بدأت روسيا يوم الجمعة تسليم تركيا نظاما دفاعيا صاروخيا متطورا في خطوة من المتوقع أن تدفع الولايات المتحدة لفرض عقوبات على تركيا التي تشاركها عضوية حلف شمال الأطلسي وأن تدق إسفينا في قلب التحالف العسكري الغربي.

وقالت وزارة الدفاع التركية إن الأجزاء الأولى من نظام الدفاع الجوي إس-400 نقلت جوا إلى قاعدة جوية قرب العاصمة أنقرة تنفيذا للصفقة التي أبرمتها تركيا مع روسيا والتي حاولت الولايات المتحدة منعها على مدى شهور.

وكان رد فعل واشنطن ،التي هددت بفرض عقوبات على تركيا، محدودا مع تصريح القائم بأعمال وزير الدفاع مارك إسبر إن الموقف الأمريكي لم يتغير.

وألقى الرئيس دونالد ترامب كلمة استغرقت 30 دقيقة بشأن التجارة بعد ظهر الجمعة في مصنع بمدينة ميلواكي يديره أحد فروع شركة المقاولات الدفاعية لوكهيد مارتن ولكنه لم يشر إلى تركيا.

وتقول الولايات المتحدة إن هذه المعدات العسكرية الروسية لا تتوافق مع نظم حلف شمال الأطلسي وإن الحصول عليها يمكن أن يؤدي إلى إبعاد تركيا من برنامج لإنتاج الطائرة المقاتلة إف-35.

ويشعر المستثمرون في تركيا بالقلق بسبب الصفقة. وتراجعت الليرة التركية 1.6 % إلى 5.7780 أمام الدولار بعد إعلان وزارة الدفاع عن وصول أجزاء من منظومة الدفاع الصاروخي إس-400 إلى قاعدة مورتيد شمال غربي أنقرة. وانخفض مؤشر بورصة اسطنبول الرئيسي 2.13%.

وبثت قنوات تلفزيونية تركية لقطات لطائرات شحن ضخمة من طراز انتونوف إيه.إن-124 تابعة لسلاح الجو الروسي وهي متوقفة لتفريغ معدات في القاعدة الجوية.

وقال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار لوكالة أنباء الأناضول الرسمية "يوم الجمعة وصلت ثلاث طائرات شحن" مضيفا أن التسليم سيستمر في الأيام المقبلة.

ونقلت وكالة تاس الروسية للأنباء عن مصدر دبلوماسي-عسكري قوله إن شحنة ثانية ستنقل جوا في وقت قريب مضيفا أن شحنة ثالثة، وتضم 120 صاروخا موجها، ستنقل بحرا في نهاية الصيف.

وقال إسبر للصحفيين في وقت سابق يوم الجمعة "نحن على علم بتسلم تركيا منظومة إس-400، موقفنا بخصوص المقاتلة إف-35 لم يتغير". وأضاف بعد أن تحدث مع نظيره التركي "المزيد سيأتي".

ولكن وزارة الدفاع (البنتاغون) ألغت بعد ذلك إفادة صحفية مزمعة بشأن تركيا.

وقالت وزارة الدفاع التركية بشأن الاتصال الهاتفي إن "الوزير أكار أبلغ نظيره الأمريكي بأن تركيا مازالت تواجه تهديدا جويا وصاروخيا خطيرا وأن شراء أنظمة إس-400 الدفاعية لم يكن خيارا وإنما كان ضرورة".

محادثات أردوغان وترامب
تقول تركيا إن النظام الدفاعي الصاروخي ضرورة دفاعية استراتيجية، خاصة لتأمين الحدود الجنوبية مع سوريا والعراق. وتقول أيضا إن الولايات المتحدة وأوروبا لم تقدما لها بديلا مناسبا عندما أبرمت صفقة النظام الصاروخي إس-400 مع روسيا.

وفي الشهر الماضي، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بعد اجتماعه مع نظيره الأمريكي دونالد ترامب في قمة مجموعة العشرين إن الولايات المتحدة لا تعتزم فرض عقوبات على أنقرة لشرائها نظام إس-400. وقال ترامب إن تركيا لم تلق معاملة عادلة لكنه لم يستبعد فرض عقوبات. وقال مسؤولون أمريكيون الأسبوع الماضي إن الإدارة لا تزال تعتزم اتخاذ إجراء.

وطبقا لتشريع يعرف بقانون التصدي لخصوم أمريكا من خلال العقوبات، وهو معني بشراء معدات عسكرية من روسيا، ينبغي أن يختار ترامب خمسة إجراءات من بين 12 إجراء محتملا.

وتتراوح هذه الإجراءات بين حظر إصدار تأشيرات الدخول والحرمان من التعامل مع بنك الصادرات والواردات الذي يتخذ من الولايات المتحدة مقرا له وتتمثل الاختيارات الأشد في وقف التعامل من خلال النظام المالي الأمريكي والحرمان من رخص التصدير.

وتقول الولايات المتحدة إن نظام إس-400 قد يعرض المقاتلات الشبح من طراز إف-35 التي تصنعها شركة لوكهيد مارتن للخطر وهي الطائرات التي تساعد تركيا في تصنيعها وتعتزم شراءها.

وفي ظل العقوبات الأمريكية المحتملة، ربما تواجه تركيا استبعادها من برنامج المقاتلات إف-35 وهي خطوة رفضها أردوغان. لكن واشنطن بدأت بالفعل إجراءات لإخراج أنقرة من البرنامج وأوقفت تدريب طيارين أتراك على المقاتلة في الولايات المتحدة.

ويخشى المستثمرون في تركيا من تأثير العقوبات الأمريكية المحتملة على الاقتصاد الذي أصابه الركود بعد أزمة العملة في العام الماضي.

وتراجعت السندات الدولارية التركية لأقل مستوى في ثلاثة أسابيع عقب الإعلان عن وصول المنظومة، وارتفعت أيضا تكلفة التأمين على الانكشاف على الدين السيادي التركي.

وشراء النظام إس-400 واحدة من قضايا عدة تسببت في توتر العلاقات بين البلدين منها خلاف على الاستراتيجية المتبعة في سوريا شرقي نهر الفرات حيث تتحالف واشنطن مع قوات كردية تعتبرها أنقرة خصما لها.

كما تسبب احتجاز موظفين بالقنصلية الأمريكية في تركيا في توتر العلاقات فضلا عن الخلافات بشأن السياسة تجاه إيران وفنزويلا والشرق الأوسط.

وتطالب أنقرة واشنطن منذ وقت طويل بتسليمها رجل الدين التركي فتح الله كولن الذي تعتبره الرأس المدبر لانقلاب فاشل وقع في عام 2016.