بقلم : د . مجدى شحاته

عادت الاضواء تتسلط وبشدة، على مضيق هرمز ، ذلك الممر المائى الذى تتلاطم فيه الامواج وتشتد فيه الانواء بحثا عن النفوذ والسيطرة فى مكان حيوى استراتيجى بالغ الاهمية ، ليطفو على السطح ما يطلق عليه ( أزمة ناقلات النفط ) ليفرض ذلك المصطلح نفسه وبشدة على المنطقة والساحة الدولية والذى كان محور توتر اقليمى على مدى عقود مضت .
 
التوتر الاقليمى يدور حول مضيق هرمز ، الواقع بين سلطنة عمان وايران ، ويربط الخليج العربى بخليج عمان وبحر العرب والذى يمثل أهمية استراتيجية ، حيث يربط بين منتجى النفط الخام فى الشرق الاوسط وبين أسواق آسيا واوروبا وأمريكا الشمالية . كان مضيق هرمز قد شهد منذ مايو الماضى عمليات تخريبية تعرضت لها أربع سفن خارج المضيق . بعد ذلك سجلت وكلات الانباء مزيدا من التوتر بين كل من الولايات المتحدة الامريكية وايران .
 
يأتى هذا التوتر بعد قيام ايران بعدة انتهاكات ضد حاملات النفط العابرة فى المضيق . ففى غضون شهر واحد قامت طهران باحتجازوتوقيف ثلاث سفن للنفط آخرها ناقلة نفط عراقية ، بجانب سقوط طائرة تجسس امريكية فى نفس المنطقة . وانضمت المملكة المتحدة البريطانية نحو الجانب الامريكى ضد ايران بعد ان قام الحرس الثورى الايرانى باحتجاز احدى ناقلات النفط البريطانية ، وجاء التصرف الايرانى رداعلى احتجاز بريطانيا ناقلة نفط ايرانية فى مضيق جبل طارق أثناء عبورها فى طريقها الى سوريا ، وكأن طهران قد ارادت من خلال هذا الاجراء ان توضح للعالم ، انها قادرة للرد بالمثل وعدم قدرة بريطانيا عن حماية سفنها . 
 
بعد ارتفاع معدل التوتر فى منطقة الخليج ، تبلورت فكرة انشاء تحالف دولى بغرض حماية وسلامة الملاحة فى مضيق هرمز بقيادة الولايات المتحدة الامريكية ، نظرا للأهمية الاستراتيجية للمضيق الذى يمر من خلاله ما يزيد عن 40 % من الانتاج العالمى للنفط .
 
وترى واشنطن ان خلق هذا التحالف الدولى ، ربما يؤدى الى وضع طهران فى موقف محرج مع دول التحالف فى حالة اعتراضها لأى سفينة من سفن النفط سواء من دول التحالف التى تأمل امريكا تاسيسه او حتى من خارج التحالف .
 
وحتى الان لم تلق الفكرة الامريكية تشجيعا دوليا واسعا باستثناء بريطانيا التى أعلنت موافقتها الانضمام لأى تحالف تحت القيادة الامريكية لحماية وحرية الملاحة فى مضيق هرمز .
 
فى نفس السياق تقوم استراليا بدراسة فكرة التحالف ، بعد الزيارة العاجلة التى قام بها وزير الخارجية الامريكى الى كانبرا منذ أيام قليلة مضت .
 
وعلى جانب آخر أعلنت اليابان استعدادها لأرسال قوات بحرية بغرض تأمين وحماية سفنها ، حيث تعتبر طوكيو أكبر مستورد للنفط الذى يمر عبر مضيق هرمز . وعلى 
 
جانب آخر ، ترددت انباء بأن اسرائيل ستشارك فى التحالف الذى دعت اليه أمريكا لحماية السفن العابرة خلال المضيق ، يأتى التضامن الاسرائيلى مع الولايات المتحدة الامريكية ، بعد ان أمتنع شركاء واشنطن فى حلف الناتو من دعم امريكا فى تاليف حلف بحرى لحماية حاملات النفط فى المضيق ، الامر الذى يزيد من التوتر العسكرى فى منطقة الخليج . 
 
يرى البعض ان وشنطن غيرقادرة فى الوقت الراهن على تشكيل تحالف دولى لحماية ناقلات النفط فى المضيق ، لأن حلفائها ليس لديهم الحافز القوى الذى ربما يؤدى الى التورط فى منطقة ملتهبة وحرجة فى العالم .
 
وفى سياق آخر لايمكن ان نتجاهل ، بان التحرش الايرانى بناقلات البترول الغربية ، بأتى بمثابة عمليات جس النبض ، والتعرف الى أى مدى يمكن لطهران التحرك فى منطقة الخليج ، دون الاشتباك العسكرى المباشر مع أى قوى كبرى ، ولكن سؤ التقدير والتمادى فى عمليات جس النبض الغير مشروعة من الجانب الايرانى ، ربما تؤدى الى نشوب نزاع عسكرى له تداعيات خطيرة واسعة النطاق .