زهير دعيم
الوتر الهامس ، المُضمّخ بشذا الإبداع ، المُزنّر بالحِسّ المُرهَف.
سيمفونية الشّرق ، الهازجة على بيادر الأيام والناثرة قمح الأنغام 
 
عطرًا وهمسًا وصدىً.
عبَق الموسيقا القافز مع كلّ نسمة وقطرة طلّ ، ومع كلّ وشوشة عندليب يُدوزن أغرودة عِشق.
 
ألحرف الجميل الرّاعش تارة ، والصارخ أخرى والمُتهادي ثالثة والزّارع في النفوس ألف شوق وألف رجاء ومليون سوسنة.
 
هكذا هما الأخوان الرحبّانيّ : 
قصيدة جميلة ترفل على جبال صنّين وبسكنتا وبْشرّي ويصل مداها وصداها الى الجليل والمحيطات وأقاصي الأرض.
 
هكذا هم الرّحابنة : موّال شجيّ يدخل النفوس دونما استئذان ، حملته فيروزة الدُّنيا على أكفِّ الإبداع ففرّحتِ القلوب ولوّنتِ النفوس وعطّرت الأماني بعطر الرجاء والطّهر والقداسة وعبق الآتي.
 
هكذا الرحابنة : أغرودة جميلة غردها الصافي ونصري شمس الدين وهدى حداد وجوزيف عازار وملحم بركات وعبده ياغي وكثيرون 
فرسمت على جبين الشرق عزًّا.
 
حقًّا الرحابنة مدرسة وأيّة مدرسة ، غرست جذورها في أعماق الفنّ وتربته ، فشربت الأصالة وأورقت ووصلت أفنانها الى الأعالي ، فصدح البلبل على أنغامها وترغل الحجل والحسون على هضابها وقممها.
 
بل هي ايضّا مدرسة الحرف الجميل والقصيدة الرائعة ، التي تسرقك اغنياتها من نفسك فتروح تدندن معها وانت منتشٍ.
كانا اثنين ... من انطلياس – لبنان الاخضر الحلووو ...وكان الياس ما زال يافعًا..
 
عاصي حنا الرحبّاني ( زوج فيروز وأبو زياد ) ( 1923- 1986 ) 
منصور حنّا الرحبّاني ( 1925- 2009)
 
وكان عاصي وما زال قيدوم الفنّ والمايسترو الرائع الذي ما فتىء كما منصور يكوكب في نفوسنا رغم نتقالهما الى الفردوس، فقد حملا الفنّ الشّرقيّ وسموا به حتى السّماء ، فطربت السماوات وخشعت في محرابه الملائكة كيف لا... و " أنا الأمّ الحزينة " و" اليوم عُلّق على خشبة " " وا..حبيبي" والكثير الكثير من الترنيمات تخشع لها الارض والسماء 
 
ولا ننسى مئات الاغاني ..وكيف ننسى وفيروز الصّداحة ؟ 
وكيف ننسى و " هيْك مشق الزّعرورة" التي ستبقى خضراء حتى ولو انقرض الزعرور .
وكذا " تلج تلج " ستبقى ملوّنة بالبياض حتى ولو انقطع الثلج من الوجود ..
 
و" لبنان يا أخضر حلو " ستبقى تزهو وتُردَّد حتى ولو غمرت القّمامة كلّ لبنان !!.
عمالقة واكثر هؤلاء الرحابنة : عاصي ، منصور ، الياس ، زياد ، أسامة ، غدي ، مروان و غسّان والكثيرون الذين يحملون لواء الفنّ الجميل بأمانة وإخلاص وإبداع لا يعرف الحدود.
 
فيروز رائعة واكثر وقد زادها الرحابنة تألّقًا وألقًا ووهجًا ، فهي تدين لهم بالمجد والشهرة .
 
الرحابنة عالم سحريّ فريد تقف الحروف والكلمات حيالهم عاجزة بكماء.. إنّي أقرّ وأعترف.
عاصي ومنصور لروحيكما سلام.