القمص اثناسيوس فهمي جورج
إن أولئك الذين يطلبون الرب بغيرة صالحة وإيمان يراهم اللـه بسابق علمه كما من جبل ....أى من سابق علمه الإلهى العالى. ينظر إليهم ويعلن لهم بأنهم موضع عنايته ورحمته ومعونته وخلاصه .إنهم يستحقون النظرة الإلهية.

إذ أنه صالح للذين يترجونه ؛وطيب للنفوس التى تطلبه وتتوقع بسكوت خلاصه...أنه ينتشل الذين يطلبونه ويضم الذين يتشوقون له بتفتيش ومداومة . يفكهم من محبات العالم ، لينطلقوا بحرية متوقعين وعوده الصادقة . هو الذى يغير كل من يطلبه ويلتجأ إليه ، تقدسه يمين العلى وتأتى به إلى الحلاوة الشهية ، وتحول القساوة والضعف إلى رحمة وصلاح ونمو . ذلك هو إلهنا الذى لايشاء موت الخاطى مثلما يرجع ويحيا ، وهو الذى يجرحنا بجراح حبه ويفيض علينا من جنبه الطاهر غاسلاً أيانا ومقدساً كل خلجاتنا وحواسنا .

برحمته يبقى فى إنتظار أن نتحول إليه تحولاً كاملاً ، ونترك الأشياء المضادة لخلاصنا .فبالرغم من جهلنا وحماقتنا وميلنا الردئ ، هو يطيل آناته علينا ورأفاته لا تفرغ لانها جديدة فى كل صباح . يترقبنا بأحشاء رحمته حتى نتمم خلاصنا بخوف ورعدة وحتى لا نسوف العمر باطلاً ، فنأتى إلى جبل صهيون مدينة اللـه الحى .

ما أعظم شفقته التى يظهرها من نحونا ليحولنا وينقلنا إلى سيرة هادئة .. وما أعظم حفظه لنا حتى لا نهلك فى غرور العلم ، مثبتاً أيانا فى ايمانه الذى يفوق كل تعبير وتوقع حتى نجد الخلاص وندرك ما أدركنا هو لأجله . يدعونا من جديد حينما نرتد ونضعف ، يمسك يده ويسكت وينتظر أن نعود إلى أنفسنا ونرجع . فهكذا هى مشيئته أن لا يهلك أحد . صابراً علينا منتظراً لتوبتنا حتى نبادر إليه : يشفى أبصارنا وعمى قلوبنا ويمنحها الإبصار العقلى متغاضياً عن أزمنة الجهالة .

إن نظرته الإلهية تدعونا للرجوع وللتوبة ( بالإرادة والقصد ) حتى لا يطلبنا الشيطان كى يغربلنا ويقلبنا بغربال هذا الدهر بالرعب والأنين والمخاوف والاهوال والتقليب الطائش . يعضدنا ويتبنانا لاننا لسنا من هذا العالم ، بل قد ولدنا من فوق ومدينتنا هى فى السموات ( فى 3 : 20 ) . + بصمت في صورة سلطانك .

منذ الان نتطلع الي الخيرات الابدية كما فى مرآة ، فلا نعود نضطرب ونرتاب لاننا قد انتقلنا من الموت إلى الحياة ومن العدمية إلى الوجود ومن الحيرة والعوز والإرتباك إلى السلام والشبع . بيتنا أبدى فى السموات وهو غير مصنوع بيد ، طعامنا باقى ولن نوجد عراة ( 2كو 5 : 3) .

وشوقنا يتجدد لأن الذين يأكلون يعودون جائعين والذين يشربوننى يعطشون ( بن سراخ 24 : 21 ) كقول الرب . فقولوا للصديق خير .