فلنحذر: التدخين - الخمر - المخدرات...

 
١- التدخين:
 
ومع أن الأبحاث العلمية أكدت علاقة التدخين بأمراض كثيرة ورهيبة منها: سرطان الرئة، أمراض القلب، قرحة المعدة، ضعف الإبصار، تشوه الجنين.. إلا أن العالم الثالث «الفقير» يزداد فيه التدخين، وأجيال الشباب تضيف كل يوم أعدادًا جديدة إلى المدخنين!! شىء مؤسف بلاشك وغير منطقى إطلاقًا!!.
 
ومن المعروف علميًا ونفسيًا أن مشكلة المدخن هى إما إحساس بالنقص، فيكمل نفسه بسيجارة ليبدو كالرجال، وأما إحساس بالتوتر النفسى والحنين للطفولة، فيضع فى فمه شيئًا للتهدئة النفسية، كما كان يضع إصبعه فى فمه فى طفولته المبكرة!! (وهذا ما يقوله الكثير من المحللين!).
 
2- الخمر:
 
المسيحية ترفض الخمر والسُكر بكل قوتها، وترفض أن يشرب الإنسان الخمر للنشوة أو الاحتفال، وبالأكثر ترفضها كمسكر!! إن المسيحية لا تحرِّم المادة، ولكنها تحرم الاستخدام الخاطئ للمادة. فالأفيون مثلاً يستخدم طبيًا كحقن المورفين. والكودايين المستخلص من الأفيون هام للكحة الجافة. ولكن إذا ما استخدم الإنسان المخدرات ليتوه عن وعيه، ويحيا نشوة كاذبة، فهو يدمرِّ نفسه تمامًا: روحيًا وذهنيًا ونفسيًا وجسديًا، وحتى أبديًا، ما لم يتب ويتخلص من هذه العبودية الفتاكة.
 
وفى الكتاب المقدس بعهديه: آيات كثيرة ضد الاستخدام الخاطئ للخمر، نذكر منها:
 
أ- «لاَ تَكُنْ بَيْنَ شِرِّيبِى الْخَمْرِ بَيْنَ الْمُتْلِفِينَ أَجْسَادَهُمْ» (أم 20:23).
 
ب- «لِمَنِ الْوَيْلُ؟ لِمَنِ الشَّقَاوَةُ.. لِلَّذِينَ يُدْمِنُونَ الْخَمْرَ» (أم 29:23-30).
 
ج- «فِى الآخِرِ تَلْسَعُ (الخمر) كَالْحَيَّةِ وَتَلْدَغُ كَالأُفْعُوانِ» (أم 32:23).
 
د- «حَقًّا إِنَّ الْخَمْرَ غَادِرَةٌ» (حب 5:2).
 
هـ- «وَلاَ تَسْكَرُوا بِالْخَمْرِ الَّذِى فِيهِ الْخَلاَعَةُ، بَلِ امْتَلِئُوا بِالرُّوحِ» (أف 18:5).
 
و- «وَلاَ سَارِقُونَ وَلاَ طَمَّاعُونَ وَلاَ سِكِّيرُونَ وَلاَ شَتَّامُونَ وَلاَ خَاطِفُونَ يَرِثُونَ مَلَكُوتَ اللهِ» (1كو 10:6).
 
فاحذروا أيها الشباب من التدخين والخمر، حتى لا تدمروا أجسادكم، وأرواحكم معًا، وتخسروا الأرض والسماء أيضًا!
 
3- المخدرات:
 
يستحيل أن نتجاهل أثر المخدرات فى الأجيال المعاصرة على اتساع خريطة العالم.. ويستحيل أن نشك فى أنه مخطط واسع ورهيب يحتوى الكرة الأرضية كلها. ويهدف إلى قتل وتدمير الأجيال الصاعدة فى عديد من الدول، إما بقصد سياسى أو مادى.
 
ولاشك أن الأرقام التى نقرأها، والصور الحزينة التى نشاهدها كل يوم لأجساد نحيلة متهالكة، وعقول تائهة شاردة، ونفوس محطمة يائسة، ونهايات نبكى لها بالدم لا بالدمع، تجعلنا نعطى لهذا الموضوع أهميته القصوى.
 
فالمخدرات عملية قتل منظمة لجيل بأكمله، لأنها تحدث تآكلاً وتدميرًا فى خلايا المخ، وتعرض صاحبها لمخاطر «الاعتماد»، وأعراض «الانسحاب» لأنه حينما لا يجد المخدر، فيصاب بآلام رهيبة، فيأخذ جرعة أخرى!.
 
ونحن نشكر الله أن هناك الآن حملات ضخمة ضد المخدرات تشتمل على:
 
1- التوعية.. من مخاطر الإدمان.
 
2- العلاج.. أى سحب المخدر من جسم المدمن.
 
3- التأهيل.. من أجل أن تتكامل إرادة وشخصية المدمن سابقًا، فيعود إلى المجتمع بصورة سليمة ناجحة، بعيدًا عن أصدقاء السوء.
 
ومعروف أن المخدرات تنتشر نتيجة عوامل ثلاثة أساسية:
 
1- سهولة الحصول عليها: والجهد الذى تبذله وزارة الداخلية فى هذا الصدد قوى ومؤثر.. وتوافر المال لدى الشباب قد يعرضه للسقوط فيها.
 
2- الشخصية المضطربة: نتيجة الضغوط المتزايدة: المادية والنفسية والاجتماعية، وضحالة الحياة الدينية، وتفكك الأسرة. وغياب الحنان والتوعية والحوار والتوجيه.. وسفر أحد الوالدين للخارج تاركًا أولاده فريسة لأصدقاء السوء، مما يستدعى جهودًا فى التربية السليمة.
 
3- المناخ العام: الذى يجب أن يتكون من خلاله رأى جماعى رافض لهذه السموم، من خلال وسائل الاتصال والندوات الشبابية.. بدلاً من إحساس الشباب بأن هذا شىء سائد يغريه بتجربته وممارسته.
 
ومعروف أن بعض السموم كالهيروين يصل المدمن إلى إدمانه هذا من خلال بضع شمَّات، بعد ذلك يستعصى عليه الاستغناء عن هذا المخدر القاتل، إذ يصل إلى حالة من «الاعتماد» على المخدر فى تخفيف آلامه هذه، إذ تتوقف إفرازات المخ الطبيعية نتيجة الإدمان فيعتمد على الجرعات المتاحة من الخارج، وهنا تكتمل المأساة!!.
 
المخدرات والشخصية:
 
ربما يسأل سائل ما علاقة المخدرات بموضوع الشخصية المتكاملة؟ نجيب أنه:
 
1- لولا أن الشخصية مضطربة ومتوترة، لما لجأت إلى هذه السموم.
 
2- أو أنها شخصية ضعيفة انقيادية، لهذا استسلمت لأصدقاء السوء.
 
3- أو أنها شخصية غير قادرة على مراجعة نفسها، وتحديد مسار حياتها، لذلك رفضت العلاج!! أو انتكست بعد العلاج!!
 
وتعالوا نتصور «شخصية المدمن» وما اعتراها من دمار وخراب وفشل: دراسى، وعلمى، وروحى، واجتماعى، وصحى، لنبكى جميعًا على هذه الحالات، ونحرص أن نربى أولادنا على أسس نفسية ودينية سليمة، ونقدم لهم فرص الحوار البناء، ليفرغوا كل توتر لديهم، ويتخذوا عن اقتناع القرارات الصائبة، والاختيارات السليمة.
 
وهمسة فى أذن كل والد ووالدة.. أجيدوا فضيلة الاستماع لأولادكم، وأحسنوا الإنصات، وقدموا الثقة والمصارحة، وأدخلوا معهم فى حوار متصل، فما أخطر الشحنات المكبوتة إذ ينتج عنها تكوين شخصيات غير سوية، بينما هدفنا من تربية أولادنا أن يكونوا أصحاء وأسوياء.
 
* أسقف الشباب العام
 
بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية
نقلا عن المصرى اليوم