قبطي نشأ في قنا من عائلة ثرية.. وتم اعتقاله أكثر من مرة.. وتأثر به البابا شنودة

كتب - نعيم يوسف

اسمه حتى الآن يعتبر رمزًا للوطنية، ويستخدم للإشارة إلى التلاحم والوحدة الوطنية بين الأقباط والمسلمين بمصر.. إنه مكرم عبيد، الذي تعرض للكثير من المشاكل في حياته، ولكنه لُقب بـ"محامي الحريات".

قبطي من الصعيد
ولد مكرم عبيد باشا، في 25 أكتوبر عام 1889، في مدينة قوص بمحافظة قنا، وكان والده يعمل في مجال الإنشاءات، وهو مولود في عائلة من أشهر العائلات القبطية وأغناها، وتعلم في المدرسة الأمريكية بأسيوط، وودرس القانون في أكسفورد، وحصل على درجة امتياز في القانون عام 1908، واستكمل دراسته القانونية في ليون بفرنسا وحصل على ما يعادل الدكتوراه في عام 1912.


محامي.. وخطيب
عمل في العديد من المجالات، منها: سكرتيراً للوقائع المصرية، وسكرتيراً خاصا للمستشار الإنجليزي طوال مدة الحرب العالمية الأولى، ولكن بسبب كتابته ضدهم قاموا بالاستغناء عنه، ثم عُين بعد ذلك أستاذًا بمدرسة الحقوق لعامين كاملين وفي عام 1919 انضم إلى حزب الوفد، كما عمل في مجال الترجمة والدعاية في الخارج ضد الإنجليز، لدرجة لُقب بـ"الخطيب المفوه"، وعمل أيضا بالمحاماة، وأهتم بالدفاع عن المقبوض عليهم في تهم سياسية ومن لاحقه البوليس السياسي، ولا زالت أصداء مرافعاته معروفة في تاريخ المحاماة في مصر ولُقب بــ"محامي الحريات"، وولما نُفي سعد زغلول ثار مكرم عبيد وقام بإلقاء الخطب والمقالات مما تسبب في القبض عليه ونفيه هو الآخر.


مناصب وخلافات
بعد معاهدة 1936 عُين عبيد وزيراً للمالية، وحصل على الباشوية، وشارك في الوزارات الثلاثة التي تشكلت برئاسة كل من أحمد ماهر والنقراشي في عام 1946، ولكن دب خلاف بينه وبين مصطفى النحاس باشا، بسبب أن زوجة الأخير أرادت إزاحة "عبيد"، ووضع فؤاد سراج الدين بدلا منه، فأعد "عبيد" كتابه الشهير "الكتاب الأسود في العهد الأسود"، والذي سرد فيه المخالفات المالية للقيادات الوفدية الأمر الذي أدى لهجوم الوفديين عليه، وتسبب في عزله لاحقاً من مجلس النواب ثم اعتقاله.

صاحب فكرة النقابات
مكرم عبيد، هو صاحب فكرة النقابات العمالية وتكوينها، والواضع الأول لكادر العمال في مصر ووضع الحد الأدنى للأجور وتوفير التأمين الاجتماعي لهم، وواضع نظام التسليف العقاري الوطني، كما أنه صاحب الأخذ بنظام الضريبة التصاعدية للدخل.


تأثر البابا شنودة به
تأثر به قداسة البابا شنودة الثالث، البابا 116 في تاريخ باباوات الإسكندرية، وكان دائما ما يردد مقولته الشهيرة "إن مصر ليس وطنا نعيش فيه بل وطنا يعيش فينا"، كما أن له مقولة أخرى تؤكد وطنيته، وحبه للجميع، وهي: "اللهم يا رب المسلمين والنصارى اجعلنا نحن المسلمين لك وللوطن أنصاراً، واجعلنا نحن نصارى لك، وللوطن مسلمين".

وفاته وتشييعه من الكنيسة المرقسية
توفى مكرم عبيد عام 1961، عن عمر يناهز الـ71 عاما، وتم تأبينه بالكنيسة المرقسية بالأزبكية وقد شارك أنور السادات نيابة عن الرئيس جمال عبد الناصر في تأبينه، ودفن بالقاهرة.