امينة النقاش
«أم إبراهيم» هى السيدة التى تساعدنى فى أعمال المنزل، لديها أربعة  أبناء يدرسون فى المدارس الحكومية الابتدائية والاعدادية. زوجها عاطل عن العمل وقعيد المنزل بمرض لم يستطيعوا تشخيصه، لكن ذلك لم يمنعه من مواصلة الإنجاب، وصف يوسف إدريس تلك الحالة بأنها «أرخص ليالى» أما هى فتعمل فى البيوت طوال أيام الأسبوع لتدبير نفقات المعيشة، أم إبراهيم حامل فى الابن الخامس، وهى تبدأ عقدها الرابع، رغم الشقاء والمعاناة والجهود التى تبذلها لتربية الأبناء وحيدة دون دعم من أسرة زوج لماذا الخامس يا «أم ابراهيم»؟

لأن الشيخ فى الحارة قال لنا إن منع النسل كفر وحرام!

تبنى الدولة فى كل  مكان، وتسعى لاصلاح مجتمعى فى مجالات شتى وتطلق علينا السلفيين فى البرلمان والشاشات وفى المساجد وفى الشوارع  والحارات، ليهدموا بفتاواهم الجهولة المسيسة ما تبنيه ليل نهار وهى مسيسة لأنها فى الواقع العملى تحقق ما تريده جماعة الإخوان، وهو ليس أقل من هدم مصر على رؤوس أبنائها!

آخر إنجازات الحكومة فى هذا المجال كان سماح وزارة الأوقاف لياسر برهامى نائب رئيس الدعوة السلفية باعتلاء منابر المساجد لإلقاء خطبة العيد، برغم سجله المخزى فى ميدان الفتوى الحافل بالتحريض على الفتن الطائفية وإثارة البلبلة فى سياسات الدولة المجتمعية فى القلب منها قضية تحديد النسل التى تسعى الدولة من خلالها أن تثمر برامج التأمين الصحى واصلاح منظومة التعليم وإنجاح خطط التنمية، والنهوض بالبلاد من سنوات نهب لثرواتها وتدمير لكل أفق ممكن لبناء مستقبلها.

سمحت وزارة الأوقاف لبراهمى بالدعوة فى العيد برغم افتقاده للشرطة العلمية التعارف عليها التى تتوفر فيمن يقومون بالإفتاء وبينها الكفاءة والعدل والاجتهاد وسلامة الذهن ورصانة الفكر وصحة التصرف والاستنباط وامتلاك المعرفة العميقة والمفصلة باحكام الكتاب والسنة والقياس والاجماع، وهو ما تؤكده فتاواه الإرهابية والسطحية فهو من حرم تهنئة المسيحيين بأعيادهم ووصمهم بالكفار وتوعدهم بنار جهنم، وأفتى للزوج بترك زوجته لمغتصبها اذا كانت حياته مهددة بالقتل، وحرم تعليق صور بطوط وميكى فى حجرات الأطفال، كما أفتى بجواز بيع السلع بأعلى من أسعارها فى الأماكن السياحية وحظر على النساء ارتداء الصنادل المكشوفة دون جورب، كما أفتى بعدم جواز التربح من على شبكات التواصل الاجتماعى واعتبر الانتفاع ببطاقات الائتمان ربا، وحرم زواج الزانى من الزانية لو حملت منه وغير ذلك من الترهات التى تتربح من الدعوة وتراكم الثروات من ورائها وتتجاهل ان الدين يسر لا عسر، وأن النبى الكريم دعا الى أن تيسروا ولا تعسروا وان تبشروا ولا تنفروا، وأكد  علماء دين انه حيث توجد مصالح الناس فثمة شرع الله، لكن برهامى وفريقه لا يعرفون من الدين سوى التطرف والغلو، ويسعون بدأب بفتاويهم التافهة، والخطرة فى آن واحد وراء كل تقدم اجتماعى لعرقلته، ووراء  كل خطوة لتجديد الخطاب الدينى لتحريمها وحتى تكفيرها، وهم فى كل ذلك يزعمون حماية العقيدة والدفاع عن شرع الله!

تساءل الكاتب الكبير أحمد الجمال: متى وأين وكيف كسر برهامى وشركاه أعين الدولة والحكومة؟ وأجيب بأن هذا ليس تساؤلاً، بل هو إدانة لحكومة تسعى لمكافحة التطرف والعلو والإرهاب بيد، وتمسك باليد الأخرى برهامى وفصيله وتطلقه على مجتمع ينهشه الجهل والفقر وقلة الحيلة، ليحطم اليد الأولى ويبطل مفعولها، لتبقى حياة «أم ابراهيم» ومصير أمثالها نهباً لخرافاته وفتاويه، فى تحد سافر لدولة القانون والدستور!
نقلا عن الوفد