يقلم : د . مجدى شحاته
تتوارد الأنباء فى الاوساط المسيحية المصرية بصدد الشروع فى انتاج مسلسل تلفزيونى كبير  يحكى سيرة وحياة مثلث الرحمات ، قداسة البابا شنوده الثالث بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية ( البابا ال 117 من البطاركة ) .
 
ويتولى دير الانبا بيشوى الذى ترهبن فيه البابا ودفن فى ثراه بناء عن وصيته ، الاشراف على انتاج المسلسل . تنيح البابا شنودة الثالث  عام 2012 ، وامتدت حياته العطرة  لتسعة وثمانين عاما ( 1923 – 2012 ) ، قضى منها أكثر من أربعة عقود بطريركا للكنيسة القبطية الارثوذكسية فى مصر .
 
ولا شك أن تجسيد الشخصيات المسيحية البارزة ذات التاريخ الحافل ، فكرة جيدة ، تحكى وتسجل وتحفظ التراث والسيرة العطرة لتلك الشخصيات لتستنير بها الاجيال التالية .
 
ومن الملفت أن هناك حتى الآن الاعلان عن عملان فنيان يحملان نفس الاسم ، ويناقشان نفس المضمون .
 
العمل الاول ، عبارة عن فيلم وثائقى مدته ساعتين ، وقد تم توثيقه واثباته فى وزارة الثقافة فى 15 يوليو 2015 .
 
أما العمل الثانى فهو المسلسل التلفزيونى المزمع انتاجه فى 34 حلقة ويحمل نفس الاسم ( بابا العرب ) .
أثار المسلسل شيئا من الجدل منذ الاعلان عنه .
 
أبرزها يتعلق بأسم المسلسل ، والآخر بخصوص التمويل المالى .
 
من ناحية تسمية المسلسل ( بابا العرب ) فالبابا شنوده الثالث شخصية عامة أحب الجميع ، وأحبه الناس فى مصرو من كل البلاد العربية وسائر دول العالم .
 
من المعروف ، أن اسم أى عمل درامى ، يعكس بصورة عامة عن مضمون المحتوى الدرامى للعمل الفنى .
 
حيث يتم توظيف السيناريو والحوار والاحداث بطريقة تتوافق مع أسم العمل الدرامى .
 
ان التسمية ( بابا العرب ) وانا شخصيا لا أعترض عليها ، وهى التسمية الى أطلقتها بعض الصحف العربية على البابا بعد زيارته لمخيم اليرموك عام 1997  ، أكبر المخيمات الفلسطينية فى سوريا .
 
لكن تحفظى على تسمية المسلسل باسم ( بابا العرب ) ، ربما توحى او تحجم العمل الدرامى فى أطار سياسى محدد ، وتشير نحو زاوية واحدة محددة من سيرة البابا الممتدة طولا وعرضا وعمقا .
 
نعم كان البابا شنوده الثالث رجلا وطنيا حتى النخاع ، ولم تكن وطنيته مجرد أقوال انما كانت أفعال وحياة معاشة ، مقدما نفسه مثالا للوطنية الخالصة محبا لتراب الوطن ، فكان فى كل جولاته ورحلاته ، يعلى أسم مصر والعرب فى كل المحافل الدولية وكسفير فوق العادة لمصر يقدم الكنيسة القبطية الارثوذكسية الوطنية للجميع والذى كان يتباهى بها أمام كل دول العالم
.
البابا شنوده الثالث خليفة مار مرقس الرسول ، أبوالآباء ، وراعى الرعاة رجل دين ، لم ينشغل او يشتغل بالسياسة .
 
التاريخ يشهد بمواقفة الوطنية العظيمة التى أشاد بها الجميع عى المستوى المحلى والعربى .
 
فقد شارك فى الحرب الفلسطينية عندما خدم فى القوات المسلحة ، دعم القضية الفلسطينية والقضايا العربية ودعى الى عدم زيارة الاقباط  لمدينة القدس ، وزار المخيمات الفلسطينية فى سوريا داعما ومشجعا .
 
فلا شك ان اى بابا من البطاركة له توصيف خاص بالكرسى المرقسى كاروز الكنيسة القبطية .
 
فالبابا شنودة معلم المسكونة فى عصره ، 
 
قاد الكنيسة فى نفس مسارها الآبائى الروحى ، خليفة كاروزها مار مرقس الرسولى ناظر الالهيات ، اتبع من حفظوا الايمان ، وصاغوا العقيدة السليمة وشرحوا اللاهوتيات وقادوا المجامع المسكونية ، خليفة البابا اثناسيوس الرسولى والبابا كيرلس عمود الدين والبابا ديسقورس بطل الارثوذكسية .
 
فى ظل هذا المفهوم الآبائى العظيم لابد ان يكون اسم المسلسل معبرا عن المضمون بصورة أكثر واقعية  ، توضح التاريخ العريض الروحى الممتد عبر عقود طويلة حافلا بأمور روحية ولاهوتية وتعليمية وتربوية وآبائية غير محصور فى زاوية ضيقة     
 
أما من ناحية التمويل المالى ، فلم تتضح حتى الان ميزانية محددة لتنفيذ العمل ، لكن هناك تصاريح وأقوال متداولة بأن ميزانية العمل قد تصل الى مايقرب من 80 مليون جنيه مصرى ، الامر الذى سبب فى ردود أفعال سلبية .
 
المعروف ان ميزانيات الاديرة متواضعة للغاية وليس لها المقدرة بل وليس من واجبها الصرف على انتاج أعمال درامية بهذه البالغ الباهظة .
 
فليس من المنطق ان تذهب أموال تبرعات المحتاجين والغلابة الى انتاج أعمال فنية ، وهذا ما أكده القمص بيموا فى دير الانبا بيشوى والمسئول عن انتاج المسلسل  ، بأن الدير لن يمول انتاج المسلسل ، كذلك رفض فكرة التبرعات لتنفيذ العمل ، ولكن تم فتح حساب باسم الدير فى احدى البنوك وبمجرد الاعلان عن بداية التنفيذ ، سوف تبادر العديد من القنوات التلفزيونية والفضائيات بالمشاركة المادية ، وايضا تساهم شركات الانتاج الفنى فى التمويل المادى ، فى ظل الشعبية الكبيرة التى يتمتع بها البابا شنوده الثالث ، وبالتالى لاداعى لخلق أى ردود سلبية من ناحية طريقة التمويل المادى للمسلسل .
 
نأمل ان يرى هذا العمل الكبير النور فى القريب العاجل .