«بعد ثورتين وباعتبارى مطلعًا على حاجات كتير، مصر زى الفل».. بهذه الكلمات البسيطة المعبرة، قطع البابا تواضروس الثانى بابا المصريين، قول كل خطيب مريب، وخلال لقائه الدافئ مع أقباط مصر فى باريس وشمال فرنسا، وفى مقر المطرانية بباريس، أجمل البابا ما يمكن تفصيله عن الحال والأحوال فى المحروسة.

فى رحلته الرعوية الباريسية لم يصمت البابا تواضروس عن حب مصر، والصلاة لله أن يحفظها من كل شر وشبه شر، يصفها ببلادنا الحبيبة، هكذا دأبه على خطى أسلافه العظام، الذين قالوا فيها شعرا ونثرا.. البابا شنودة الثالث قال فيها قولا سديدا، «مصر ليست وطنا نعيش فيه بل وطن يعيش فينا».
البابا تواضروس لأنه ابن مصر الطيبة، يستدفئ بمحبة المصريين، ويشد ظهره من حبلهم المتين، ويعرف أن كنيسة مصر فى قلب المصريين، البابا يعرف والمسيحيون يعرفون أن وطنهم رحيب، وإن ضيقوها عليهم ففى قلب كل مصرى حب خالص لمن تكلم فى المهد صبيا، المسيح عليه السلام، وفى مَآتِمهم يرتلون سورة مريم من آيات الذكر الحكيم، ويسمون بناتهم تيمنًا باسم «أم النور» مريم بنت عمران.
 
يعلم البابا أن الكراهية ليست من طبع المصريين، خَيِّر من يغرس الأرض ميمما وجهه للسماء، يحصد الخير، والخير كل الخير فى هذا الشعب، الذى يفرد لإخوته جناح الرحمة، وما تأتى به الأيام من الآلام فمن صنع الكارهين لمصر ولشعبها وفى القلب منهم المسيحيون، وما خرج عن الصف الطيب إلا حاقد أو حاسد أو مستغل أو مدفوع للكيد لأهلها جميعًا.
 
رسالة البابا من فرنسا لشعب الكنيسة داخل وخارج مصر تحمل من معانى الوطنية الكثير، وتعلى مكانة الوطن فى أعلى عليين، ويبرهن على إخلاص ابن الوطن لوطنه، ويخاطبهم من أرضية وطنية، ويخبرهم بأنهم فى أمان فى بلد الأمن والأمان، وما يجرى فى المحروسة من عاديات الدهر.
 
ونصلى أن يحفظها الله من كل شر وشبه شر ويبعده عن حدودنا فى بلادنا، يرى البابا ببصيرته الشر يحيط بخاصرة الوطن، ويهشه بعصاه عن كنيسة الوطن، ويعلم أن الوطن مهدد فى حدوده، كما هو مهدد فى كنيسته وأزهره، والبابا والمسيحيون فى قلب الوطن يذودون عن الحدود، ما تأخروا يومًا ولا تلكأوا يومًا ولم يماروا يومًا فى حق الوطن، حبًا بحب لبابا المصريين، ومصر زى الفل بأقباطها ومسلميها أجمعين.
نقلا عن أخبار اليوم