بقلم : د. مجدى شحاته

كل الناس تبحث وتسعى نحو السعادة ، وعندما تسألهم عن مفهوم السعادة ، او ما هو المقصود بالسعادة ؟ لن يستطيع أحد منهم الاجابة بشكل واضح او محدد . فلا شك ان مصطلح السعادة مصطلح عريض وواسع يشمل امور كثيرة .
 
مفهوم السعادة يختلف من شعب لآخر ويختلف من ثقافة واخرى بل ويختلف من فرد لآخر ربما داخل الاسرة الواحدة . يتباين مفهوم السعادة وفقا لأهتمامات البشر ، ربما تكون السعادة فى امتلاك الثروة والمال ، او فى وظيفة مرموقة او منصب رفيع ، وآخرون يجدون السعادة فى الشهرة والوجاهه الاجتماعية او تكمن فى السفر والرحلات وتحقيق الرغبات الجسدية . 
 
من هنا يمكن لنا ان نقول ان السعادة مصطلح نسبى ، لا يمكن لنا ان نحصره فى نطاق حسى ملموس أو عقلانى بشكل محدد ، بمعنى ان ما يسعد انسانا ، ربما يعتبره آخر امرا عاديا لايسعده على الاطلاق .
 
وبصفة عامة يمكن ان نقول ان السعادة هى الشعور الداخلى بالبهجة والسرور وراحة البال والاطمئنان وكل ما يدخل الفرح والبهجة والسرور على النفس البشرية بحيث ينعكس هذا الشعور على الحالة النفسية والمزاجية للشخص ، وتعمل هذه الحالة على خلق مجال من الطاقة الايجابية . وبالتالى هى الاحساس الذى يعتبر مضاد للحزن والكآبة ، وبعيدا عن التشاؤم والحزن والطاقات السلبية . 
 
فلا شك ان السعادة ترتبط بمفاهيم الرضا والراحة النفسية ، حيث تنعم النفس البشرية بالهدوء وراحة البال والتى تجذب الانسان بعيدا عن مثيرات العالم الخارجى الصاخبة المملوءة بالحروب والصراعات . السعادة ما هى الا رحلة وليست محطة ، ليس لها وقت محدد أو عمر محدد او مكان محدد . فالسعادة يمكن لها ان ترحل مع الانسان من مكان للآخر فى أى وقت وأى مكان .
 
يقول البعض ان الانسان ربما يجد صعوبة بالغة فى البحث عن السعادة بينما رأى آخر يقول ان السعادة ليست بعيدة ربما تكون قريبة جدا منا ، تماما مثلما يبحث الفرد عن النظارة الخاصة به فى كل مكان ، وفى النهاية بعد بحث طويل يكتشف انه يضعها أمام عينيه . فى تصورى الشخصى ، ان السعادة قرار يتخذه الانسان بارادته وصبره ورغبته وايمانه ، فاذا اراد الانسان ان يكون سعيدا ، سيفرح ويسعد بأبسط الاشياء وأصغرها وينظر الى تلك الامور الصغيرة بالرضا والفرح والشكر .
 
ربما بيت ريفى صغير ولوازم بسيطة للمعيشة تمنح الانسان السعادة الكاملة أكثر من المعيشة فى قصر كبير على ضفاف المحيط مع كل كماليات الحياة ومظاهر البزخ . 
 
هناك سؤال يطرحه البعض .. هل هناك رابطة بين السعادة ونوع الطعام الذى نتناوله ؟؟ دعونا نطرح السؤال بطريقة اخرى : هل هناك مركبات كيماوية فى جسم الانسان لها علاقة 
 
بالسعادة ؟؟ الاجابة نعم ، فهناك واحدة من جهازالغدد الصماء ( ليس لها قناة ) توجد فى قاع المخ ، تسمى الغدة النخامية ، تفرزهذه الغدة مركبات كيماوية فى تيار الدم تسمى الهرمونات منها هرمونات الاندروفين والسيروتونين والدوبامين .
 
تعمل تلك الهرمونات على الهدوء والشعور بالثقة فى النفس وعدم الاكتآب والاحساس بالبهجة . وهناك بعض الاطعمة تعمل على زيادة انتاج تلك الهرمونات ، مثل الشيكولاته الداكنة واللوز والبندق والموز والاسماك وبعض الاطعمة الحارة ، وبعض انواع العطور، بجانب الرياضة وتمارين اليوجا والنوم لفترة كافية والاختلاط بالاقارب والاصدقاء ، والخروج الى الاماكن الخلوية والاستمتاع بالطبيعة الخلابة ، كلها عوامل تساعد على انتاج الهرمونات السابقة الذكر .
 
سؤال آخر يطرح نفسه فى هذا السياق .. هل السعادة تختلف عن الفرح ؟ وأيهما الاقوى والاكثر ثباتا ؟ أتصور ان السعادة ، جزء من الفرح ، وان الفرح اكثر ثباتا وأكثر عمقا ومدته تطول عن السعادة التى تتأرجح بين الوقت والآخر . ان الفرح لا ينزع بسهولة خاصة الفرح الذى من عند الله .
 
فى النهاية يمكن لنا ان نقول : كل انسان يتطلع الى السعادة الحقيقية ، التى لا توجد الا من خلال الايمان بالله والعمل بوصايه وتعاليمه ، وتأكد ان السعادة ليست هدفا فى حد ذاته بل هى نتاج عملك وصنع قراراتك بذاتك ونفسك وان تبحث عن الافضل فى نفسك وفيمن حولك .