كتبت – أماني موسى
بيعت أكثر من مليار نسخة من رواياتها ومؤلفاتها وتُرجمت لنحو 103 لغة.. واحدة من أعظم الروائيين بالعالم وتردد أسمها وانتشر "أغاثا كريستي" التي كتبت ما يزيد عن الستة والستين رواية بوليسية وأربعة عشر مجموعة قصصية، إضافةً إلى عدد من المسرحيات.. من هي وسيرة حياتها وسجل كتاباتها الروائية الحافل؟
 
طفولتها السعيدة المشردة
أجاثا كريستي، وتعرف أيضًا باسم السيدة مالوان، من مواليد 15 سبتمبر 1890 إلى 12 يناير 1976، وهي كاتبة إنجليزية اشتهرت بكتابة روايات الجرائم لكنها أيضًا كتبت روايات رومانسية باسم مستعار هو ماري ويستماكوت، وتعد واحدة من أعظم مؤلفة روايات جرائم في التاريخ حيث بيعت أكثر من مليار نسخة من رواياتها التي ترجمت لأكثر من 103 لغة.
 
وُلدت عام 1890 من أب أمريكي وأم إنجليزية، ووصفت طفولتها بـ السعيدة جدًا، قائلة (إنني قضيت طفولة مشردة إلى أقصى درجات السعادة، تكاد تكون خالية من أعباء الدروس الخصوصية، فكان لي متسع من الوقت لكي أتجول في حديقة الأزهار الواسعة وأسيح مع الأسماك ماشاء لي الهوى! ويرجع الفضل في ذلك إلى والدتي التي سهلت اتجاهي إلى التأليف، فقد كانت سيدة ذات شخصية ساحرة، وذات تأثير قوي وكانت تعتقد اعتقادًا راسخًا أن أطفالها قادرين على فعلِ كلِ شيء، وذات يوم أصبت ببرد شديد ألزمني الفراش قالت لي: خير لكِ أن تقطعي الوقت بكتابة قصة قصيرة وأنت في فراشك. فأجبتها: ولكني لا أعرف، فقالت: لا تقولي لا أعرف، ثم حاولت ووجدت متعة في المحاولة، فقضيت السنوات القليلة التالية أكتب قصصًا قابضة للصدر! يموت معظم أبطالها! كما كتبت مقطوعات من الشعر ورواية طويلة احتشد فيها، عدد هائل من الشخصيات بحيث كانوا يختلطون ويختفون لشدة الزحام، ثمَّ خطر لي أن أكتب رواية جرائم، ففعلت واشتد بي الفرح حينما قبلت الرواية ونشرت، وكنت حين كتبتها متطوعة في مستشفى تابع للصليب الأحمر إبان الحرب العالمية الأولى).
 
وفاة والدها وهي في الـ 12
توفي والد أجاثا كريستي إثر أزمة قلبية عام 1901 بعد تعرضه لازمة مالية كانت السبب في وفاته، وكانت اجاثا كريستي وقتها ابنة الثانية عشرة، عاشت بعدها مع والدتها، ولم يكن والدها قد ترك لهم المال الوفير، ومنذ ذلك الحين تغيرت حياتهم.
 
اشتغلت كريتسي ممرضة في المستشفى خلال الحرب العالمية الأولى قبل زواجها في لندن. ونشرت أولى رواياتها في عام 1920، والتي حملت عنوان (قضية ستايلز غامضة)، ولكنها لم تحقق النجاح الكافي.
 
عودتها للندن وزواجها
تلقت أجاثا تعليمها في البيت كبقية البنات من العائلات الميسورة الحال، بعدها ألتحقت بمدرسة في باريس، وتعلمت الموسيقى والفنون.
 
وفي العشرينات من عمرها عادت إلى إنجلترا وتقدم لها عدد من الشبان الأثرياء إلا أنها رفضتهم جميعًا، ثم تزوجت زيجتها الأولى من العسكري البريطاني (أرتشي كريستي) عام 1914 ومنه أخذت لقبها الذي لازمها طوال حياتها.
 
انفصالها عن الكولونيل بعد معرفته لأمرأة أخرى
ولكنهما لم يتفقا في الطباع والأهواء حتى قررا الانفصال وكانا قد أنجبا ابنتهما روزلند، وتزوجت ثانية في عام 1930 بشخص تشعر معه بالرفقة، وهو ماكس مالوان، عالم الآثار المعروف بعد أن التقت به في إحدى سفرياتها إلى الشرق.
 
وعاشت معه في سوريا والعراق عندما كان يقوم بأبحاثه، وكان عمرها آنذاك 39 عامًا بينما كان هو يبلغ من العمر 26 سنة.
 
زيجتها الثانية من عالم آثار يصغرها بأكثر من 10 سنوات
في زيجتها الثانية من عالم الآثار الذي يصغرها بأكثر من 10 سنوات، مكنتها المعيشة في البلدان العربية من زيارة معظم بلاد الشرق الأدنى والأعلى، وفي هذه الأونة كتبت أفضل رواياتها المليئة بالأسرار والغموض.
 
طقوس كتابة الروايات لأجاثا كريستي
ويقول زوجها في مذاكرته عن طقوسها في كتابة الروايات، "شيدنا لأجاثا حجرة صغيرة في نهاية البيت، كانت تجلس فيها من الصباح وتكتب رواياتها بسرعة وتطبعها بالآلة الكاتبة مباشرة، وقد ألفت ما يزيد على ست روايات بتلك الطريقة موسمًا بعد آخر، وفي الوقت الذي لا يتوفر سكن بالموقع الأثري يتم نصب خيمة لها لتكون فيها بعيدة عن ضجيج البعثات الأثرية والحفر والتنقيب، وتتمكن من الكتابة.
 
زوجها يكشف في مذكراته كيف كانت تكتب رواياتها بمناطق البعثات الأثرية
وعن حياته المشتركة مع أجاثا، يقول مالوان في مذكراته: (عشنا في بيت صغير ذي حديقة أسفل تل النبي يونس، وضم التل أيضًا مستودع أسلحة سنحاريب ـ الملك الآشوري ـ وكان الوصول من بيتنا إلى قمة نينوى تل قويسنجق يستغرق عشرين دقيقة على ظهر الخيل، ومن القمة نطل على مشهد شامل للمناظر الطبيعية والتاريخ...، ونطل من ارتفاع مائة قدم فوق السهل إلى الغرب على الضفاف الشديدة الانحدار لنهر دجلة السريع الجريان ليس هذا فقط، إنما كانت كثيرًا ما تتهيأ لشتاء الموصل الطويل بشراء كميات من الخشب التماساً للدفء كلما اقترب موسم البرد وكانت تدفع بسخاء لقوافل الأكراد التي تبيع الخشب، وفي هذا البيت قليل الأثاث احتاجت أجاثا مرَّة لمنضدة تكتب عليها روايتها (اللورد ـ ايجوير يموت) فقصدت سوق الموصل واشترت بثلاث باونات منضدة، اعتبرها الدكتور كامبل رئيس هيئة التنقيب تبذيرًا).
 
مؤلفات عديدة والخيال الجامح
وعند بلوغها سن الخامسة والثمانين كانت قد أنتجت (85) كتابًا بمعدل كتاب لكل سنة، وهو رقم عالي يعكس القدرة على الإنتاج والكتابة، ويتساءل زوجها (مالوان) في مذكراته: (كيف نفسر هذه الظاهرة؟ إنها ناشئة عن حالة دائمة من الخيال الجامح)
 
وفاتها عن عمر يناهز الـ 85
وتوفت في 12 يناير عام 1976 عن عمر يناهز 85 عامًا، وفاة طبيعية ودُفنت في فناء كنيسة سانت ماري في شولسي.