هناك دائماً خطر استغلال موسم فريضة الحج فى السعودية وتسييسها بشكل يؤدى إلى إفساد روح الحج القائمة على التعبد والتقرب إلى الله عبر آداب نص عليها الشرع وعلمنا إياها سيد الخلق، عليه أفضل الصلاة والسلام.

 
وحج هذا العام يتعرّض أكثر من غيره من الأعوام السابقة، لاحتمالات تسييس من 4 قوى:
 
1 - قوة الحرس الثورى التى تشكل المكون الأساسى من الحجاج الإيرانيين الذين يتوقع أن يبلغ عددهم هذا العام 86 ألفاً، وصل منهم حتى الآن عشرة آلاف و300 راغب فى الحج.
 
2 - حجاج أتراك جزء منهم ينتمون إلى حزب أردوغان الحاكم، وهم تيار مسيس متأثر بفكر جماعة الإخوان المسلمين.
 
3 - قوة «لا تعلمونها ولكن الله يعلمها» تنتمى إلى فكر الإرهاب التكفيرى مثل «داعش، القاعدة، جبهة النصرة» ويأتون بالطبع بشكل متخفٍ لأنهم لا ينتمون إلى تنظيمات علنية، وكثير منهم ينتمون إلى هذه التيارات كخلايا نائمة تتحرك عند الضرورة.
 
4 - القوة الأخيرة هم من تسخرهم حكومة قطر لإثارة القلاقل لإفساد قداسة الحج والإساءة إلى سمعة السعودية كدولة راعية.
 
ومعظم جهد إفساد الحج من الجانب القطرى يتركز من خلال بيانات الحكومة التى تدّعى أن السعودية تضع العراقيل تجاه الحجاج القطريين.
 
والحقيقة أن العكس هو الصحيح، وهو أن مندوب الحكومة القطرية لشئون الحج، رفض توقيع بروتوكول التعاون، وقامت الحكومة القطرية بقطع روابط الإنترنت، التى تربط الدوحة بمواقع منح التأشيرات لراغبى الحج القطريين.
 
وردت الحكومة السعودية على هذا الأمر ببيان صريح وواضح كذّبت ما قالته وتردده قناة «الجزيرة».
 
وأكدت وزارة الحج السعودية أنها ترحب بالحجاج القطريين، وعلى استعداد لمنحهم التأشيرات، حتى عند وصولهم وتقديم كل التسهيلات لهم.
 
ويبلغ عدد الحجاج المتوقعين هذا العام قرابة المليون وسبعمائة ألف، كما أدى مناسك العمرة هذا العام 8 ملايين معتمر.
 
فى الوقت ذاته وصل أمس الأول إلى المدينة المنورة مسئول بعثة الحج الإيرانية ويمثل الولى الفقيه الإيرانى فى بعثة حج هذا العام «حجة الإسلام نواب».
 
وقال الرجل قبل أن يغادر طهران قبل الصعود للطائرة: «إن تعليمات قائد الثورة الإيرانية، على ضرورة تطبيق شعائر البراءة من المشركين فى عرفات».
 
وجدير بالذكر أن معظم مشكلات الصدام مع الحجاج الإيرانيين تتم ما بين مكة وعرفات، وكثيراً ما تؤدى إلى تزاحم أو اصطدامات تؤدى لخسائر بشرية.
 
إن مناسك الحج هى مناسك مقدّسة يؤديها المسلم بغرض التطهر من الذنوب والاغتسال من الذنوب الدنيوية وطلب المغفرة والتقرب إلى الله للوصول إلى الدرجات العلى فى الدار الآخرة.
 
هذه المناسك، بهذا الفهم، وهذا المعنى، تحتاج إلى أن يتم تنزيهها وترفعها عن ثارات السياسة، ومشاكل الصراع الإقليمى، وهيستيريا أزمات المنطقة.
 
ولعل ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن فضل الحج هو خير ما يمكن أن يوضح لنا الطريق الصحيح فى التعامل مع هذه المسألة.
 
سُئل الرسول: أى الأعمال أفضل؟ قال: «إيمان بالله ورسوله. قيل ثم ماذا؟ قال: جهاد فى سبيل الله. قيل: ثم ماذا؟ قال: حج مبرور».
 
إذاً تراتبية أفضل الأعمال: الإيمان بالله ورسوله، الجهاد فى سبيل الله، ثم الحج المبرور، وتقديم الإيمان على الجهاد فيه حكمة بالغة وبليغة، لأن هناك فارقاً بين المجاهد المؤمن الذى يفهم شروط وضرورات الإيمان، والمجاهد عن ضلالات وأفكار مرضية.
 
وجاء فى سورة البقرة «وَلا جِدَالَ فِى الْحَجِّ» الآية: 197.
 
أما الإمام على بن أبى طالب رضى الله عنه وأرضاه، فقد قال فى خطبة له يوم الجمعة: «انظروا بيت ربكم، فلا يخلون منكم، فلا تناظروا». وأضاف: «فرض عليكم حج بيته الذى جعله سبحانه علامة لتواضعكم لعظمته وإذعانكم لعزته».
 
لذلك كله ندعو الله أن يمر هذا الحج بسلام وأمان، وأن تراعى فيه أوامر الله ورسوله، بلا صراع ولا جدال ولا فسوق.
نقلا عن الوطن