كتب : د. مينا ملاك عازر 

في الوقت الذي رأت فيه أجهزة الأمن، أن مناداة البعض بالثورة لأمر خطير حتى أنهم استدعوا بعض مدعي النجومية، ومن أفلت نجوميتهم وآخرون ليحتفلوا بما لا أعرفه عند المنصة لجذب الناس ليحتشدوا، وكأنهم يؤيدون الرئيس ونظامهم ،وأخذوا يطاردون المتظاهرين هناك، ويعتقلون منهم الكثيرين، بل أنهم اعتقلوا من يقومون بالمراقبة داخل الأقسام من النشطاء السابقين، واعتقلوا محاميهم، وبدوا غير واثقين في أنفسهم وإجراءاتهم كلها هذه، فأجلوا مباراة الزمالك وبطل السنغال التي كان مقرر لها أن تقام في القاهرة حيث كل التعزيزات الأمنية، وغضوا النظر عن أنها كانت ستلعب بعد موعد الثورة المزعومة بأكثر من ثماني أيام، وبعد أكثر من أربعة وعشرين ساعة من محاولة إحيائها، ووضعوا الحكومة كلها في مأزق بفعل كهذا، فرفض الفريق السنغالي كما تعرفون، وتساءل عن كيف تجرى على أرض العاصمة نفسها المقرر على أرضها المباراة ذاتها مبارايات بين فرق الدوري ولا تقدرون أن تؤمنوا مباراتهم؟ المهم تفاقمت الأزمة، مع كل هذا لم يكتفي الأمن بكل هذه الإجراءات الرادعة لرفض المتظاهرين لبعض الأوضاع أو المستجيبة لبعض النداءات، بل شددوا إجراءات تواجدهم في الميادين، وكثفوا ضغوطهم على الإعلام المصري لألا يظهر في برامجه أيا من تلك الاعتراضات الشعبية التي يزعم البعض حدوثها وينكرها البعض الآخر، حتى أن الإعلام وقف محتاس –نصاً- أمام ما جرى بكمين التفاحة، ولم يعرف أيعرض ما فعله الإرهابيون أم لا، وبات التركيز على الراقصين بالاحتفالية المقامة للاحتفال بما لا أعرفه - كما قلت- كل هذا جرى واستمر جريانه بالرغم من....

بالرغم من أنه كان للرئيس رأي آخر قاله للمحشودين لاستقباله في المطار، إذ قال الموضوع بسيطة وما يستاهلش تعبكم وصحيانكم بدري، والموضوع بسيط، وكأن الرئيس يعرف ألم الناس، فأكد على صفحته الشخصية بأنه يتابع ما يجري من حذف عشوائي ومتعنت وجائر للناس من استحقاقهم لبطاقات التموين، ووجه بوقف هذه المهزلة التي أكد وزير التموين على أنه سينظر فيها، وأعلن مجلس النواب المصري بأنه سيجتمع لدراسة رفع المعاشات والأجور، إذن الرئيس بذكاء عالي أدرك أن المنادين بالثورة والمحرضين على البلد، والمستغلين إشاعات الفساد وبناء القصور لم يكن ليستجب لهم أحد لولا ذلك الضيم الواقع عليهم بسبب سوء الأحوال الاقتصادية وتردي مستوى المعيشة مع أن الدولار ينخفض قيمته، فالأسعار كما هي، ولا أحد يجني ثمار الإصلاح الاقتصادي، فضاقت الحلقة وتزايد عدد المنتحرين، فرق قلب الرئيس، ووجه احترام المواطن كحل أمثل من كل تلك الحلول الأمنية التي اقترفها رجال الأمن، ولم تثمر شيء ولن تثمر، ولهم في ثورة يناير عبرة لو أنهم يعتبرون.

 

المختصر المفيد وإن حولتم الوطن سجن كبير، فسيبقى العامل الاقتصادي محرك حقيقياً لنار الغضب، فاتقوا غضب الجميع.