رصيد كبير وغني ومتميز من الأفلام التي أخرجها المخرج السينمائي الرائد عبر مسيرة طويلة، بدأت من تأسيس السينما المصرية على أسس منهجية سليمة فقد كان وراء إقدام الاقتصادي المصري طلعت حرب على إنشاء أستوديو مصر، وقد تخصص بدرخان أكثر في إخراج الفيلم الغنائي وكان رائداً من رواده إذ قدم أفلاماً لأهم عمالقة الغناء في مصر أمثال أم كلثوم وفريد الأطرش وأسمهان ونجاة الصغيرة ومحمد فوزي ومحمد عبدالمطلب وغيرهم.

تنوعت الأفلام التي قدمهابين ماهي عاطفية واجتماعية وسياسية، وكان الملمح الرومانسي حاضرا في كل أفلامه تقريبا، وكانت أم كلثوم قد اختارته في 1937 لإخراج ثاني أفلامها وهو«نشيد الأمل» والذي أنتجته شركة أفلام الشرق في أولى مشاريعها الإنتاجية ثم أخرج جميع أفلام أم كلثوم ما عدا فيلم «سلامة» الذي أخرجه منتجه توجو مزراحي فيما أخرج لها بدرخان أفلام «دنانير»، و«عايدة»، و«فاطمة».

وقد قام أحمد بدرخان بإخراج أول أفلام فريد الأطرش مع شقيقته أسمهان وهو فيلم «انتصار الشباب» ثم اخرج مجموعة من الأفلام قام بإنتاجها وبطولتها فريد الأطرش وهي«شهر العسل»، و«ما قدرش»، و«أحبك أنت»، و«آخر كدبة»، و«عايزة أتجوز»، مع نور الهدى و«لحن حبي» مع صباح، و«عهد الهوى»، و«إزاي أنساك»، كما أخرج فيلم «شيء من لا شيء» للمطرب عبدالغني السيد، ونجاة على فيلم «تاكسي حنطور» للمطرب محمد عبدالمطلب، والمطرب محمد فوزي، ونور الهدى فيلمين «مجد ودموع»، و«قبلني يا أبي».

كما أخرج «علشان عيونك» للمطرب عبدالعزيز محمود، و«أنا وإنت» للمطرب محمد الكحلاوي، و«غريبة» وهو أول أفلام «نجاة الصغيرة» وفي 1944م كوّن أحمد بدرخان مع أمينة رزق وعبدالحليم نصر وحلمي رفلة شركة إنتاج تحت اسم شركة اتحاد الفنانين وقدمت أفلاماً مثل «قبلة في لبنان» و«القاهرة- بغداد» و«سجين الليل» و«عدل السماء» وغيرها وفي 1966م قام بإخراج فيلم «سيد درويش» ثم فيلم «النصف الآخر» وأفراح» فيلم «نادية»وقد كان هذا آخر فيلم قام بإخراجه.

أما عن سيرة بدرخان فتقول أنه ولد في 18 أكتوبر1909 وحصل على الشهادتين الابتدائية والثانوية من مدرسة الفرير وبدأ تعلقه بالسينما وهو في الثانية عشرة، حيث كان يتردد كثيراً على دار سينما «الكوزمو» بشارع عماد الدين.

وكان أحد أفلام شارلي شابلن الصامتة أول ما شاهده بدرخان من أفلام فأعجب به كثيراً وأحب التمثيل من خلاله وبالتالي صمم على أن يظهر على الشاشة.

وكانت صداقته بزميل الدراسة جمال مذكور والذي يشاركه نفس الهواية سبيلاً لاشباع هواية التمثيل لديه فكانا يترددان على مسرح رمسيس باستمرار لمشاهدة المسرحيات وحضور بروفاتها، وفي 1930 التحق أحمد بدرخان بمعهد التمثيل الذي أنشأه زكي طليمات إلاّ أنه لم يستمر بالدراسة فيه نظراً لاغلاقه وبعد حصوله على شهادة الكفاءة الفرنسية التحق بدرخان بالجامعة الأمريكية وشارك في نشاط فريق التمثيل والذي كان الفنان الكبير جورج أبيض تولى تدريبه.

كما أن بدرخان نفسه قد كوّن فريقاً للتمثيل أطلق عليه اسم فريق الطليعة وقام بتمثيل دور البطولة في مسرحية الأديب التي قدمها على مسرح رمسيس ثم التحق بكلية الحقوق لدراسة القانون تلبية لرغبة والده وفي نفس الفترة بدأ في مراسلة معهد السينما في باريس حيث كانت تصله محاضرات ودراسات في السينما استطاع ان ينشر معظمها في مجلة الصباح والتي أسندت إليه فيما بعد تحرير قسم السينما الأسبوعي فيها وأوفد في أول بعثة سينمائية لباريس في 1931 وحصل على دبلوم في فن الإخراج ومن خلال كتاباته في السينما استطاع بدرخان ان يلفت إليه انتباه الاقتصادي الكبير طلعت حرب الذي استدعاه وطلب منه تقريراً وافياً عن إمكانية إنشاء استوديو سينمائي في مصر فعكف بدرخان على كتابة التقرير مستعيناً بما لديه من كتب ومقالات عن الاستوديوهات.

إضافة إلى المعلومات والتفاصيل الفنية بالاستوديوهات والذي زوده بها صديقه نيازي مصطفى الذي كان يدرس السينما في ألمانيا. ثم حاز هذا التقرير على الموافقة من طلعت حرب وبدأ في المشروع. وإلى ان يتم تنفيذه أرسل حرب بعثتين لدراسة السينما بفرنسا وألمانيا. وكان بدرخان على رأس بعثة فرنسا وهناك في باريس التقى نجيب الريحاني أثناء تصوير فيلمه «ياقوت أفندي» في 1934 فعمل مساعداً لمخرج الفيلم أميل روزيه وأثناء تواجده في باريس استلم بدرخان من أستوديو مصرقصة «وداد» ليعد لها السيناريو وليكون باكورة إنتاج الاستوديو.

وفي أكتوبر 1934 عاد بدرخان وعيّن مخرجاً سينمائياً باستوديو مصر بمرتب قدره عشرون جنيهاً شهرياً وكان من المفترض أن يكون فيلم «وداد» 1936م وهو من بطولة أم كلثوم أول مشاريعه الإخراجية فقد بدأ بالفعل في تصوير بعض من مشاهده الخارجية إلاّ أنه وبسبب خلاف شخصي مع مديرالاستوديوأحمدسالم تم تنحيته من الإخراج واسناده إلى الخبيرالألماني فريدكرامب واحتجاجاً على هذا التصرف قدم بدرخان استقالته من الاستوديو،

وكان بدرخان قد اختيرنقيباً للسينمائيين، وكان أول رئيس لإتحاد النقابات الفنية حصل على جائزة الدولة التقديرية عام 1954 ووسام الفنون عام 1962.

ترك حوالي ثلاثين فيلماً بين إنتاج وإخراج كان من أشد المعجبين به طلعت حرب وعزيز المصري إلى أن توفي «زي النهاردة» في 23 أغسطس 1969