د. مينا ملاك عازر
 
بحسب نظرة الحكومة لإمكانية العيش بحوالي أربع وعشرين جنيه يومياً، وضع قرابة من اثنين وثلاثين ونصف بالمئة من الشعب المصري تحت خط الفقر والباقي بيلعب عليه. ومن ثمة، فأن الحكومة يحق لها بناء المدن الجديدة من فصيلة الجيل الرابع والمقارات الحديثة في كل أنحاء وربوع الجمهورية، ويحق لها شق الطرق الجديدة وبناء أعلى برج في أفريقيا، وشد أطول جسر في العالم، وأعرض ممشى زجاجي، وأحسن وأطول وأقصر وأتخن وأرفع وأعلى وأوطى وأعمق وأذكى كل حاجة في أي حاجة، لأن الشعب عايش كويس، وكويس إنه عايش وما قرروش القضاء عليه.
 
وبهذه المناسبة التي أحب أن أشكر فيها الحكومة على جهودها لمقاومة الفقر، وذلك بالقضاء على الفقراء والاستعاضة عنهم بالطبقة الوسطى لجعلها الأكثر فقراً، أحب كمان أتقدم بخالص الشكر للسيد المسؤول الذي خط الفقر عند هذا الخط الذي جعله عند مستوى الأربعة وعشرين جنيه مصري أي قرابة السبعمئة وعشرين جنيه شهري، وهو طبعاً لا يتماس بأي شكل من الأشكال مع خط الفقر العالمي الذي لو اتبعناه سيجعل قرابة ستين بالمئة من الشعب المصري تحت الخط مرتاح.
 
كمان نحن في خضم هذا الشر الموصول للحكومة والقائمين عليها أحب أزيد الشكر بيتاً، وهذا البيت ليس كبيوت الحكومة التي تبنيها لساكني العشوائيات المفروشة بكل شيء من الأجهزة والذي منه، لكنه بيت يثبت أن المتحصل على أقل من ثلاثين جنيه يومياً لا يحق له إلا أن يأكل فول وطعمية وكشري يعني اللحوم والفراخ والأسماك ليست من حقه مطلقاً، يعني حيكون عنده سوء تغذية، سيستاء منها سيادة الرئيس بالطبع، كمان لن يكون من حقه تعليم أولاده ولا علاج نفسه وبالتالي أولاده، ولا التحويش للزواج أو للترفيه عن نفسه، ولا حتى يشرب شاي مش حاقول قهوة وبالتالي نحن نقلص فرص الحياة لهذا الشعب ليحيى حياة لا يحياها إلا أمثاله من الراغبين في الحرية، ومن ثمة يجب تجويعهم لكي ينسوا فكرهم ويذكرون بطنهم.
 
خط الفقر المصري يجعل ثلث الشعب تقريباً فقير، وخط الفقر العالمي يجعل الثلثين فقيراً، ولأننا دولة فقيرة يعيش فيها شعب فقير تحكمها حكومة مبذرة تصرف على نفسها وعلى الأغنياء لترفيههم ودلعهم في كومباوندات ومدن جديدة وعواصم إدارية وخطوط مترو لا يستفيد منها من هم دون خط الفقر المصري ولا حتى العالمي بالمناسبة، ويحفرون بحيرات خلابة يطل عليها قاطني العاصمة الإدارية الجديدة، بينما يطل من هم على خط الفقر على بحيرات من الصرف الصحي يعيشون فيها سنوات طويلة دون أن ينظر لهم أحد، وهنا يأتي دور التنمية المستدامة حيث نلتقي بها المقال القادم بإذن الله.
 
المختصر المفيد "الحكومة التي تسرق بيتر لتعطى باول دائما تنتظر الدعم والتأييد من باول". نابليون