د. مينا ملاك عازر
خسر رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الثلاثاء الماضي تصويتاً حاسماً في مجلس العموم البريطاني على مذكرة ترمي لتأجيل خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي إلى ما بعد 31 أكتوبر، وذلك جاء على إثر انشقاق 21 نائباً ينتمون إلى حزب المحافظين وتصويتهم إلى جانب نواب المعارضة المنتمية لحزب العمال البريطاني، ورداً على هذه الهزيمة يعتزم جونسون رئيس الوزراء البريطاني التوجه لإجراء انتخابات تشريعية مبكرة. 
 
فبعد الهزيمة النكراء التي مني بها في مجلس العموم لم يعد أمام رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إلا أن يفعل هكذا فما جرى مساء الثلاثاء حين صوتوا تصويتهم سالف الإشارة إليه وقد صوتوا هكذا خوفاً منهم من أن يحصل بريكست من دون اتفاق، ما يعتبره الكثيرون كارثة من كل النواحي وقد سبق لنا في مقالات سابقة أشرنا إلى تفاصيل تلك الكارثة، لكن هنا يكفينا واحتراماً للمساحة المتاحة فقط الإشارة إلى أنه سيحدث أزمة كبرى في مجال الدواء والبطالة كما أن الأخطر قد يحدث، ذلك صدام هائل بين الإيرالنديتين الشمالية والجنوبية، ما يعني احتمالية حرب مروعة في قلب أوربا.
 
ودعني حضرتك أرصد لك كيف تم التصويت على المذكرة؟ لنعرف كيف تدار الأمور الكبرى في الدول الكبرى الديموقراطية؟ ففي ختام نقاش محتدم، أجرى مجلس العموم تصويتاً حاسماً حقق فيه النواب الرافضون لحصول بريكست بدون اتفاق فوزاً مدوّياً، إذ أتت نتيجة التصويت 328 مقابل 301، مما أتاح لهم الإمساك بزمام الأجندة البرلمانية التي عادةً ما تكون في يد الحكومة.
 
وباستحواذهم على الأجندة البرلمانية أصبح بإمكان النواب اعتباراً من صباح الأربعاء طرح مشروع قانون يلزم رئيس الوزراء المحافظ بإرسال كتاب إلى بروكسل يطلب فيه إرجاء بريكست إلى 31 يناير 2020، إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق مع الاتحاد الأوروبي ينظّم خروج المملكة المتحدة منه.
 
أما كيف تحققت تلك الهزيمة التي توصف لديهم بأنها هزيمة نكراء فالمفاجأة أنها جاءت كالآتي، الهزيمة التي تكبّدها جونسون تحقّقت بسبب انشقاق 21 نائباً من حزب المحافظين البريطاني وتصويتهم إلى جانب نواب المعارضة المنتمية لحزب العمال البريطاني، ومن أبرز النواب الذين تمرّدوا على رغبة رئيس الوزراء وصوّتوا إلى جانب المعارضة نيكولاس سومس، حفيد رئيس الوزراء الراحل وينستون تشرشل، وفيليب هاموند وزير المالية السابق.
 
ودعني هنا أتوقف مذكراً حضرتك بأن جونسون أكد على أن البريكسيت سيتم مهما حدث وحتى لو كان بدون اتفاق ما ينذر بكوارث كما قلنا وهو ما يرفضه العقلاء في بريطانيا كما رأينا.
 
أما ماذا سيتم فعله مع النواب المنشقين عن حزب رئيس الوزراء الحاكم؟ فقد توعّدهم رئيس الوزراء بطردهم جميعاً من حزب المحافظين.
 
وبذلك تصدق توقعاتنا بصعوبة ما يرمي له جونسون، كما أن خطوة جونسون التي يخطط لها الآن بإجراء انتخابات مبكرة في الخامس عشر من أكتوبر القادم تؤكد صدق توقعاتنا باحتمالية جراء انتخابات مبكرة تعني أنه قد يتراجع الكثيرون عن تأييدهم للخروج البريطاني من الاتحاد الأوربي أو على الأقل تأجيله لفترة أطول خاصة مع التعنت الأوربي مع القادم كبديل من جوسنون المتوقع هزيمة حزبه في أغلب التقديرات.
 
المختصر المفيد هكذا تكون الحياة الديمقراطية السليمة، ففي ديمقراطيات أخرى تدعي الديمقراطية، ربما كان النواب لا يطردون من الحزب أو التحالف الانتخابي بل من المجلس كله.