جاء البابا تواضروس الثانى بعد الراحل البابا شنودة الثالث، الذي ظل على رأس الكنيسة 41 سنة، وهو ما جعله دائمًا محط مقارنة بينه وبين سلفه، وهى مقارنة غير متكافئة تميل في جميع الأحوال لترجيح كفة البابا شنودة الثالث، باعتباره رمزًا له ملامح بطولة وقيادة ترسّخت في العقلية المسيحية المصرية، خصوصًا بعد صدامه الشهير مع الرئيس الراحل أنور السادات سنة 1981.

مع مرور الوقت استغل البعض تصريحات البابا وحواراته الصحفية والإعلامية لاختلاق مشكلات ضخمة تتفاقم يوميًا، وتسبّب انقسامات داخلية تحاول الانتقاص من البابا، وتشكك في قدراته على السيطرة والتوجيه، ووصل الأمر بالبعض إلى السخرية والهجوم عليه إعلاميًا، وهو ما ظهر بعد ثورة 30 يونيو في برامج فضائية وصحف، وكذلك فيما يُكتب على بعض مواقع التواصل الاجتماعى.

 
الخطر هنا، في تلك المحاولات الممنهجة والمستمرة، هو الإصرار على إضعاف مكانة البابا لصالح بعض أصحاب المصالح من داخل الكنيسة قبل خارجها، كما يقوم هؤلاء بمحاولات لاختلاق دور سياسى منذ أحداث 25 يناير وإلى الآن.
 
البابا تواضروس الثانى، الذي تم اختياره في 2 ديسمبر 2012، كان بعيدًا إلى حد كبير عن وسائل الإعلام، إلى أن برز دوره بوضوح بعد انحيازه الوطنى لثورة 30 يونيو، ويُحسب له منذ بداية جلوسه على الكرسى البابوى استقلاليته عن سيطرة بعض الحرس القديم أو ممن توقعوا لأنفسهم أدوارًا افتراضية مؤثرة.
 
يحاول البعض من داخل الكنيسة قبل خارجها تصدير صورة وجود انقسامات داخلية، مستغلين بعض الأحداث الاستثنائية، وتصويرها بشكل مبالغ فيه، وتوظيفها وتضخيمها، على غير الحقيقة، على غرار قتل الأنبا إبيفانيوس، رئيس دير أبومقار، في 29 يوليو 2018 على يد أحد الرهبان، وقتل القس مقار سعد، كاهن كنيسة مارمرقس بشبرا الخيمة، على يد حارس الكنيسة في 13 مايو 2019.
 
ويرتبط تصدير هذه الصورة بوجود ما أطلق عليه الإعلام «معارضة كنسية» رغم عدم وجود شىء كهذا داخل الكنيسة، إذ إنها ببساطة مؤسسة روحية وليست سياسية، والوجود الحقيقى هو لاختلاف الآراء وتنوعها.
 
والمؤسف أن هناك مَن يسعون لاختلاق أدوار لأنفسهم والإيحاء بأنهم قنوات اتصال رسمية وسرية بين الكنيسة والدولة، ويرفعون أصواتهم بالتشكيك في رموز العمل العام من المسيحيين المصريين، مستغلين علاقاتهم ببعض القيادات داخل الكنيسة، مصدّرين أدوارًا وإنجازات افتراضية، لم يقوموا بها فعليًا، لترسيخ قيامهم بدور الوسيط.
 
نقطة ومن أول السطر..
 
لا يمكن القيام بعمل أو إنجاز حقيقى مرتكز على إنجازات وهمية، وطريق القمة لا يمكن تمهيده على أنقاض التشهير والتشكيك في قيادات لها تاريخ في العمل العام.. حتى قبل أن يكون لهؤلاء الافتراضيين وجود.
نقلا عن المصرى اليوم