د. مينا ملاك عازر
تعددت الوسائل، والموت واحد، لا تظن صديقي القارئ، أن قتل بن لادن وإلقاء جثته نوع من التنكيل به، فالمسألة لا تزد عن كونها قتل للحقيقة لدفنها في غياهب المحيط، وربما هي هكذا للعلن، ولكن السر شيء آخر، بن لادن بالنسبة لأمريكا كنز حقائق لا يمكن التفريط فيه بالسهولة التي تجعلهم يقتلونه في عملية نوعية ثم يلقون بجثته، الأمر أخطر وأعمق من هذا بكثير، بن لادن يمكنه فتح الملفات وفضح التورط الأمريكي في صناعته، لذا يجب أن يصمت للأبد.
 
حديثي عن بن لادن ليس حديث المناسبة فحسب، ولكن ما أظنه جرى مع بن لادن جرى مع أبو بكر البغدادي مرة أخرى، أمريكا تحافظ على سجلها المعروف للعالم بأنها واحدة من المتورطين في صناعة داعش بقتل زعيمها، لألا يفتضح أمرها، قتل الحقيقة وسيلة رائعة لإخفائها، ترى أيهما أهم بالنسبة لأمريكا، خالد شيخ محمد مخطط عمليات 11 سبتمبر أم بن لادن رأس القاعدة كلها، أمريكا احتفظت بشيخ محمد سنوات طويلة جداً لتحاكمه الآن، في حين أن بن لادن تخلصت منه على حد قولها وهكذا البغدادي. 
 
أمريكا صانعة التنظيمات الإرهابية، صانعة الفزاعات للعالم التي تكتوي بنارهم، في الحقيقة لا تستطع بأجهزتها مواجهة مواطنيها بحقيقة صنعها لكل الجرائم العالمية من تحريض لصدام ليغتنم الكويت لتسقطه ثم إدعاء امتلاكه أسلحة نووية وكيماوية لاحتلال العراق، كذلك ضرب سوريا لأنها تستخدم سلاح كيماوي في حين أن تركيا تفعلها في عملياته ضد الأكراد، لكن أحد من المجتمع العالمي لا يتحرك.
 
المواءمات السياسية والتاريخ الأسود للأمريكيين، يشهد بأنهم تورطوا طويلاً في صنع التنظيمات الإرهابية من داعش للقاعدة بالراجع، فقط هم كانوا يريدون صناعة الإخوان الأكثر توحش وقدرة على تفعيل أفكارهم في ميدان القتال، عجزت بريطانيا حين صنعت الإخوان عن هذا ففعلته أمريكا أو هي التعددية المنشودة في إفزاع العالم.
 
لو صدقت الأنباء المتداولة بقتل البغدادي وأنا أميل لتصديقها، فأمريكا تعرف أن الخناق قد ضاق، وربما يسقط في يد أخرى غيرها كالروس مثلاً، فتفتضح وتتعرى بعد أن عرتها وزارة الدفاع الروسية بصور من الأقمار الصناعية تفضح سرقتها للنفط السوري من باطن الأرض السورية لبيعه عالمياً لمصلحة أردوغان وولده أو لمصحلتها، خصوصاً النفط يمثل هاجس كبير لدى الأمريكيين لكن الهاجس الأهم أن يطمسوا الحقيقة ويمحوها ويجعلنوك مغيب وأسير لرواياتهم وقصصهم، وتنبهر بقدراتهم في إبادة وقتال التنظيمات الإرهابية التي صنعوها، أما في الحقيقة فمن هدم داعش فهم الروس.
 
 فتحية للروس، وتحية للأمريكيين من يصنعون التنظيم الإرهابي ويقضون عليه وعلى رأسه قبل أن يعريهم علناً.
 
المختصر المفيد الحقيقة معروفة لكن المهم من يصدق.