يأمل منافسو رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن يسفر توددهم للأقلية العربية في إسرائيل عن إقبال كبير منهم على التصويت في انتخابات تجرى يوم الثلاثاء مما قد يرجح كفة السباق لصالحهم من مصدر غير متوقع.

 
وأغرق حزب أزرق أبيض الذي ينتمي لتيار الوسط ويتزعمه رئيس الأركان السابق بيني جانتس المدن العربية بملصقات الحملات الانتخابية.
 
كما ظهر جانتس في محطات تلفزيونية ناطقة بالعربية على أمل الاستفادة من العدد المتزايد من الناخبين العرب المنصرفين عن الأحزاب العربية لصالح منافسين آخرين.
 
ويقول رام بن-باراك وهو مرشح ينتمي لحزب أزرق أبيض وكان نائبا سابقا لمدير جهاز الموساد ويقود الآن حملة التودد للعرب ”هذا تغير في الاستراتيجية عن الانتخابات السابقة“.
 
وتظهر استطلاعات الرأي أن حزب أزرق أبيض يحظى حاليا بنسبة تأييد مقاربة جدا لتلك التي يتمتع بها حزب ليكود اليميني بزعامة نتنياهو وحلفائه.
 
ويشكل العرب 21 بالمئة من سكان إسرائيل.
 
لكن الإحباط من الشقاق بين الأحزاب العربية والاستياء مما يعتبرونه ممارسات تفرقة إسرائيلية بحقهم دفع إقبال الناخبين العرب ليصل إلى أدنى نسبة له في 20 عاما خلال الانتخابات البرلمانية السابقة التي جرت في أبريل نيسان.
 
وأخفق نتنياهو في تشكيل ائتلاف حاكم بعد ذلك التصويت مما استلزم الدعوة لإجراء انتخابات جديدة.
 
ويشير أريك رودنيتسكي، وهو باحث في معهد الديمقراطية الإسرائيلي، إلى أن أكثر من 28 بالمئة من الناخبين العرب صوتوا لصالح قوائم تهيمن عليها الأحزاب اليهودية في انتخابات أبريل نيسان مقارنة مع 17 بالمئة في الاقتراع الذي أجري قبلها بأربع سنوات.
 
وتظهر البيانات أن أغلب تلك الأصوات ذهبت لحزبي أزرق أبيض وميرتس الذي يميل نحو اليسار.
 
وقال بن-باراك إن الأصوات الإضافية ستساهم في الحد من مكاسب اليمين وأضاف ”سيظل الأمر في صالح أزرق أبيض إذا صوتوا لآخرين لكنه سيخدمنا مرتين إذا صوتوا لنا“.
 
* تفرقة
تظل أغلب الأصوات العربية من نصيب أحزاب يقودها عرب. وتتكون الأقلية العربية في إسرائيل أساسا من الفلسطينيين الذين بقوا في مجتمعاتهم أو تشردوا في الداخل بعد حرب عام 1948 التي انتهت بقيام إسرائيل.
 
وأثار إعلان نتنياهو يوم الثلاثاء أنه يعتزم ضم غور الأردن إدانة من نواب عرب جرت العادة أن تكون مواقفهم داعمة للفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة.
 
وقال أيمن عودة رئيس ائتلاف القائمة المشتركة، الذي يضم أربعة أحزاب ذات أغلبية عربية، إن إقدام نتنياهو على هذه الخطوة قبل الانتخابات يأتي في إطار ”رؤية يمينية للفصل العنصري“ تعتمد على ”نزع الشرعية عن المواطنين العرب“ و“ضم الأراضي“ الفلسطينية.
 
وعلى الرغم من محاولة حزب أزرق أبيض كسب الأصوات العربية، فإنه لم يبد أي مؤشر عن اختلاف في المواقف بينه وبين نتنياهو في تلك القضية.
 
وقال جانتس لراديو الجيش الإسرائيلي يوم الخميس ”أؤيد ترك الغور تحت سيطرة إسرائيلية في أي سيناريو محتمل“.
 
ووفقا لبرنامج كونراد أديناور للتعاون اليهودي العربي، فلا تشكل مسألة ضم الأراضي عاملا أساسيا في الأجندة السياسية للأقلية العربية التي تركز على ملفات التفرقة وانعدام المساواة والجريمة.
 
ورغم أنهم يحملون الجنسية الإسرائيلية، يقول كثير من العرب إن مجتمعاتهم تواجه التمييز في مجالات مثل الصحة والتعليم والإسكان. وتقول مؤسسة التأمين الوطني الإسرائيلية إن نسبة الفقر بين المواطنين العرب تبلغ 47 بالمئة مقارنة بمتوسطها على مستوى البلاد والبالغ 18 بالمئة.
 
ويقول مركز المساواة المعني بالدفاع عن الحقوق إن ميزانية الدولة الإسرائيلية تميل عادة لصالح اليهود إذ تخصص المزيد من الأموال للمواقع والمدارس والمعاهد اليهودية على حساب نظيرتها العربية.
 
ويرد حزب ليكود الذي يتزعمه نتنياهو على ذلك قائلا على لسان إيلي حازان مدير الشؤون الخارجية في الحزب إن خطته للاستثمار في القطاع العربي التي تبلغ مخصصاتها 15 مليار شيقل (4.2 مليار دولار) هي ”أكبر التزام من هذا النوع في تاريخ إسرائيل“.
 
* ترهيب الناخبين
استخدم نتنياهو تعبيرا شهيرا لحشد مؤيدي اليمين يوم التصويت في 2015 إذ أعلن أن العرب يتدفقون على مراكز الاقتراع ”بأعداد غفيرة“ لضمان هزيمته.
 
وذكر معهد الديمقراطية الإسرائيلي أن نسبة إقبال العرب على التصويت انخفضت إلى 49 بالمئة في انتخابات أبريل نيسان في أدنى مستوى لها منذ عام 1999. وكانت نسبة الإقبال الإجمالية نحو 69 بالمئة.
 
وأرسل حزب ليكود مراقبين مزودين بكاميرات مثبتة على ملابسهم للعديد من مراكز التصويت التي تضم دوائر انتخابية عربية فيما وصفه سياسيون عرب بأنه ترهيب للناخبين.
 
وأخفق نتنياهو يوم الأربعاء في تمرير مشروع قانون كان سيسمح بالتصوير ودخول الكاميرات في كل مراكز الاقتراع. وأثناء مناقشة مشروع القانون في الكنسيت أخرج عودة هاتفه المحمول وبدأ فيما يبدو تصوير نتنياهو على مسافة قريبة من وجهه مما تسبب في طرده من القاعة.
 
وقال لرويترز في تجمع انتخابي في قرية الطيرة العربية في وسط إسرائيل ”لا يوجد رئيس حكومة حرض ضد المواطنين العرب مثل بنيامين نتنياهو“.
 
ودخلت القائمة المشتركة انتخابات أبريل نيسان في بطاقتين انتخابيتين منفصلتين وشهدت انخفاض نوابها في الكنيست المؤلف من 120 مقعدا إلى عشرة من 13. أما في هذه المرة أعادت القائمة توحيد صفوفها في محاولة لزيادة الإقبال.
 
وقال عودة ”في حالة صوتنا 65 بالمئة وما فوق نحن سننتصر على نتنياهو وعلى حكومة اليمين“.
 
* توجه مختلف
قال عودة في أغسطس آب إنه مستعد للانضمام لائتلاف ينتمي ليسار الوسط لكن بناء على مجموعة من الشروط بما يشمل استئناف محادثات السلام مع الفلسطينيين وإلغاء قانون الدولة القومية للشعب اليهودي.
 
وأضاف أنه يرفض الانضمام لأي حكومة تتعامل معهم كمواطنين من الدرجة الثانية.
 
لكن لم يشارك أي حزب عربي من قبل في ائتلاف حاكم مما يعني أنه ليس لدى تلك الأحزاب تأثير يذكر على السياسات الإسرائيلية. ومع استبعاد أغلب الأحزاب الإسرائيلية تشكيل ائتلاف مع أحزاب عربية، يروج بعض النواب العرب لانتهاج توجه مختلف لتكون أصواتهم مسموعة.
 
وقال عيساوي فريج وهو سياسي عربي في حزب ميرتس الذي انضم لقائمة الاتحاد الديمقراطي التي يدعمها رئيس الوزراء السابق إيهود باراك ”في ميرتس ما عندنا الحاجز النفسي أننا نكون في حكومات“.
 
ولمس توجه فريج وترا عند بعض العرب الذين ضاقوا ذرعا من توقع أن أصواتهم لن تذهب إلا لأحزاب عربية ليس لديها فرصة تذكر في الانضمام لائتلاف حاكم.
 
وقال معتز سمارا (25 عاما) وهو عربي من الطيرة حصل على دعم من حزب حداش اليساري المتطرف ذي الأغلبية العربية والمشارك في ائتلاف القائمة المشتركة ”سئمت من خوض السياسة بناء على الهوية... مع ميرتس لا يهم إن كان اسمك موشيه أو محمد أو إلياس أو أي شيء... سيأتي التغيير فقط إذا شاركنا وفكرنا بشكل مختلف“.