكا والشرق الأوسط، خلال حديثه لـ "الأقباط متحدون"، والذي فصّل تلك التداعيات عبر أربع نقاط هامة.

سرّ تردد "ترامب" في الخروج من سورية
يقول "صهيوني": "إن أمعنا النظر في دور الولايات المتحدة على مر العصور وخلال جميع الحروب، نرى أن الحروب الأمريكية عبر التاريخ، كانت تسعى دائماً إلى السيطرة على الثروات الباطنية للبلدان، كما حدث في الحروب التي شنّتها أمريكا على العراق وليبيا وغيرها من الدول، والأمر ذاته نجده اليوم يحصل في الحرب السورية، يضاف إلى ذلك أطماع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي ما تزال تتسبب بتردده في قرار الخروج من سورية لعدة أسباب، في مقدمتها الضغط على سورية وروسيا من أجل فرض استدراجهم إلى طاولة المفاوضات وفق الشروط الأمريكية، إضافة لأطماعه المتعلقة بالمشاركة المباشرة في عملية إعادة إعمار ما دمرته الحرب في سورية".


الأكراد ورقة "الجوكر"
وعن الملف الكردي وما حدث مؤخراً من التخلي الأمريكي عن حليفه الاستراتيجي "قسد"، قال الصحفي صهيوني لـ "الأقباط متحدون": "إن نهج السياسية الخارجية الأمريكية مبني على استخدام الدول لمصالحها، ومن ثم التخلي عنها، والرئيس ترامب استخدم الأكراد وما يزال يستخدمهم، كورقة ضغط على كل من الحكومة السورية وروسيا بهدف إطالة أمد الحرب، تماشياً مع عدم إمكانية استفادة الحكومة السورية من النفط، لذلك أصبحنا نرى وعوداً وإغراءات للأكراد ، من خلال تصريحاته الأخيرة، وبأنه سيحاول التوصل إلى حل يضمن لهم بعض التدفقات النقدية (من النفط)، وسيسمح لإحدى شركات النفط الكبرى بالدخول للمنطقة وأداء ذلك بشكل صحيح، فعلياً لا نعلم مدى مصداقية ترامب بهذا الشأن وخاصةً بعد تصريحه السابق الذي أكد فيه بأن على الأكراد السوريين أن يقاتلوا بمفردهم، وأن أمريكا لم تقدم أبداً أي تعهد للأكراد بالبقاء في المنطقة /400/ عام لحمايتهم.

صدام سوري- أمريكي أم تسوية مبطنة؟
الواقع الميداني في سورية، شهد تداعيات بالجملة مؤخراً، وخاصة فيما يتعلق بدخول الجيش السوري إلى مناطق جديدة في أرياف حلب والرقة والحسكة، وهي المناطق التي استمرت "قسد"، الحليفة السابقة لأمريكا ، بالسيطرة عليها طيلة السنوات السبع الماضية، حيث أكد "صهيوني" بأن: "الميدان السوري يعيش حالة ترقب بعد حشد الجيش السوري قواته وإرساله تعزيزات جديدة لريف الحسكة الشمالي الشرقي ضمن إطار استكمال انتشاره على الحدود السورية- التركية".


وأضاف: "وصول الجيش السوري إلى مشارف الحقول النفطية في رميلان بات يشكل تهديداً مباشراً لمصالح أمريكا في المنطقة، لكن ما يلوح بالأجواء أن لا صدامات مباشرة ستحدث، فالولايات المتحدة تعلم تماماً دعم روسيا للجيش السوري، وبالتالي فإن أي صدام قد يتسبب بنار تحرق المنطقة برمتها، وهذا ما لا تحبذه سواء واشنطن أو موسكو، ولذلك فمن المرجح أن نشهد تسوية مبطنة تُمكّن سورية من استخراج النفط الموجود ضمن تلك الحقول".

تطلعات روسيا
وفيما يتعلق بالتطلعات الروسية إلى مستقبل المنطقة، أوضح "ستيفن صهيوني" لـ "الأقباط متحدون"، بأنه من المستبعد أن تتحرك روسيا نحو التصعيد العسكري، رغم رفع موسكو من وتيرة اتهامها لواشنطن عبر تصريحات نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي فيرشينين الذي قال : "إن أي تصرفات من مثل تلك التي تحاول الولايات المتحدة تعزيز وجودها العسكري غير الشرعي، هي من وجهة نظر روسيا مخالفة للقانون الدولي وغير مقبولة".

وأردف الصحفي المختص بالشؤون السياسية بالقول: "الإجراءات الروسية ستبقى ضمن الشق السياسي فالمنطقة اليوم مشتعلة على أكثر من جبهة، حيث ستقتصر تلك الإجراءات على العمل ضمن مجلس الأمن والتصريحات، إضافة إلى أن موسكو قد تعمل على تسوية سياسية بين الحكومة السورية والأكراد بهدف سحب الذريعة من الأمريكيين الذين سيجدون أنفسهم حينها في أزمة، كما يجب ألا نغفل عن أن موسكو تعمل على كسب الوقت لحين انتهاء الإنتخابات الأمريكية من أجل التفاوض، إما مع رئيس جديد أو مع الإدارة الأمريكية ذاتها".


من الجدير ذكره، بأن الجيش السوري يتقدم بشكل يومي و مستمرٌ في إرسال تعزيزاته العسكرية إلى مناطق شمال شرق سورية لتعزيز عمليات انتشاره ضمن النقاط التي تسلمها مؤخراً من القوات الكردية، بالتزامن مع استمرار تحرك الدوريات العسكرية الروسية- التركية المشتركة ضمن الخطوط الفاصلة بين الجيش السوري من جهة، والقوات التركية والفصائل المسلحة الموالية لها من جهة ثانية، وفق ما نص عليه الاتفاق الروسي- التركي الذي أبرم سابقاً بين البلدين في "سوتشي".