كتب : د. مينا ملاك عازر

برغم أنني اختتمت مقالي السابق بمختصر مفيد يدعو للشك في كون أن إيران هي قد تكون التي وراء الهجمات على المنشئات النفطية السعودية، إلا أنني لم أكن أمتلك دليل شأني في هذا شأن الأمريكان والسعوديين الذين يدرسون ليتأكدوا، لكن دعونا نتحرر من البحث عن دليل مادي وقاطع عن الضلوع الإيراني في هذه الكارثة التي تهدد العالم، ولنسأل أنفسنا سؤال، هل الحوثيون أو قوات الحشد الشعبي العراقي التي ربما هي الأخرى تكون قد سيرت الطائرات العشر منفصلين عن إيران أليس كلتا القوتين ذراعين إيرانيين قويين في المنطقة؟ هل يمكنهما فعل عمل ضخم هكذا بدون موافقة إيران؟ بالتأكيد لا؟ قطعاً إيران كانت على علم ودربتهم وأعدتهم لهذا العمل، مرة أخرى هذا التساؤل ليس للاستراحة من عبء البحث عن دليل للدور الإيراني ولكن لرصد حقائق لا شك فيها بعيد عن احتمالات قد تكون حقيقية أو غير واقعية. ومن ثمة، فأنا أرى أن إيران تقف وراء تلك العملية الأخيرة كما تقف وراء باقي العمليات التي سبقتها. 
 
السؤال الأكثر منطقية هنا، هل أنا أورط إيران في أن تدخل في حرب؟ لا، ولكن هي التي بأفعالها التي تكاد تكون صبيانية وتراهن على أنه ثمة عقلاء لم يزالوا يخشون منها يجعلون الحرب عليها خيار أخير هو الذي يجعلها ترتع بهذه الطريقة، الإيرانيون لا يفهمون أن ضربة كهذه، لا توجه للسعودية ولكنها للعالم، السعودية ليست المقصودة في نظر العالم، ولكن طريق إمدادهم بالطاقة، الغرب كله مهدد ليس أمريكا فحسب، دعونا نكون واقعيين حتى الأوربيين المتقاربين من إيران سيتضررون بل هم من تضرروا ليس بتناقص الاحتياطي وتوقف الإنتاج فقط، بل بارتفاع سعر النفط الجنوني الذي وصل لخمسة عشر ولعشرين بالمئة من سعره في يوم واحد، ما لم يحدث من عام 1988، فهل حسب الإيرانيون حساباتهم هذه؟ 
 
الحرب ليست على السعودية ولكن على حتى حلفاء إيران وأصدقائها والمتعاهدين معها نالهم الضرر، الخطر كل الخطر أن يفقد العقلاء في المعسكر السعودي الأمريكي عقولهم ويصوبون ضربة عنيفة تسوق المنطقة لحرب ضروس لا ينقذها منها أحد، لن يخرج منها أحد سالماً، ليس لامتلاك السلاح النووي ولكن لخراب اقتصاد المنطقة، كل الدول ستتضرر بلا شك من هذا، الكل سيخرج مصاب إصابات عنيفة وليست طفيفة.
مرة أخرى وربما ليست الأخيرة، الأمر ينذر بحرب، أسمع بأذني صافرات الإنذار تدوي وطبول الحرب تدق، ولكني لا اتمناها، فالخسارة ستكون كبيرة على الجميع.
 
المختصر المفيد تباً لهذا الصراع المجنون الذي لن يستفيد منه إلا من هم خارج الدائرة النارية.