كتب – روماني صبري
منذ وطأت أقدام "إسماعيل ياسين" عالم الفن ، حتى بات الرجل محل اهتمام الرأي العام والمعنيين بالسينما والاستعراضات.. ويعد ياسين واحدا من أهم فناني الكوميديا  الذين حفرت أسمائهم ودفع بها إلى قائمة أعظم الكوميدينات منذ اختراع الكاميرا السينمائية على يد إخوان لومير في فرنسا عام 1895 .

وتحل اليوم 15 سبتمبر ذكرى ميلاد الفنان الذي اشتهر بــ "أبو ضحكة جنان"، حيث كانت أفلامه ملجأ لكل هؤلاء الحزانى الذين لا تنفك التجارب تزداد من حياتهم .

طفولة بائسة
ولد إسماعيل ياسين في محافظة السويس في 15 نوفمبر عام 1912 ، وتركت وفاة والدته في نفسه آثرا كبيرا ، ما جعل الحزن يتسلل إلى حياته مبكرا ، خاصة عندما تزوج والده بأخرى فربته جدته لامه ، وهو ما انعكس على أفلامه فيما بعد التي لا تخلو من الكوميديا السوداء (والكوميديا السوداء نوع من الفنون يعتمد في جوهره على الضحك والسخرية من الهموم والتجارب والمشاكل الحياتية.)


الانتقال إلى مدينة الأحلام
وشهدت بداية الثلاثينات انتقال ياسين إلى محافظة القاهرة والتي كانت تمثل وقتها مدينة تحقيق الأحلام حتى يومنا هذا  ، بعدما اكتشف أن صوته سيكون جميلا في المونولوجات ، وبالفعل عمل في الكباريهات الليلية مطربا يقدم المونولوجات الاستعراضية الضاحكة ، وبسبب خفة ظله احتل اسمه حينذاك واجهة المشهد الاستعراضي .


أبو ضحكة جنان يلتقي الابياري
وأوضح أحمد الإبيارى ، نجل  الكاتب أبو السعود الإبيارى في حوار له مع مجلة ألوان، أن اللقاء الأول بين إسماعيل ياسين ووالده غير معروف ، موضحا ، أن والده أعجب بالشاب السويسي الذي كان تجاوز العشرون عاما وقتها ، عندما نجح في إخراج الضحكات من الجمهور خلال تأديته المونولوجات الكوميدية في المسارح والأفراح الشعبية .

واستطرد :" وبعد أعجاب والدي بموهبة إسماعيل ياسين الفنية، عرض عليه العمل في كازينو بديعة مصابنى، حيث لم يكن ملهى ليليا بالشكل المتعارف عليه  في يومنا الحالي ، بل كان شبيها بمسرح اسكتشات فنية وفقرات غنائية راقصة ، وفي النهاية قبل ياسين العمل ، وحقق شهرة ونجاحا كبيرا مع الابياري على مسرح بديعة ، حتى قررا أن يقدمان مسرح روائي بعيدا عن الاسكتشات .


طردهما من المسرح
وآنذاك في احد الأيام نقلت "مصابني" إلى المستشفى جراء تعرضها لوعكة صحية شديدة ، وبعد خروجها اخبرها ابن أخيها الذي كان يدير الكازينو وقتها ، أن الجمهور عزف عن دخول بار المسرح ، لان جمهور المسرح يختلف عن جمهور المونولوجات ، وحل محله جمهور المسرح الذي لا يفضل شرب الخمور وهو يشاهد المسرحيات الروائية التي يقدمها ياسين والابياري ، ما جعل الغضب يحط رحاله داخلها لتمسك "مكنسة"، وتأخذ تركض خلفهما في شارع عماد الدين ، ليستقلا الترام هربا منها .


الدخول إلى عالم السينما
كان من الطبيعي أن تجتذب خفة دم وموهبة ياسين صناع السينما ، ففي عام 1939 قرر المخرج والمؤلف فؤاد الجزايرلي ان ينضم ياسين ، للطاقم تمثيل  فيلمه "خلف الحبايب"، وبعد هذا الفيلم قدم ياسين عددا من الأفلام السينمائية ومنها الفيلم الشهير " "على بابا والأربعين حرامي" بطولة الفنان الراحل علي الكسار ،  و"نور الدين والبحارة الثلاثة"، أما العام 1949 فشهد أول بطولة مطلقة لياسين الذي قدم وقتها فيلم "الناصح"، بعد أن أعجب بموهبته الفنان أنور وجدي ، ليتربع ياسين بعدها على عرش نجوم الشباك .

وكان يتدافع ويتسابق المنتجين على منزله لإبرام عقود أفلام جديدة معه ، ليقدم على خلفية ذلك عدد من الأفلام الشهيرة باسمه من إخراج فطين عبد الوهاب وتأليف أبو السعود الابياري ومنها ، إسماعيل ياسين في متحف الشمع، إسماعيل ياسين يقابل ريا وسكينة، إسماعيل ياسين في الجيش، إسماعيل ياسين في البوليس ، إسماعيل ياسين في الطيران، إسماعيل ياسين في البحرية، إسماعيل ياسين في مستشفي المجانين، إسماعيل ياسين طرازان، إسماعيل ياسين للبيع .




الموت
خيم الحزن على قلب "ياسين" - الضاحك الباكي-  وعصفت الهموم بحياته عندما حجزت الضرائب على جميع ممتلكاته ، ليودع عالمنا في 24 مايو عام 1972 ، اثر أزمة قلبية حادة ، تاركا خلفه ابنه الشاب آنذاك ياسين إسماعيل ياسين من زوجته الأخيرة السيدة فوزية ، والذي بات فيما بعد مخرجا سينمائيا وتلفزيونيا ، وارثا من الأعمال السينمائية الكوميدية التي لا تموت ، بل تزداد قيمتها وسحرها كلما مر عليها الزمان .