د.ماجد عزت إسرائيل

   يخبرنا الكتاب المقدس عن موسى حيث ذكر قائلاً:" وَلَمَّا كَبِرَ الْوَلَدُ جَاءَتْ بِهِ إِلَى ابْنَةِ فِرْعَوْنَ فَصَارَ لَهَا ابْنًا، وَدَعَتِ اسْمَهُ «مُوسَى» وَقَالَتْ: «إِنِّي انْتَشَلْتُهُ مِنَ الْمَاءِ»" (خر 2: 10)،وكان مولد موسى في ذات لحظة قيام فرعون مصر بقتل صبيان العبرانيين.
 
وكان اصغر أولاد أبيه وثالث ثلاثة، مريم البكر وهارون الثاني.
 
وفي بيت فرعون تربي وتعلم ثقافة المصريين (أع 7: 23 و30 و36)، وعندما بلغ 40 عاما كان قد حصَّل على جانبًا كبير من المعرفة وأتقن كل أسرار الكهنوت.
 
واستعدادًا لهذه الغاية حيث كان يقتضي مدة طويلة في التأمل بعيدًا عن الناس فدبرت العناية الإلهية أن يذهب إلى البرية وسكن في خيام يثرون الكاهن المدياني - حمو موسى- وأخذ ابنته صفورة زوجة له.
 
كما ورد ذكره بالكتاب المقدس قائلاً:" ارْتَضَى مُوسَى أَنْ يَسْكُنَ مَعَ الرَّجُلِ، فَأَعْطَى مُوسَى صَفُّورَةَ ابْنَتَهُ. فَوَلَدَتِ ابْنًا فَدَعَا اسْمَهُ «جَرْشُومَ»، لأَنَّهُ قَالَ: «كُنْتُ نَزِيلًا فِي أَرْضٍ غَرِيبَةٍ» (سفر الخروج 2: 21 -22). وبعد ذلك رزق الله موسى بالأبن الثانى ويدعى "أَلِيعَزَر" من نفس الزوجة(خر 18: 4 و1 أخبار 23: 15 و17 و26: 25).
 
  على أية حال، تعلم موسى الذي من سبط لاوي،الكثير من الكاهن المدياني ونجح في توحيد العشائر وتحريرها من نير العبودية، ورويدا رويدا أصبح رئيساً لهم وكاهناً يقوم بدور الوساطة بين الله وشعبه من خلال تقديم الذبيحة. إذ ان الله اختاره أيضًا وباركه (تث 33/8-11) وكرّسه لهذه الخدمة.
 
كما كان يحدّث باسم الله الناس الذين يأتونه ليعرفوا أوامر الرب ووصاياه، فيقضي بين الرجل وقريبه ويعلم الجميع فريضة الله وشريعته.
 
وبالإضافة إلى سلطته الكهنوتية أو الدينية جمع في يده كل من السلطة الحربية السياسية،وهذه السلطات تم توزيعها فيما بعد. فيخلفه يشوع بن نون في قيادة الشعب إلى حروب الله، وهو المعروف بشجاعته وثقته بالله (عد 14: 5-9). وكان لموسى أخٌ اسمه هارون،اختاره الله ليكون لسان حال موسى (خر 4:10-17) وكاهنًا يقدّم الذبائح باسم الشعب.
 
وجاء من بعده ابنه اليعازار بن هارون الذى كان يفسّر شريعة الله، ويسهر على المسكن والأواني المقدسة.
 
فنقل موسى إليه سلطانه إذ وضع يده عليه، وألبسه ثياب هارون علامة لانتقال الكهنوت إليه بعد موت هارون (عد 27: 21-23).
 
     وهنا لابد لنا من الإشارة إلى أن موسى أشرك معه في الحكم والقضاء مجلس شيوخ مؤلف من (70) شيخًا - فكلمة شيخ في اللغة العبرية هي "زاقِن" وقد تُرجمت إلى اليونانية بلفظة "presbuteros" التي أعطت في اللغة الفرنسة لفظتي "prêtre" و "ancien". وهنا علينا الانتباه ان في العهد القديم ليس كل شيخ كاهنًا، أما في العهد الجديد فسنرى أنّ كلمة "presbuteros" فستعني، ممّا تعنيه، الشيخ الكاهن المساعد للرسول.
 
فلكلمة كاهن مرادفها في العبري "كُاهِن" واليوناني "iereus"، لكن العهد الجديد سيفضّل إطلاق على معاوني الرسل لفظة "presbuteros"-  يمثّلون جميع الفئات والعائلات وهم رؤوس العائلات والأسباط، يمارسون أعمالاً دينية ومدنية ولهم حقوق وانعامات خاصة.
 
فانتقلت موهبة النبوة أو روح موسى إلى السبعين شيخًا بفعل اختيار الله . وهكذا عندما يدخل شعب الله أرض الميعاد سيكون الفصل واضحًا بعض الوضوح بين القضايا الدينية والقضايا السياسية. بمعنى أن القضاة وإن مارسوا بعض المرّات وظائف كهنوتية، كما فعل الآباء وموسى قبلهم، إلاّ أنهم تركوا للكهنة أمر تنظيم العبادة قرب المعابد.
 
وعندما بنى بعضهم مذبحًا أو أقام معبدًا جاء له بالكهنة يخدمونه كما فعل رئيس قبيلة دان وميخا أحد الزعماء في جبل افرائيم (قض 7:17- 13؛ 19:18).
 
   ومن الجدير بالذكر أن كهنة حملة تابوت العهد؛ عندما وصلوا إلى نهر الأردن ليعبروه مع يشوع أراد الله أم تكون أخامص أقدامهم موقفةً لمياه نهر الأردن (يش 3:13). وهكذا، عندما دخل الشعب أرض الميعاد مع يشوع، وُزّعت الحصص بالقرعة على احد عشر سبطًا، أما لاوي فلم يُعطَ ميراثًا لأن إله اسرائيل وذبائحه هي كانت ميراثه (يش 13:14و33).