هاني لبيب
منذ سنوات عديدة ناقشتُ العديد من المثقفين والمفكرين والمبدعين فى مصر حول فكرة وجود اتحاد كتّاب لا يقبل فى عضويته الكاسحة سوى الشعراء والروائيين استناداً إلى لائحة تنص على «عضوية كل من له إسهام منشور فى مجالات: القصة القصيرة والطويلة، والشعر والزجل، والنقد، والدراسات الأدبية والتراجم، والترجمة، وأدب الرحلات، وأدب الأطفال، وسيناريو وحوار الأفلام السينمائية، والمسرحيات، والأعمال الدرامية التى تعدُّ للإذاعة والتليفزيون وكافة الأعمال الأدبية الأخرى».

والمعيار الأخير «كافة الأعمال الأدبية» هو ما تم استغلاله من مجالس اتحاد الكتاب السابقين لإدخال الإذاعيين والصحفيين والإعلاميين، و«كل من له إصدار أدبى» والجملة الأخيرة تذيلت نص القانون الذى تضمنه التقرير المهم المنشور فى «مبتدا» بعنوان «اتحاد الكُتّاب.. للشعراء والروائيين فقط!».

فعلياً تحول عدد أعضاء اتحاد الكتاّب إلى رقم خرافى بسبب ثغرات القانون، وفى الوقت نفسه خرج الكتّاب والمفكرون والمثقفون ممن لا ينتمون إلى عضوية نقابة الصحفيين أو أى نقابة أخرى من حساباته.

من يقرأ التقرير جيداً يستطيع أن يلحظ اقتصار مهنة الكتابة على الأدباء فقط، وبالتالى نسأل:
- لماذا لا نطلق عليه اتحاد الأدباء أو الروائيين طالما اختزلناه فى فئة أو فئات محدودة؟ وفى هذه الحالة: ما المظلة التى تجمع الكتّاب والمفكرين أم أن الفكرة التى يستسيغ البعض ترويجها هى وجود نقابة أو اتحاد جديد خاص للكتاب ارتكازاً على قاعدة اتساع دائرة المكافآت والبدلات؟

- ما فائدة «دار الأدباء» التى أنشأها يوسف السباعى لكل أدباء مصر والعالم العربى والآسيوى، ورأس أول اجتماع لها د. طه حسين بحضور توفيق الحكيم وحسين فوزى ومحمود تيمور ويحيى حقى وكامل الشناوى ويوسف السباعى ونجيب محفوظ وعبدالرحمن الشرقاوى وأحمد بهاء الدين، وفقاً لمحضر أول اجتماع للجمعية بتاريخ 7 مايو 1953 أم أن الأمر مجرد تعدد عضويات لاكتساب مميزات مادية وأدبية؟

- لماذا الإصرار على عدم وجود أى نية مطلقاً لبحث تغيير معايير اختيار أعضاء الاتحاد بإعادة النظر فى اللوائح الداخلية أو مراجعة سجلات العضوية لبيان حقيقة من يستحق العضوية فعلياً؟

ليس من مصلحة العمل الفكرى والثقافى فى مصر.. التداخل بين الكتّاب والمفكرين والروائيين والأدباء والإعلاميين.. فلكل مجال مساحته وتأثيره من جهة، ومكانته واحترامه وتقديره من جهة أخرى. فالكتابة مهنة «راقية» رفيعة المستوى، وهى أساس الذاكرة الجمعية للعقل المصرى.

نقطة ومن أول السطر:
«الكاتب» هو الذى يستطيع صناعة الأفكار وإنتاجها من خلال رصد المعلومات المنشورة وتحليلها وإعادة قراءتها لتقديم رؤية أو مبادرة أو حل أو تقييم عملى قابل للتنفيذ لصالح المجتمع وتطوره.
نقلا عن مبتدا