كتب : مدحت بشاي
medhatbeshay9@gmail.com
 
في عدد من مقالات سابقة ، تعرضت لأهمية إعمال وتفعيل الدولة وكل مؤسساتها لكل آليات التفكير وعبر تفعيل نظم إدارية عصرية ، بدعم و بإرادة سياسية محفزة للتغيير وتجاوز مُسلمات وكليشيهات تراثية فولكلورية وشعبوية يمكن أن تكون قاهرة للإرادة الإنسانية ، أو داعمة للاستكانة والاستقرار المميت بالثبات في المكان ، وقبول الأمر الواقع مهما كان مُنذرًا بالمخاطر !!
 
في زمن ولاية د. حسين كامل بهاء الدين وزير التربية والتعليم ــ رحمه الله ــ أكد لي أنه كان يواجه مقاومة مجتمعية هائلة للتغيير لمجرد إعلانه قرارات ملزمة لإعادة الانضباط في المدارس ، والتفكير في تصميم منهج جديد بعنوان " الأخلاق " يضم بين أبوابه رسائل السلام والمحبة و كل القيم النبيلة التي تدعو إليها آيات القرآن الكريم والكتاب المقدس مما يدعم وجود ثقافة روحية مشتركة عبر التعريف بتعاليم العقائد ومقاومة حالة الغربة والاغتراب التي قد يعيشها الطفل المسيحي وهو يدفع للخروج من حصة الدين الإسلامي ، وأخرج لي ملفًا ضخمًا يضم عدد هائل من شهادات مرضية ( وصفها بأنها مدفوعة الأجر ) قدمها أولياء الأمور للرد على الإجراءات العقابية التي قرر العمل بها لفرض انتظام الطلاب .. بل وأكد أن الضغوط تم ممارستها من قبل أهل التشدد في ديوان عام الوزارة ذاتها .. تحدث كل تلك الضغوط مع وزير كان يعمل برعاية هائلة وقبول رائع من قبل  الرئيس مبارك والسيدة الأولى حتى أنه ظل على كرسيه ما يقارب الربع قرن من الزمان ،  فترة هي الأطول بين سابقيه ..
 
وعليه ، وجب تقديم الدعم الشعبي والإعلامي للوزير الحالي للتربية والتعليم ( على الأقل في مواجهاته لأهل الفساد المنتفعين بغياب دور المدرس والمدرسة ) لدعم مفهوم أننا لابد أن نعيش في زمن دولة التفكير تجاوزًا لأزمنة  القسر والقهر والتقليد و التوجيه والحفظ وتقديس ماهو غير مقدس ..
 
وفي زمن دولة التفكير ، أسعدني مداخلة السيد الرئيس " السيسي " أمام منتدى الشباب العالمي ، وتأكيده على ملامح دولة تفكر ، قال "  قبل كده مكنش فيه أبدا دولة بتفكر.. أنا بتكلم عن مصر، مكنش فيه دولة بتفكر إنها تبنى دور عبادة لمواطنين غير المساجد ، دلوقتى لأ.. الدولة معنية بإنها تبنى فى كل مجتمع جديد الكنائس لمواطنيها لأنهم لهم الحق فى العبادة كما يعبد الجميع ، لأنه حق المواطن إنه يعبد كما يشاء أو لا يعبد، لأن ده موضوع إحنا مندخلش فيه " .. وّ ذكرنا " الرئيس " أيضًا في سياق مفهوم الدولة التي تفكر بما سبق وقاله في مناسبات أخرى  " ولما اتكلمنا وأطلقنا هنا فى مصر تصحيح الخطاب الدينى ،لابد أن يكون لدينا القدرة على أن نرى الواقع بشكل متجرد بدون أى غرض لإطلاق الأمر ده و تحمل تبعات ما نتكلم به في مجال تصويب الخطاب الديني كأحد أهم المطالب اللى إحنا بنرى فى مصر إننا محتاجينها  ، مش ممكن يكون مفردات وآليات وأفكار تم التعامل بها من 1000 سنة وكانت صالحة فى عصرها ونقول إنها تبقى صالحة فى عصرنا ، و بعد 50 سنة هنبقى محتاجين كمان إننا نطورها بتطور المجتمعات".
 
لقد آمنَ مثقفو التّنوير بضرورة توجيه مساعي البشر نحو الرّفع من المعرفة والعقلانية، بدلًا من ردود الأفعال العاطفيّة. ودعوا إلى علمنة التعليم في " دولة التفكير " ..