بقلم : د . مجدى شحاته
تتباين وتختلف القوانين الحالية المتعلقة بالاجهاض فى أنحاء العالم مابين دولة والاخرى ، حيث تلعب العوامل الدينية والاخلاقية والثقافية والصحية دورا أساسيا فى اقرار الاجهاض او عدم اقراره . فلا شك ان الحق فى الحياة والحق فى الحرية والحق فى الامن الشخصى والحق فى الصحة الانجابية هى القضايا المحورية والاساسية فى مجال حقوق الانسان التى تستخدم فى أحيان كثيرة لتبرير وجود أو عدم وجود قوانين السيطرة على الاجهاض .
 
لقد أشارت تقارير موثوق بها على مستوى العالم أن هناك ما يقرب من ستة واربعين مليون حالة اجهاض تتم فى جميع أنحاء العالم كل سنة ، أكثر من نصف هذا العدد تقريبا يحدث فى الدول التى فيها الاجهاض مسموح به قانونا ، فى حين ان النصف الاخر يقع فى بلدان تجرم الاجهاض رسميا .
 
هنا فى استراليا تختلف قوانين تشريع الاجهاض بحسب الولايات والمقاطعات المختلفة . ويعرض فى الوقت الحالى أمام مجلس الشيوخ مسودة مشروع الاجهاض الذى مر عبر مجلس نواب الولاية بموافقة تسعه وخمسين نائبا واعتراض واحد وثلاثين ، ومن المتوقع أن تستمر مناقشات مجلس الشيوخ للقانون المقترح حتى نهاية أيلول \ سبتمبر الحالى .
 
ولا شك أن تأخير فترة النقاش تعطى أ عضاء مجلس الشيوخ والمجتمع مزيد من الوقت لمناقشة التشريع باستفاضة ، ونأمل ان يكون هناك المتسع من الوقت واعطاء الفرصة الكافية لاتخاذ القرار الصحيح فى هذا الامر الحيوى .
 
لقد عبرت بعض الاطراف عن اعتراضها نحو السيدة رئيسة حكومة نيو ساوث ويلز جلاديس برجيكليان بتعمد تأخير تمرير مشروع قانون عدم تجريم الاجهاض فى الولاية .
 
وفى حقيقة الامر لا أدرى ما هو الهدف من السعى فى الاسراع نحو تمرير مشروع القانون طالما الامر يحتاج لمزيد من الدراسة والحوار المجتمعى خاصة ان مشروع القانون أمر خطير يتعلق بالموافقة الشرعية على القتل العمد مع سبق الاصرار والترصد باجهاض الامهات والتخلص من الاجنة الاحياء فى ارحام امهاتهم ولا يمكن الاعتراض على هذا التعبير لأنه يمثل الحقيقة بدون تجميل او لف او دوران !! 
 
ولاشك ان المجتمع يشهد اختلافا فى الرأى فى هذا الشأن الحيوى المثير للجدل ، وقد شهدت مدينة سيدنى عدة تظاهرات مؤيدة واخرى معارضة للقانون والذى يسمح فى حالة اقراره ان تمارس المرأة حقها فى الاجهاض حتى الاسبوع الثاتى والعشرين من الحمل ، فيما ستكون بحاجة الى موافقة خطية من طبيبين بعد الاسبوع الثانى والعشرين . 
 
شهدت الايام القليلة الماضية مزيدا من الشد والجذب الذى أصبح مصدرا كبيرا لاثارة الجدل والنقاش والتى تتعلق بشكل كبير بالمسائل الاخلاقية والروحية والفلسفية والصحية .
 
نعم أصبح لدينا خليط غير متجانس من الآراء المتباينة ، فهناك آراء تصف أنفسهم المواليين للحياة وأن الجنين فى رحم امه كائن بشرى له كل الحق فى الحياة والعيش وان الاجهاض 
 
بمثابة جريمة قتل عمد ، فى حين آراء الجانب الآخر ترى ان المرأة لها الحرية الكافية فى اتخاذ القرار للتخلص من الجنين الكائن الحى الذى تكون فى رحمها بكامل ارادتها فى معظم الاحيان .
 
ان تقنين الاجهاض يتسبب فى العديد من الآثار السلبية فى المجتمع ، على سبيل المثال وليس الحصر يتصادم المجتمع بالاجهاض الانتقائى بسبب جنس المولود ، ففى حالات الاجهاض الانتقائى ربما يؤدى الى خلل فى نسبة الذكور للاناث . واذا كانت بعض الدراسات تشير على ان الاجهاض أدى فى بعض البلدان على انخفاض نسبة الجريمة فى تلك البلدان نتيجة التخلص من مواليد غير مرغوب فى تواجدهم فى الحياة يتجهون الى التشرد وعالم الجريمة لأن ذويهم تخلوا عنهم !! والحقيقة دون أدنى مواربة ، ان هذه المجتمعات تتجنب جرائم التشرد بتقنين جريمة اكثر بشاعة وهى القتل بتشريع الاجهاض . أما الادعاء بان قانون عدم تجريم الاجهاض هو من باب الحرية الشخصية يعطى المرأة حرية التخلص من جنين لا ترغب الام ان يكون ابنا او بنتا لها !! فهو أمر غير منطقى لأن الأم كان لها كامل الحرية فى اتخاذ القرار فى ان تتجنب الحمل بطرق مقننة ومدروسة ومشروعة .
 
الجنين فى رحم الام مخلوق حى وهبه الله سبحانه وتعالى نسمة الحياة وليس سلعة من صنع البشر يمكن التخلص منها بسهولة فى صندوق النفايات .