سليمان شفيق 

فى سياق الردود علي مقالات رحلة العائلة المقدسة ننشر اليوم مقال صموائيل اسكندر مفتش اثار

فكم في مصر من مضحكات لكنه ضحك كالبكاء .

. تعيش أغلب شعوب الدنيا تلهث خلف كل ما هو مجدد ومطور لبلدانهم وأوطانهم إلا نحن بإصرار عجيب وغريب عشقنا السير في ركاب المتخلفين ، نرى دول العالم المتحضرة لا يفوتها حدث ولو كان صغيرا حتى تضعه في نصابه السليم ، لا يفوتها أثر ولو كان ضئيلا إلا وتضعه في إطار يليق به ، وبالرغم من أن هذه الدول قد غابت عنها مقومات كثيرة للتمدن والتحضر والرقي إلا أنها بسواعد وهمم رجالاتها أحضروا المجد راضيا قانعا إلى أعتاب دورهم ، وفي المقابل إمتلكنا الكثير والكثير مما تغار منه الأمم وتحسدنا عليه الشعوب ، لكننا بإهمالنا وحماقاتنا أوصدنا الأبواب أمام كل ما هو نافع ومثمر .

غابت عنا الرؤى المستنيرة وبهتت لأجل غيابها الإرادة ، فترانا نتذيل الأمم ونقف دائما خلف الشعوب .

بحت أصوات الكثيرين وعلت صيحات الغيورين لأجل إرادة صلبة ورؤى مستنيرة وتخطيط إيجابي للنهوض من كبوتنا والإفاقة من وهدتنا ، إلا أنه أسمعت إذ ناديت حيا لكن لا حياة لمن تنادي .

. كل هذه المرارة التي في الحلق ، ما هي إلا نتاج واقع أليم ومرير نعيشه ونحياه ليل نهار من قرارات وسياسات هوجاء ، نراها تظهر في الليل ثم لا تلبث

أن تتلاشى بالنهار ، فمنذ ما يقرب من العامين طالعتنا الأخبار والصحف بإدراج مسار العائلة المقدسة في مصر ضمن برنامج الحج لدولة الفاتيكان ، فإستبشر الكثيرون خيرا ، خاصة ونحن نعاني ركودا سياحيا أقل ما يقال عنه أنه نتاج البلادة وإنعدام الرؤية ، وكالعادة توهج الخبر كعود الثقاب لحظة إشتعاله وإذ به يخبو وينطفئ ، وبهت معه كل حديث عن هذا المشروع الرائع والذي إذا تبنته الدولة بجدية سيحيي معه أشياء كثيرة بدأ نجمها في الأفول وإقتربت من حافة الموت يواريها الثرى ويلاشيها المنون ، فالسياحة في بلداننا بالمقارنة ببلدان أخرى ، تماما كمستوى تعليم بروضة أطفال أمام تعليم جامعي راق ومحترم .

.. وها قد جاءتنا فرصة ذهبية محل إهتمام العالم أجمع ، لكن وللأسف خرج علينا من هم من أهل التخصص ليقرروا بعنترية هوجاء أن السياحة الدينية

عديمة الجدوى وتكلفة الإنفاق عليها ما هي إلا إهدار للمال العام ، وكأنه لم ينم إلى علمهم أن مرتادي هذه السياحة يزيدون عن مئة مليون سائح كل عام ، وكأنهم لم يسمعوا عن السياحة الدينية في بلد كإسرائيل هذه الدولة الصغيرة ومدى تفوقها في هذا المجال .

. العيب فينا نحن وفي تقديراتنا الخرقاء وإداراتنا العمياء التي لطالما تنظر تحت أرجلها وليس في السياحة الدينية ، وأكاد أزعم أن هذه السياحة هي ملف

في غاية الأهمية بين كل أنواع السياحات المختلفة ، ففضلا عن كونها مصدر مهم للإقتصاد والدخل القومي فهي تنشر نشاطا توعويا ثقافيا بين جموع الشعب ، وبالتبعية سيقودنا هذا إلى مناخ صحي تذوب فيه ثقافات متعددة تحد من النعرات الطائفية والفكر الممجوج الذي هو أرض خصبة لكل ما هو إرهاب خاصة في صعيد مصر الذي وللغريب والعجيب أن به أهم ا

لمحطات والأماكن التي حلت فيهما العائلة المقدسة ورغم ذلك لا توجد هذه الأماكن على خريطة مسار رحلة العائلة المقدسة .

.. والحقيقة أن كثيرا من المستنيرين لم يألوا جهدا في المناداة بضرورة الإهتمام بهذا الملف ، وأفردوا له صفحات عريضة ، منهم على سبيل المثال لا

الحصر كاتبنا سليمان شفيق ، والذي بخمس مقالات متتابعة صال فيها وجال وعرض حيثيات مسار رحلة العائلة المقدسة وتناولها من جميع زواياها أكانت جغرافية أو تاريخية أو إقتصادية ، وكأنه قد وضعنا بمداد قلمه في محضر هذه الرحلة المقدسة ، نعتلي فيها ربوة عالية لنشاهد هذا الزائر الكريم برفقة أمه العذراء ويوسف النجار يسيرون في وديان مصر ويصعدون تلالها وروابيها ..

. حقيقة سادتي الكرام نحن لن نخترع العجلة مرة أخرى ، فغيرنا قد نجح نجاحا مبهرا في هذا المجال برغم عدم توافر مقومات لهم بقدر ما حبانا الله من

مقومات ، ورغم ذلك هم نجحوا ونحن فشلنا ، هم يعلمون يقينا مدى أهمية هذه السياحة في نفوس محبيها ومريديها ، ويدركون أيضا بحسب معتقديها أنه صلة ما بين الأرض والسماء . فكفانا غوصا وتعمقا في منطقة اللاوعي والبلاهة بمثل هذه الإرادة الباهتة وهذه الرؤى الضبابية وذلك التخطيط العشوائي الأبله فنقود أوطاننا من حال سيئ إلى أسوأ .

... نستطيع أن نفعل ، نستطيع أن نحقق ما نتمناه ونرجوه بإرادة صلبة ورؤى مستنيرة وتخطيط أكاديمي منظم ، فلا تفسدوا علينا هذه النعم الإلهية وتلك العطايا الربانية ، ولا تحجبوا عنا هذا الضياء وتقطعوا ذلك الجسر الممتد مابين قاطني الأرض و بين سكان السماء

صموئيل اسكندر مفتش اثار