سبق اختراع الثلاجة الحديثة على يد العالم الفرنسي فرديناند كاريه عام 1859، الكثير من المحاولات لتبريد الأطعمة، عن طريق عزلها في أقبية المنازل أو خزائن التبريد الخشبية، وفي الوقت الحالي لا يمكن تخيل وجود عملية تبريد مجدية دون كهرباء.

 
لكن السعي الدؤوب من العلماء لتقليل الاعتماد على الطاقة الكهربائية، أنتج اليوم نظاما فعالا للتبريد دون كهرباء وهو ما قد يبدو لنا سحرا، حيث يمكن لهذا النظام تبريد الأشياء بداخلة تحت أشعة الشمس الحارقة خلال شهور الصيف، لأكثر من 13 درجة مئوية.
 
بحسب موقع "techxplore"، صمم باحثون في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بالولايات المتحدة، والجامعة البابوية الكاثوليكية في تشيلي، جهازا يعمل عن طريق عملية تسمى بـ"التبريد الإشعاعي"، تحجب أشعة الشمس الساقطة عليه، وتنبعث منه الأشعة تحت الحمراء، أي الحرارة، وهو ما يؤدي إلى درجة عالية من التبريد في الجهاز، بمعزل عن درجة الحرارة المحيطة به.
 
يعمل النظام الجديد للتبريد وفق آلية بسيطة وغير مكلفة تعتمد على العزل بواسطة رغوة البولي إيثيلين الشفافة المسماة "airgel"، وهي مادة خفيفة الوزن، قادرة على منع وعكس أشعة الشمس، ولكنها في الوقت نفسه تعمل على نفاذ للأشعة تحت الحمراء التي تحمل الحرارة، بما يسمح لحرارة الأشياء بالداخل بالخروج بحرية.
 
وأوضح أرني ليروي طالب الدراسات العليا في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، والباحث الرئيسي بالدراسة التي نشرت الأربعاء الماضي في مجلة "Science Advances"، أنه يمكن استخدام هذا النظام، على سبيل المثال، كوسيلة لمنع تلف الخضروات والفواكه، ومضاعفة الوقت التي الذي يمكن أن يظل فيه المنتج طازجًا، لا سيما في الأماكن النائية التي لا تتوفر فيها طاقة يمكن الوثوق بها في تبريد المنتجات.
 
والتبريد الإشعاعي ببساطة هو العملية الأساسية التي تستخدمها معظم الأجسام الساخنة لتبرد، حيث تنبعث منها الأشعة تحت الحمراء متوسطة المدى، والتي تحمل الطاقة الحرارية من الكائن مباشرة في الفراغ لأن الهواء شفاف للغاية لضوء الأشعة تحت الحمراء.
 
شارك في الدراسة أستاذة ورئيسة قسم الهندسة الميكانيكية، إيفلين وانج، وسبعة آخرين في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وفي الجامعة البابوية الكاثوليكية في تشيلي، ويعتمد الجهاز الجديد على مفهوم أثبتته وانج وآخرون قبل عام، حيث استخدمت أيضًا التبريد الإشعاعي بواسطة حاجز مادي، رفيع من المعدن، لتظليل الجهاز من أشعة الشمس المباشرة لمنعه من التسخين، برغم عمل الجهاز لكنه وفر أقل من نصف كمية طاقة التبريد التي يحققها النظام الجديد بسبب طبقة العزل عالية الكفاءة.
 
كانت الرؤية الجديدة للفريق تتمثل استخدام مواد الأيروجيل Aerogels خفيفة الوزن والتي تتكون في الغالب من الهواء وتوفر عزلًا حراريًا جيدًا، حيث تتكون بنيتها من تشكيلات تشبه الرغوة المجهرية لبعض المواد.
 
طور الباحثون نوعا جديدا من airgel، عبارة مادة هوائية بيضاء ناعمة وأسفنجية خفيفة الوزن من البولي إيثيلين، وهي المادة المستخدمة في العديد من الأكياس البلاستيكية.
 
لاختبار فعالية تنبؤاتهم، قام الفريق مع المتعاونين التشيليين بإعداد جهاز لإثبات الفكرة، في صحراء أتاكاما في تشيلي، الأكثر جفافاً على الأرض، حيث لا يحدث هطول للأمطار تقريبًا، وهم على خط الاستواء مباشرة ويتلقون أشعة شمس حارقة تضع الجهاز في اختبار حقيقي، لحقق الجهاز تبريدًا قدره 13 درجة مئوية تحت أشعة الشمس الكاملة فترة الظهيرة، اختبارات مماثلة في حرم معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في كامبريدج، حقق أقل بقليل من 10 درجات تبريد.
 
ويشير الباحثون إلى أنه من الناحية النظرية، يمكن لهذا الجهاز أن يحقق خفضًا في درجة الحرارة يصل إلى 50 درجة مئوية، لذا يواصلون العمل في سبيل تحسين النظام لأفضل ما يكون، بحيث يمكن توسيع استخداماته لتشمل تطبيقات التبريد الأخرى مثل مكيفات الهواء دون الحاجة إلى مصادر للطاقة، ولقد تم بالفعل دمج التبريد الإشعاعي جزئيا مع بعض أنظمة تكييف الهواء الحالية لتحسين كفاءتها.