( 393- 409 م تقريبا )
إعداد/ ماجد كامل
تحتفل الكنيسة القبطية يوم 20 بابة من الشهر القبطي الموافق 30 أكتوبر من الشهر الميلادي ( سوف يأتي هذ العام في 31 أكتوبر حيث أنها سنة كبيسة ) . بتذكار نياحة القديس يوحنا القصير ؛ وهو واحد من كبار آباء الرهبنة العظام في القرن الخامس الميلادي ( تنيح في 409م ) . أما عن يوحنا القصير نفسه ؛ فلقد ولد في عام 339 ببلدة طيبة ( الأقصر حاليا ) من عائلىة فقيرة ولكن تقية ؛ولقد شعر يوحنا بالدعوة الرهبانية في سن مبكرة في حوالي الثامنة عشر من العمر ؛ فتوجه إلي القديس الأنبا بموا طالبا الرهبنة ؛ فلما رأي الأنبا بموا حداثة سنه طلب منه التريث قليلا لعله لا يحتمل الجهاد ؛فرد عليه يوحنا أنه مستعد لطاعة معلمه في كل ما يطلبه منه ؛ فصلي الأنبا بموا وصام لمدة ثلاثة أيام ؛وبعد هذه الأيام الثلاثة ظهر له ملاك الرب في حلم وقال له " نعم ما فعلت بقبولك الشاب يؤانس تلميذا ؛ لأنه سيكون أبا لجماعة كبيرة ؛وسيخلص كثيرون بسببه " . ففرح الأنبا بموا بهذه الرؤيا وبالفعل ألبسه ثياب الرهبنة ؛ وكان ذلك حوالي عام 357 م تقريبا .

ولقد أشتهر بحياة الطاعة الشديدة ؛ حتي أنه صار مضرب الأمثال في الطاعة من خلال القصة الشهيرة "شجرة الطاعة " وملخصها أن معلمه الأنبا بموا أعطاه عودا يابسا وطلب منه أن يسقيه ماءا يوميا ؛ فأخذ الأنبا يؤانس العود وظل يسقيه يوميا لمدة ثلاث سنوات حتي أزهر ؛ وتحول إلي شجرة باسقة مثمرة . فأمتلأ الأنبا بموا فرحا ؛ وقام بتقديم هذه الثمار للرهبان هناك قائلا لهم " ذوقوا وأنظروا ما أشهي ثمرة الطاعة " ولقد ظل الأنبا يؤانس في خدة معلمه لمدة 12 سنة ؛ وعندما حانت ساعة انتقاله من العالم ؛ جمع الأنبا بموا جميع الرهبان ؛ وأمسك بيد تلميذه الأنبا يؤانس وقال لهم "تمسكوا بهذا الأخ فإنه ملاك في صورة إنسان " ؛ ثم ألتفت إلي الأنبا يؤانس وقال له " عش في نفس المكان الذي غرست فيه شجرة الطاعة (ولقد ظلت هذه الصورة بمنطقة دير الأنبا يحنس كاما إلي وقت قريب ؛ وقيل أنها كانت موجودة حتي حوالي عام 1921 أو بعد ذلك) .

وبعد نياحة الأنبا بموا ؛عاش الأنبا بموا مع الأنبا بيشوي ؛ وفي تلك الفترة قام البابا ثاؤفيلس ( 385- 412 م ) بطريرك الكنيسة القبطية رقم 23 ؛ بزيارة المنطقة ؛ وسيم يؤانس القصير قسا ؛ وعندما وضع اليد عليه ؛ سمع جميع الحاضرون صوتا من السماء يقول "أكسيوس أكسيوس أكسيوس أي مستحقا مستحقا مستحقا " . ولما هجم البربر علي الدير حوالي عام 407 م ؛ ترك الأنبا يؤانس الدير وهرب إلي برية القلزم ؛ وسكن في مغارة هناك ؛ ويؤكد جناب الاب الورع العالم الجليل القمص ميصائيل بحر ( 1901- 1983 ) كاهن دير أبو حنس بملوي ؛ في كتابه البالغ الأهمية " تاريخ القديس الأنبا يرحنس القصير ومنطقة أنصنا ( انتيونيه ) ؛ أن القديس يؤانس القصير ؛ زار منطقة الدير ؛ وأسس فيها هذا الدير ؛ ومكث به فترة بعد نياحة القديس الأنبا بيشوي في 8 أبيب حيث قام بكتابة سيرة القديس بنفسه . ولقد بني هناك سورا حول الدير بنفس مساحة ديره ببرية شيهيت وهي 3 أفدنة و4 19 قيراطا و6 أسهم ؛ وفي داخل السور بني كنيسة ؛ وإلي الغرب منها حفر الآباء ساقية لإخراج الماء ( سوف يكون لنا وقفة تفصيلية مع دير أبو حنس بملوي بعد الأنتهاء من سرد سيرته الذاتية ) .

ولقد تنيح القديس يؤانس القصير في 20 بابة 409 م تقريبا ؛ ودفن جسده في دير القلزم ؛ ثم نقل بعدها إلي برية شيهيت في يوم 29 مسري ؛ وكان ذلك حوالي عا م 520 للشهداء الموافق 804 م ؛ في عهد البابا يؤانس الرابع (777- 799 م ) بابا الكنيسة القبطية رقم (48 ) بنقل الجسد إلي ديره الأثري ببرية شيهيت ؛ وبعد خراب الدير ؛ تم نقل الجسد الطاهر إلي دير القديس العظيم مكاريوس الكبير ؛ ومازل مدفونا هناك مع أجساد الثلاثة مقارات القديسين ( لمزيد من التفصيل :- راجع سنكسار يوم 29 مسري ) .أما عن مصادر سيرة القديس يوحنا القصير ؛ يذكر لنا الرحالة الشهير ايفلين هوايت H .G Evelyn White ( 1884- 1924 ) تحت عنوان "مصادر حياة يوحنا " حيث يؤكد أن مصادرنا الرئيسية هي الحكايات الواردة في الابوفتجمانا باتروم السيرة القبطية التي كتبها الأنبا زكريا أسقف سخا ؛ أحد أحبار الكنيسة في أواخر القرن السابع الميلادي .والعمل الثاني تجميعي من كتاب قبطي يعرف ب" كتاب الشيوخ القديسون ؛ وفي موضع آخر يعرف بإسم كتاب الشيوخ القديسون أو الفردوس ( لمزيد من التفصيل راجع ( ايفلين هوايت :- تاريخ الأديرة القبطية في الصحراء الغربية ؛ تعريب د . بولا ساويرس ؛ الصفحات من 161 – 167 ؛ نسخة PDF ) .

ويوجد ثلاثة أديرة كانت تحمل أسمه نذكر منها :-
1- دير أنبا يحنس القصير ببرية شيهيت بوادي النطرون ( مندثر )

2- دير يحنس القصير بجبل المقطم شرقي طرة ؛ ويعرف بدير البغل أو دير القصير ( راجع مقالنا عن دير البغل المنشور بجريدة القاهرة بتاريخ 1 يناير 2013 ؛ ثم أعيد نشره في كتابنا مقالات في الهوية القبطية الصادر عن كنيسة السيدة العذراء بالمعادي ) .

3- دير يحنس القصير بجبل أنصنا بجوار ملوي .
أما عن دير ابو حنس بملوي ؛ فلقد كتب عنه المقريزي فقال عنه تحت أسم دير أبو النعناع " هذا الدير خارج أنصنا . وهو من جملة عمارتها القديمة ؛ وكنيسته في قصره لا في أرضه ؛ وهو علي أسم أبي يحنس القصير وعيده في العشرين من بابة " . ( عبد المجيد دياب :- تاريخ الأقباط للعلامة المقريزي ؛ دار الفضيلة ؛1995 ؛ صفحة155 ) .


كما كتب عنه الرحالة الإلماني الشهير فانسليب (1635 – 1679 ) في كتابه الشهير "تقرير الحالة الحاضرة لمصر 1671 " فقال عنه " في مدينة أنصنا نحو الشرق ؛ديران ؛ الأول ليوحنا القصير ويدعونه ـبو حنس القصير ؛ والثاني للطوباوي أبا بيشوي " ( المرجع السابق ذكره ؛ صفحة 155 ) .
كما ذكره الرحالة الفرنسي الشهير كلود سيكار Claude Sicard ( 1677- 1726 ) فقال عنه في تقرير رحلته " المرور علي دير أبو حنس ومنه إلي اليضابة ثم إلي دير الملاك ميخائيل وبه عدد من الأسر " ( الأنبا صموئيل :- تاريخ أبو المكارم ؛ تقرير عما كتبه الأجانب والمؤرخون عن الكنائس والأديرة ؛ الجزء الرابع ؛ صفحة 130 ) .

ونذكر أيضا التقرير الذي كتبه علماء الحملة الفرنسية في كتاب وصف مصر الذي صدر عام 1809 حيث قالوا عنه " علي بعد 300- 400 متر جنوب انصنا وقرب دير ابو حنس توجد مدينة مسيحية متهدمة وهي منطقة مليئة بالآثار ويوجد بها بقايا كنيسة صنع طوبها وسمك الحوائط مطابق لمواصفات الكنيسة بقرية ابو حنس المقسمة الي صالات .... وقد لفت انتباهي ايقونات لصاحب الكنسية الانبا يحنس وكذلك الملاك ميخائيل وتاريخ الرسم في القرن الثاني عشر الهجري اي من حوالي 200 سنة ( نفس المرجع السابق ؛ صفحة 139 ) .

كما كتب عنه المتنيح الأنبا صموئيل أسقف شبين القناطر في كتابه " الدليل إلي الكنائس والأديرة القديمة من الجيزة إلي أسوان " في الدير تحت رقم (70 ) ؛ تحت عنوان "دير أبو حنس" فقال عنه " تقع الكنيسة الأثرية في الجزء الجنوبي الشرقي من البلدة ويقدر عمرها من القرن السادس الميلادي ؛ وإن كان قد استبدل سقفها الخشبي بالقباب والقبوات بعد إضافة مباني الأكتاف اللازمة . وعلي جانبي الحوائط توجد حنيات وتيجان بزخارف نباتية تؤكد أن عمرها من القرن السادس الميلادي . وعلي مذبح الهيكل البحري يوجد لوح رخامي محفور عليه نص قبطي ؛ وبالكنيسة بعض الأيقونات والمخطوطات وخارج الباب توجد بعض التيجان الكنيسة الأقدم للقرن السادس الميلادي ( لمزيد من التفصيل راجع الكتاب المذكور ؛ صفحة 40 ) .

أما الكتاب العمدة الذي كتب عن الدير بالتفصيل ؛ فهو كتاب "تاريخ القديس الأنبا يوحنا القصير ومنطقة أنصنا " تأليف القمص ميصائيل بحر ( 1901- 1983 ) (هو الكاهن الطويل القامة ذو اللحية البيضاء الواقف خلف المتنيح الأنبا غريغوريوس علي اليمين ؛ أنظر الصور الملحقة بالمقالة زيارة الأنبا غريغوريوس لدير أبو حنس في 21 فبراير 1970 ) . ( وهو بالمناسبة جد الدكتور سميرة بحر التي حصلت علي الدكتوراة في العلوم السياسية وكان موضوع رسالتها عن الأقباط في الحياة السياسة المصرية المعاصرة ؛ ونوقشت في مدرجات كلية الأقتصاد والعلوم السياسية بتاريخ 16 أبريل 1977 ؛ وأشترك في المناقشة الحبر الجليل المتنيح الأنبا غريغوريوس؛ أما الرسالة نفسها فلقد صدرت في كتاب عن مكتبة الأنجلو ) . ولقد كان القمص ميصائيل بحر راعيا لكنيسة ودير أبو حنس بملوي ؛ وكتب مقدمة الكتاب كل من :- الدكتور سامي جبرة ( 1892- 1979 ) ؛ والاستاذ كامل صالح نخلة ( ؟ - 1957 ) والدكتور وهيب عطا الله ( المتنيح الأنبا غريغوريوس "1919- 2001 " ) والأستاذ يسي عبد المسيح ( 1898- 1959 ) ولقد خصص المؤلف الفصل السابع بالكامل عن دير أبو حنس بمحاجر جبل انصنا ؛ وأكد علي زيارة القديس للمنطقة من خلال تدوينه لسيرة القديس الأنبا بيشوي ؛ وفي سيرة القديس يحنس كاما الذي ذكر ـانه زار مناطق الصعيد مثل ابينا يؤانس القصير وابينا ابا بيشوي ؛ وجاء ذكره في كتاب لمحة تاريخية عن الآثار المصرية للأستاذ انطون يوسف مفتش الآثار طبعة 1922 صفحة 59 .

ولقد كتبت عنه مجلةعين شس لصاحبها اقلاديوس بك لبيب ( 1868- 1918 ) أنه وجد بالدير ختم للقربان علي رسم الموجود عندنا الان مع أشياء أخري كثيرة أثرية . ( مجلة عين شمس ؛ سنة 1671 للشهداء ؛العددان التاسع والعاشر ) .

وفي الفصل العاشر يذكر المؤلف أسماء عشر نساخ خرجوا من دير القديس يوحنا القصير بجبل أنصنا تضيق المساحة المتاحة من المقالةعن ذكر أسمائهم ( يمكن التعرف عليهم في الكتاب السابق ذكره ؛ الفصل العاشر ؛ الصفحات من 69 – 72 ) .

, والجدير بالذكر أنه خلال عام 2010 ؛ نقلت ألينا بعض الصحف ووسائل الإعلام خبرا عن اكتشافات حديثة لثلاثة أجساد من الشهداء القديسين ترجع إلي العصر الروماني ؛وقم تم العثور عليها أثناء أحدي الحفائر التي تمت تحت إشراف بعثة الآثار المصرية والتي تقوم بالحفر في منطقة دير أبي حنس بملوي ؛ وقد تم تسليم الأجساد الثلاثة إلي نيافة الحبر الجليل الأنبا ديمتريوس أسقف ملوي ؛والذي أودعها في مقصورة خاصة بالدير في أحتفال رسمي وشعبي كبير حضره الألوف من الشعب مسلمين وأقباط .

بعض مراجع ومصادر المقالة :-
1- السنكسار القبطي تحت يوم 20 بابة ؛ وأيضا 29 مسري .

2- القمص تادرس يعقوب ملطي :- قاموس آباء الكنيسة وقديسيها مع بعض الشخصيات الكنسية ( ن- ي ) ؛ كنيسة الشهيد مارجرجس سبورتنج ؛ الصفحات من ( 224- 230 )

3- عبد المجيد دياب (دراسة وتحقيق ) :- تاريخ الأقباط للعلامة المقريزي ؛ دار الفضيلة ؛ 1995 ؛ صفحة 155 .

4- جوفني مييكليه فانسليب :- تقرير الحالة الحاضرة لمصر 1671 ؛ ترجمة وديع عوض ؛ تقديم محمد عفيفي ؛ المجلس الأعلي للثقافة ؛ المشروع القومي للترجمة ؛ الكتاب رقم 1995 ؛ 2006 ؛ صفحة 155 .

5- الأنبا صموئيل :- تاريخ أبو المكارم ؛ عن ما كتبه الأجانب والمؤرخون عن الكنائس والأديرة ؛ الجزء الرابع ؛ صفحة 130 و 139 .

6- ه . ج . ايفلين هوايت :- تاريخ الأديرة القبطية في الصحراء الغربية ؛ تعريب الدكتور الأب بولا ساويرس ؛2017 ؛ مشروع الكنوز القبطية ؛ نسخة PDF .

7- عبد المسيح المسعودي البراموس صليب :- تحفة السائلين في ذكر أديرة الرهبان المصريين ؛ دير السيدة العذراء البراموس ؛ الطبعة الثانية 1999 ؛ صفحة 160 .

8- الأنبا صموئيل :- الدليل إلي الكنائس والأديرة القديمة من الجيزة إلي أسوان ؛ قسم العمارة القبطية بمعهد الدراسات القبطية ؛ صفحة 40 .

9- القمص ميصائيل بحر :- تاريخ القديس الأنبا يوحنس القصير ومنطقة أنصنا (انتينويه ) ؛ الفصل السابع الصفحات من ( 42 – 47 ) . وأيضا الفصل العاشر الصفحات العاشر الصفحات من (69 – 72 ) .