نهاد أبو القمصان
شهدت مصر العديد من التعديلات على مواد قانون العقوبات المتعلقة لإدراج تعريف دقيق لجريمة الختان ومدِّ حق الإبلاغ حتى عشر سنوات، إلا أن آليات تطبيق هذا التعديل ما زالت غائبة، وأن التعديل نفسه ما زال يمنح الأطباء والمؤسسات الصحية فرصة عالية للإفلات من العقاب.

فقد نصت المادة 242 مكرر من قانون العقوبات على التالى:
«مع مراعاة حكم المادة 61 من قانون العقوبات، ودون الإخلال بأى عقوبة أشد ينص عليها قانون آخر، يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن خمس سنوات ولا تزيد على سبع سنوات كل مَن قام بختان لأنثى بأن أزال أياً من الأعضاء التناسلية الخارجية بشكل جزئى أو تام أو ألحق إصابات بتلك الأعضاء دون مبرر طبى. وتكون العقوبة السجن المشدد إذا نشأ عن هذا الفعل عاهة مستديمة، أو إذا أفضى ذلك الفعل إلى الموت».

كما تم استحداث مادة جديدة برقم 242 مكرر (أ)، نصها كالتالى: «يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تجاوز ثلاث سنوات كل من طلب ختان أنثى وتم ختانها بناء على طلبه على النحو المنصوص عليه فى المادة 242 مكرر من هذا القانون».

اعتمدت أغلب التعديلات على فلسفة تغليظ العقوبات فزادت عقوبة مرتكب الختان الأصلى سواء كان طبيباً أو عاملاً بالمجال الطبى أو «داية» أيضاً تمت إضافة الظرف المشدد فى حالات الوفاة والعاهة المستديمة، فغياب هذا التوصيف عن القانون سمح باتهام الأطباء المتسببين فى وفاة الفتيات أثناء إجراء الختان لهن بتهمة القتل الخطأ، وبالتالى عدم محاسبتهم بقدر جرائمهم.

كما تم تضمين النص تعريفاً واضحاً لختان الإناث، فجاء التعريف القانونى الجديد لجريمة الختان وهو إزالة أىٍّ من الأعضاء التناسلية الخارجية بشكل جزئى أو تام أو إلحاق إصابات بتلك الأعضاء دون مبرر طبى، لكن مصر تعانى من ممارسة الأطباء أنفسهم الختان بصورة غير مسبوقة فيما أصبح يسمى «تطبيب الختان»، أى زيادة حادة فى إجرائه على يد أطباء تحت دعوى أنها مشكلة صحية أو فسيولوجية بحتة، ويعود ذلك إلى فتح القانون نفسه المجال للاتجار بأجساد الفتيات الصغار من أجل المال، وذلك لأن الاحتفاظ بالإشارة إلى المادة 61 مع وجود جملة: «دون ضرورة طبية»، يضيف مهرباً جديداً للأطباء وغيرهم من مرتكبى هذه الجريمة الذين قد يدَّعون أنهم أجروا عملية الختان بدافع طبى، ذلك على الرغم من التأكد التام أنه لا يوجد سند طبى أو علمى على الإطلاق قد يبرر ختان الإناث.

من هنا نجد أنفسنا أمام قانون جيد نباهى به الأمم ونفخر به أمام المحافل الدولية، لكن الواقع أن القانون نفسه لم يقطع بعدم إجراء الختان، وأعطى فرصة للأطباء بالتلاعب مع ضعف شديد فى الرقابة سواء من وزارة الصحة أو نقابة الأطباء.

ومما يزيد الأمر تعقيداً أن تطبيق القانون ضعيف للغاية، فرغم الانتشار الواسع لإجراء الختان، فإن إجمالى القضايا التى ضُبطت لا يتعدى أصابع اليد الواحدة والأحكام التى صدرت متواضعة للغاية، فهل احتفلنا بقانون ليظل على الورق فقط؟
نقلا عن الوطن